أبو زيد البلخي

علّامة مسلم في الطب والطب النفسي والرياضيات والجغرافيا

أحمد بن سهل، أبو زيد البَلْخِي (235 - 322 هـ / 849 - 934 م) الملقب: «الجاحظ الثاني» هو أحد حكماء الإسلام وعلمائهم البارزين في الأدب والفقه والفلسفة. كان عالم موسوعي في علوم الطب والطب النفسي والرياضيات والجغرافيا. كان تابعاً للعلامة الكندي ولد في إحدى قرى بلخ.[3] يعد رأس مدرسة في الجغرافية العربية، لعنايته بالخرائط في كتابه.[4]

أبو زيد البلخي
معلومات شخصية
الميلاد 850
بلخ
الوفاة 934
بلخ  تعديل قيمة خاصية (P20) في ويكي بيانات
مواطنة الدولة السامانية  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الحياة العملية
تعلم لدى الكندي[1]  تعديل قيمة خاصية (P1066) في ويكي بيانات
التلامذة المشهورون أبو الحسن العامري[2]  تعديل قيمة خاصية (P802) في ويكي بيانات
المهنة جغرافي،  وفيزيائي،  ورياضياتي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
اللغات العربية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات

ألف نحو سبعين كتاباً، ولكن فقد أغلبها.[5] تتلمذ عليه كثيرون، منهم: أبو جعفر الخازن وأبو الحسن العامري النيسابوري وأبو بكر الرازي وأبو محمد الوزيري ومعن بن فرعون.[6]

حياته عدل

ولد أبو زيد البلخي بناحية شامسيان ناحية من نواحي بلخ وكان واحد من أهل سجستان، بدأ حياته العملية كمعلم للصبيان، ثم سافر إلى أرض العراق لاقتباس العلوم على أيدي عدد من العلماء فتوجه إليها راجلا مع الحاج وأقام هناك حوالي ثماني سنوات، والتقى هناك بالكبار والأعيان، تتلمذ في البداية على يد أبي يوسف يعقوب بن اسحاق الكندي فأخد عنه الفلسفة والطب وعلوم الطبيعة وقد تعمق كثيراً في علم الفلسفة وبحث أصول الدين وبرز في علوم الطب والطبائع، فجاب البلاد شرقا وغربا ثم في نهاية المطاف عاد إلى بلده بلخ عن طريق هراة وسكن سمرقند.[7]

أعماله عدل

من بين الكتب العديدة التي نسبها إليه ابن الفريد من قبل ابن النديم يمكن للمرء أن يلاحظ امتيازاً في الرياضيات على اليقظة في علم التنجيم. يتألف كتابه صور الأقاليم بشكل رئيسي من الخرائط الجغرافية. وكتب أيضاً العمل الطبي والنفسي: مصالح الأبدان والأنفس.

يصف باحث معاصر الجزء الأكبر من أعماله على أنها «أكثر من ستين كتاباً ومخطوطة يبحث بدقة في تخصصات متنوعة مثل الجغرافيا والطب واللاهوت والفلسفة والسياسة والشعر والأدب والقواعد العربية وعلم التنجيم وعلم الفلك والرياضيات والسيرة الذاتية والأخلاق وعلم الاجتماع بالإضافة إلى مواضيع أخرى.»[8]

صور الأقاليم عدل

يتألف كتابه صور الأقاليم بشكل رئيسي من الخرائط الجغرافية. قاده ذلك إلى تأسيس «مدرسة البلخي» لرسم الخرائط الأرضية في بغداد. كما كتب الجغرافيون في هذه المدرسة عن الشعوب والمنتجات والعادات في المناطق في العالم الإسلامي بتوسع مع القليل من الاهتمام بالعوالم غير المسلمة.[9]

مصالح الأبدان والأنفس عدل

الصحة العقلية والمرض العقلي عدل

قدم أبو زيد البلخي مفاهيم الصحة العقلية والسلامة العقلية إلى علم النفس الإسلامي والتي ربطها في كثير من الأحيان بالصحة الروحية. كان أبو زيد البلخي أول من ناقش الأمراض المتعلقة بالجسد والروح بنجاح وذلك في كتابه «مصالح الأبدان والأنفس» (الحفاظ على الجسد والروح). وقد قام باستخدام مصطلح الطب الروحاني لوصف الصحة الروحية والنفسية ومصطلح طب القلب لوصف الطب النفسي. انتقد العديد من الأطباء في عصره لتركيزهم الشديد على الأمراض الجسدية وإهمال الاضطرابات العقلية أو النفسية لدى المرضى وقال إنه «بما أن الإنسان يتكون من روح وجسد فلا يمكن للوجود البشري أن يكون بصحة جيدة دون اشتباك الروح والجسد» وجادل أيضاً بأنه «إذا مرض الجسم فإن النفس تفقد جزءاً كبيراً من قدرتها المعرفية والإدراكية وتفشل في الاستمتاع بالجوانب المرغوبة في الحياة» وأنه «إذا مرضت النفس فقد لا يجد الجسم أية متعة أيضاً وقد يتطور في النهاية إلى مرض جسدي». تتبع البلخي أفكاره حول الصحة العقلية لآيات من القرآن الكريم والأحاديث المنسوبة إلى الرسول محمد، مثل:[10]

«في قلوبهم مرضٌ» القرآن 2:10

«أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» صحيح البخاري، كتاب الإيمان

«إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» مسند أحمد ابن حنبل رقم 8707

علم النفس الطبي والمعرفي والعلاج المعرفي عدل

كان أبو الزيد البلخي أول من ميّز بين العصاب والذهان وأول من قام بتصنيف الاضطرابات النفسية والعلاج المعرفي الرائد من أجل علاج كل من هذه الاضطرابات المصنفة. صنّف العصاب إلى أربعة اضطرابات عاطفية: الخوف والقلق، الغضب والعدائية، الحزن والاكتئاب، والهوس. كما صنف الاكتئاب إلى ثلاثة أنواع: الاكتئاب الطبيعي أو الحزن، الاكتئاب داخلي المنشأ من داخل الجسم، الاكتئاب السريري الارتكاسي الناشئ خارج الجسم. كتب أيضاً أنه يجب على الفرد السليم الاحتفاظ دائماً بالمشاعر والأفكار الصحية في ذهنه في حال حدوث فورات عاطفية غير متوقعة بنفس الطريقة التي يتم بها إبقاء الأدوية وطب الإسعافات الأولية في مكان قريب لحالات الطوارئ الجسدية غير المتوقعة. وذكر أن التوازن بين العقل والجسم ضروري لصحة جيدة وأن الخلل بين الاثنين يمكن أن يسبب المرض. قدم البلخي أيضاً مفهوم التثبيط المتبادل «العلاج بالضد» الذي أعاد جوزيف وولب تقديمه بعد ألف عام في عام 1969.[11]

الفيزيولوجيا النفسية والطب النفسي الجسدي عدل

كان الطبيب المسلم أبو زيد البلخي رائدًا في العلاج النفسي والفيزيولوجيا النفسية والطب النفسي الجسدي. لقد أدرك أن الجسم والروح يمكن أن يكونا أصحاء أو مضطربين أو «متوازنين أو غير متوازنين» وأن المرض العقلي يمكن أن يكون له أسباب نفسية و/أو فيزيولوجية. وكتب أن الخلل في الجسم يمكن أن يؤدي إلى الحمى والصداع وغيرها من الأمراض الجسدية في حين أن اختلال الروح يمكن أن يؤدي إلى الغضب والقلق والحزن والأعراض العقلية الأخرى. لقد أدرك نوعين من الاكتئاب: أحدهما ناتج عن أسباب معروفة مثل الخسارة أو الفشل والتي يمكن علاجها نفسياً من خلال كلتا الطريقتين الخارجيتين (مثل الكلام المقنع والوعظ والإرشاد) والطرق الداخلية (مثل «تطور الأفكار الداخلية والإدراك التي تساعد الشخص على التخلص من حالته الاكتئابية»)، والآخر ناتج عن أسباب غير معروفة مثل «محنة مفاجئة من الحزن والضيق والذي يستمر طوال الوقت ويمنع الشخص المصاب من أي نشاط جسدي أو إظهار أية سعادة والاستمتاع بأي من الملذات» والتي قد تسببها الاضطرابات الفيزيولوجية (مثل شوائب الدم) ويمكن علاجه من خلال الطب الجسدي.[10] كما كتب أيضاً مقارنات ما بين الطب الجسدي والطب النفسي وأظهر كيف يمكن أن تحدث الاضطرابات النفسية الجسدية بسبب تفاعلات معينة بينها.[11]

مكانته عدل

بالغ العلماء في إطرائه والثناء عليه فهو صرف عمره في التصنيف والتدريس والإفادة والاستفادة.

قال عنه ياقوت في معجم الأدباء:

(كان فاضلا قائما بجميع العلوم القديمة والحديثة يسلك في مصنفاته طريقة الفلاسفة إلا أنه بأهل الأدب أشبه)

أما أبو حيان التوحيدي وفي كتاب النظائر فقال:

(أبو زيد البلخي يقال له بالعراق جاحظ العراق وأضاف: انه لم يتقدم له شبيه ونظير لدرجة ان من تمعن في كلامه في كتابه أقسام العلوم وكتاب اختلاف الامم وكتاب أخبار النبين وغيرهما لعلم أنه خزانه بحر الوجود وحبر جمع بين الحكمة والشعر)

تميز أبو زيد بدراسته الشاملة والمعمقة للأمور فبرع في ذلك واستحق كل إجلال وتقدير لما أعطاه من مدد علمي فكري، وإنتاج خصيب في نواحي المعرفة الإنسانية، وقد أثبت جميع من كتب عنه من العلماء والأدباء بأنه ذو عقل راجح لا يتوانى عن تفجير طاقته في تمحيص الحقيقة في شغف ومرونة فهو واحد من أعلام الفكر والمعرفة، ومن الشخصيات المهمة والبارزة في الفلسفة والرياضيات والمعارف القديمة والحديثة الإسلامية من أدب وشعر وتفسير وتشريع.[12]

تلامدته عدل

تتلمذ على يديه عدد من رواد العلم والباحثين، الذين غدوا فيما بعد من الفلاسفة النابغين من امثال:

المراجع عدل

  1. ^ . ص. 11 https://www.google.fr/books/edition/The_Theology_of_Ab%C5%AB_l_Q%C4%81sim_al_Balkh%C4%AB/9nwJDAAAQBAJ?hl=fr&gbpv=0. {{استشهاد ويب}}: |url= بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط |title= غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة)
  2. ^ https://plato.stanford.edu/entries/al-kindi/#Leg. اطلع عليه بتاريخ 2022-07-23. {{استشهاد ويب}}: |url= بحاجة لعنوان (مساعدة) والوسيط |title= غير موجود أو فارغ (من ويكي بيانات) (مساعدة)
  3. ^ الزركلي، خير الدين (1980). "البَلْخِي". موسوعة الأعلام. موسوعة شبكة المعرفة الريفية. مؤرشف من الأصل في 12 يوليو 2012. اطلع عليه بتاريخ 21 تشرين الأول 2011. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  4. ^ "أبو زيد البلخي، أحمد بن سهل". الموسوعة العربية الميسرة. موسوعة شبكة المعرفة الريفية. 1965. مؤرشف من الأصل في 10 يوليو 2012. اطلع عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني 2011. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  5. ^ البابا، محمد زهير. "البلخي (أبو زيد ـ)". الموسوعة العربية. مؤرشف من الأصل في 4 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 12 تشرين الثاني 2011 م. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  6. ^ الطحان، محمد جمال. "المخطوطات المطوية لأبى زيد البلخي". مركز المخطـوطات. مؤرشف من الأصل في 7 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 14 تشرين الثاني 2011 م. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  7. ^ المكتبة الشاملة، نسخة محفوظة 25 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ Malik Badri, Abu Zayd al-Balkhi’s Sustenance of the Soul: The Cognitive Behavior Therapy of a Ninth Century Physician, International Institute of Islamic Thought (IIIT) (2013), p. 1
  9. ^ E. Edson and Emilie Savage-Smith, Medieval Views of the Cosmos, pp. 61–3, Bodleian Library, جامعة أوكسفورد
  10. ^ أ ب Nurdeen Deuraseh and Mansor Abu Talib (2005), "Mental health in Islamic medical tradition", The International Medical Journal 4 (2), p. 76–79.
  11. ^ أ ب Amber Haque (2004), "Psychology from Islamic Perspective: Contributions of Early Muslim Scholars and Challenges to Contemporary Muslim Psychologists", Journal of Religion and Health 43 (4): 357–377 [362]
  12. ^ أ ب الموسوعه العربية نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.

وصلات خارجية عدل