سفر التكوين

الكتاب الأول من الأناجيل المسيحية والعبرية

سفر التكوين هو أول أسفار الكتاب المقدس العبري والعهد القديم المسيحي.[2][3][4] يُعد سفر التكوين مصدرًا للرواية الدينية حول قصة الخلق، وبداية التاريخ الإنساني، وأصول اليهود.[5] سفر التكوين هو أيضًا جزء من التوراة أو أسفار موسى الخمسة، الكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس. تقليديًا، يعد النبي موسى هو مؤلف التوراة؛ ومع ذلك، فإن العلماء المعاصرين، وخاصة منذ القرن التاسع عشر الميلادي، يعزون تأليف الأسفار إلى مؤلفين متعددين بين القرنين العاشر والخامس قبل الميلاد.[6][7] استنادًا إلى التفسير العلمي للأدلة الأثرية والوراثية واللغوية، يعتبر معظم العلماء الكتابيين أن سفر التكوين أسطوري في المقام الأول وليس مصدرًا تاريخيًا.

سفر التكوين
معلومات عامة
اللغة
العنوان الأصلي
Genesis (باللغات متعددة) عدل القيمة على Wikidata
الموضوع
النوع الأدبي
شخصيات
التقديم
الأجزاء
المعرفات والمواقع
الكونغرس
BS1231-BS1235.6[1] عدل القيمة على Wikidata
ويكي مصدر
كتب أخرى للمؤلف
السلسلة

ينقسم سفر التكوين إلى قسمين، التاريخ البدائي [الإنجليزية] (الأصحاحات 1-11) وتاريخ الآباء (الأصحاحات 12-50).[8] يعرض التاريخ البدائي مفاهيم المؤلف عن طبيعة الإله وعلاقة الإنسان بخالقه: خلق الإله عالمًا صالحًا ومناسبًا للبشر، ولكن عندما يفسده الإنسان بالخطيئة، يقرر الإله أن يهلك خليقته، ولا يستبقي إلا الصالحين، مثلما قام نوح وعائلته بإعادة العلاقة بين الإنسان والإله.[9] يحكي تاريخ الآباء (الأصحاحات 12-50) عن التاريخ الأول لبني إسرائيل، شعب الله المختار.[10] بأمر من الإله، يسافر إبراهيم، سليل نوح، من مكان ولادته (الموصوف بأور الكلدانيين والذي يعتبر ارتباطها بأور السومرية محل دراسة في الدراسات الحديثة) إلى أرض كنعان التي باركها الإله، حيث يسكن كنزيل، وكذلك فعل ابنه إسحاق وحفيده يعقوب. تغير اسم يعقوب إلى "إسرائيل"، وبشفاعة من ابنه يوسف نزل بنو إسرائيل إلى مصر، وكان عددهم الاجمالي وقتها 70 شخصًا، ومع وعد من الإله بمستقبل عظيم. ينتهي سفر التكوين بتواجد بني إسرائيل في مصر، قبل مجيء موسى الذي أخرجهم من مصر. يتخلل السرد سلسلة من العهود مع الإله، يضيق نطاقها على التوالي من جميع البشر (العهد مع نوح) إلى علاقة خاصة مع شعب واحد فقط (إبراهيم ونسله من خلال إسحاق ويعقوب).[11]

في اليهودية، تتمحور الأهمية الدينية لسفر التكوين حول العهود التي تربط الإله بشعبه المختار وبين الشعب وأرض الميعاد. في كل من اليهودية والمسيحية، ظهر نوع من الأدب اختصّ بتفسير قصة الخلق في سفر التكوين والتعليق عليها، والمعروف باسم علم الأيام الست [الإنجليزية].

التسمية عدل

يسمى سفر التكوين في النسخة العبرية، باسم " בְּרֵאשִׁית " وتُنطق "بي رشيت"، ومعناها "في البدء"، نسبة إلى أولى كلمات السفر [الإنجليزية].[12] ظل الاسم "بيرشيت" مستخدمًا حتى العصور القديمة المتأخرة حتى أن جيروم استخدمه للإشارة إلى السفر سنة 390م.[13] وعندما ترجم علماء اليهود كتبهم المقدسة إلى العامية اليونانية في الفترة الهلنستية، أعطوا السفر عنوانًا يصف محتوياته " Γένεσις " وينطق "جينيسيس" ويعني "الأصل" (أي أصل العالم). استعارت الترجمة اللاتينية الفولغاتا، هذا الاسم من اليونانية،[12] ومنذئذ يُستخدم في العديد من طبعات الكتاب المقدس وكذلك في العلوم الدينية. كما يشيع استخدام مصطلح "سفر موسى الأول" في العالم البروتستانتي، هو مصطلح له جذوره أيضًا في روايات تعود إلى العصور القديمة، حيث وصف يوسيفوس فلافيوس التوراة بأنها "أسفار موسى الخمسة" في القرن الأول الميلادي.[14]

التأليف عدل

وفقًا للمعتقد الديني اليهودي والمسيحي، فإن أسفار موسى الخمسة بأكملها – التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية – تُنسب إلى النبي موسى الذي كتب الأسفار في برية قادش قبيل وفاته في مرحلة التيه.[15] خلال عصر التنوير، شكك الفيلسوفان باروخ سبينوزا وتوماس هوبز في مسألة التأليف الموسوي. في القرن السابع عشر الميلادي، طرح ريتشارد سيمون فكرة أن أسفار موسى الخمسة قد كُتبت على يد عدة مؤلفين على مدى فترة طويلة من الزمن.[16][17] كان الذي دعا سيمون لطرح فكرته حول وجود عدة مؤلفين للنص ما وجده من تناقضات داخلية داخل النص نفسه. على سبيل المثال، يتضمن سفر التكوين روايتين عن قصة الخلق.[18]

بحلول أوائل ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي، باتت النظرية الأساسية حول تأليف أسفار موسى الخمسة هي الفرضية التكميلية القديمة. ترى هذه النظرية أن الأجزاء الأولى، ما يسمى بسفر الأصول (الذي يحتوي على الأصحاح الأول من سفر التكوين ومعظم القوانين الكهنوتية في أسفار الخروج واللاويين والعدد)، أُلّفت في زمن الملك سليمان على يد كاهن أو لاوي. استخدم هذا المؤلف الكلمة العبرية "إلوهيم" للإشارة إلى الإله. ثم توسّع هذا العمل الأصلي في القرن الثامن قبل الميلاد، مع استخدام الاسم "يهوه" للدلالة على الإله. وفي القرن السابع قبل الميلاد، في زمن النبي إرميا، أضيفت الإضافات الأخيرة لأسفار موسى الخمسة، وتحديدًا الأجزاء الرئيسية من سفر التثنية. وهذا يعني أن أسفار موسى الخمسة وصلت إلى شكلها النهائي قبل السبي البابلي (ق. 598 ق.م.– ح.  538 ق.م.).[19]

مع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، تبنّى معظم العلماء نظرية الفرضية الوثائقية.[20] تقول هذه النظرية بأن أسفار أسفار موسى الخمسة جاءت من أربعة مصادر: اليهوي والإلوهيمي والتثنوي والكهنوتي. كان كل مصدر منها يروي القصة ذاتها، وثد دُمجت تلك المصادر معًا لاحقًا على أيدي محررين مختلفين.[21] تمكن العلماء من التمييز بين هذه المصادر بناءً على مسمياتها للإله. على سبيل المثال، يستخدم المصدر اليهودي الاسم يهوه، في حين يستخدم المصدران الإلوهيمي والكهنوتي مصطلح إلوهيم.[22] استخدم العلماء أيضًا القصص المتكررة لتحديد المصادر المنفصلة. في سفر التكوين، هناك قصتان للخلق، وثلاث روايات مختلفة عن قصص الزوجة الأخت [الإنجليزية]، ونسختان من قصة إرسال إبراهيم لهاجر وإسماعيل إلى الصحراء.[23]

وفقًا للفرضية الوثائقية، أُنتج المصدر اليهوي خلال القرن التاسع قبل الميلاد في مملكة يهوذا الجنوبية، ويُعتقد أنه المصدر الأقدم. بينما كُتب المصدر الإلوهيمي في مملكة إسرائيل الشمالية خلال القرن الثامن قبل الميلاد. فيما كُتب المصدر التثنوي في مملكة يهوذا في القرن السابع قبل الميلاد، وارتبط بالإصلاحات الدينية للملك يوشيا ق. 625 ق.م. أما أحدث المصادر فهو المصدر الكهنوتي الذي كتب خلال القرن الخامس قبل الميلاد في بابل. بناءً على هذه التواريخ، فإن سفر التكوين وبقية أسفار موسى الخمسة لم يصل إلى شكله النهائي الحالي إلا بعد السبي البابلي. زعم يوليوس فلهاوزن أن أسفار موسى الخمسة قد استقرت في هيئتها النهائية في زمن عزرا. وفقًا عزرا 7: 14، سافر عزرا من بابل إلى القدس سنة 458 ق.م.، وكان يحمل شريعة الله في يده. زعم فلهاوزن بأن تلك الشريعة التي حملها عزرا هي أسفار موسى الخمسة التي جُمعت حديثًا وقتئذ. وفقًا لفلهاوزن، يصف نحميا 8 - 10، عرض عزرا للشريعة على شعب بني إسرائيل، وتقبُّلهم لها ق. 444 ق.م.[20][22] لذا، فهناك فجوة زمنية كبيرة بين المصادر الأولى لأسفار موسى الخمسة، وفترة حياة موسى التي زعموا أنها تصفها، والتي انتهت ق. 1200 ق.م.[24]

تمسّك معظم العلماء بالفرضية الوثائقية حتى ثمانينيات القرن العشرين الميلادي. منذ ذلك الحين، ظهرت عدد من التغييرات والمراجعات على الفرضية الوثائقية.[25] كان أبرزها الفرضية التكميلية الجديدة التي ترى أن هناك ثلاثة مصادر رئيسية لأسفار موسى الخمسة: اليهوي، والتثنوي، والكهنوتي.[26] اعتبرت هذه الفرضية أن المصدر الإلوهيمي ليس إلا تعديلًا على المصدر اليهوي، وأن المصدر الكهنوتي هو مجموعة من المراجعات والتوسيعات لمادة المصدر اليهوي (أو "غير الكهنوتي"). كما أن المصدر التثنوي لم يظهر في سفر التكوين.[27] أحدث الأفكار المعاصرة تقول بأن تاريخ المصدر اليهوي يرجع إلى ما قبل أو أثناء السبي البابلي مباشرة، وأن الهيئة النهائية للمصدر الكهنوتي صدرت في أواخر فترة السبي أو بعدها بوقت قصير.[7] أدى الغياب شبه الكامل لجميع الشخصيات والحوادث المذكورة في التاريخ البدائي عن بقية الكتاب المقدس العبري إلى استنتاج أقلية كبيرة من العلماء أن هذه الأصحاحات أُلّفت في وقت لاحق بكثير عن تلك التي تليها، ربما في القرن الثالث قبل الميلاد.[28]

أما بالنسبة لسبب كتابة سفر التكوين، فإن النظرية التي حظيت باهتمام كبير، رغم أنها لا تزال مثيرة للجدل، هي نظرية التفويض الملكي الفارسي. تشير هذه النظرية إلى أن الفرس الأخمينيين، بعد غزوهم لبابل سنة 539 ق.م.، وافقوا على منح القدس قدرًا كبيرًا من الحكم الذاتي المحلي داخل الإمبراطورية، لكنهم طلبوا من السلطات المحلية إصدار شريعة مُوحّدة يقبلها المجتمع بأكمله. كانت المجموعتان القويتان اللتان شكّلتا المجتمع - العائلات الكهنوتية التي سيطرت على الهيكل الثاني والتي تُرجع نسبها إلى أسرة موسى منذ فترة التيه في البرية، والعائلات الكبرى من ملاك الأراضي التي شكّلوا "الشيوخ" والذين يُرجعون نسبهم إلى إبراهيم، الذي "أعطاهم" الأرض - في صراع حول العديد من القضايا، وكان لكل منهم "تاريخ أصله" الخاص. ومع ذلك، فإن الوعد الفارسي بزيادة الحكم الذاتي المحلي للجميع قدّم حافزًا قويًا للتعاون في إنتاج نص واحد.[29]

نوعية السفر عدل

يعد سفر التكوين مثالًا على الأعمال الأدبية "الأثرية"، التي عرفها الرومان، وهو نوع شعبي يحكي هيئة البشر وأسلافهم وأبطالهم، مع سلاسل أنساب وتسلسلات زمنية متقنة متكاملة من خلال قصص وحكايات.[30] برز هذا اللون الأدبي في أعمال المؤرخين اليونانيين في القرن السادس قبل الميلاد، حيث كانوا يهدفون إلى ربط العائلات البارزة في عصرهم بماضي بعيد وبطولي، ومن خلال القيام بذلك لم يميزوا بين الخرافة والأسطورة والحقائق.[31] يُسمّي البروفيسور جان-لويس سكا من المعهد البابوي للكتاب المقدس، القاعدة الأساسية التي التزم بها المؤرخ الأثري هي "قانون الحفظ": كل شيء قديم ذو قيمة، ولا يُتخلّص من أي شيء. كان هذا القِدَمْ ضروريًا لإثبات قيمة روايات بني إسرائيل أمام الأمم (جيران اليهود في مقاطعة يهودا الفارسية القديمة)، وللتوفيق بين الفصائل المختلفة داخل مجتمع بني إسرائيل نفسه، وتوحيدهم.[32]

في وصفه لعمل مؤلفي الكتاب المقدس، كتب جون فان سيترز [الإنجليزية] أنه بسبب افتقارهم إلى العديد من الروايات التاريخية وعدم وجود أي شيء من الماضي البعيد، "كان عليهم استخدام الخرافات والأساطير حول الفترات القديمة. من أجل جعل إصدارات القصص المختلفة والمتضاربة في كثير من الأحيان تبدو معقولة، ولربط القصص ببعضها البعض، قاموا بتركيبها مع تسلسل أنساب زمني".[33] ويصف تريمبر لونجمان [الإنجليزية] سفر التكوين بأنه تاريخ ديني، قائلًا: "إن حقيقة وقوع هذه الأحداث مفترضة، وليست مزعومة. إن اهتمام النص ليس إثبات التاريخ بل إقناع القارئ بالأهمية الدينية لهذه الأحداث".[34]

الشواهد النصية عدل

هناك أربع شواهد نصية رئيسية لسفر التكوين: المخطوطات الماسورية، والتوراة السامرية، والترجمة السبعينية وقصاصات سفر التكوين التي عُثر عليها في خربة قمران. تعد مجموعة قمران الأقدم، ولكنها تغطي جزء بسيط من السفر؛ بشكل عام، النص الماسوري محفوظ جيدًا وموثوق به، ولكن هناك العديد من الحالات الفردية التي كانت الإصدارات الأخرى تحتوي فيها على قراءة أفضل من النص الماسوري.[35]

البنية عدل

تُمثّل الأصحاحات من 1 إلى 11 من سفر التكوين ما يسمى بالتاريخ البدائي. ومع ذلك، فهو ليس تأريخًا بقد ما هو "سلسلة من الروايات التي تسعى إلى تسليط الضوء على الروابط الأساسية ومعنى الوجود الإنساني".[36] يتمتع التاريخ البدائي باستقلال نسبي عن باقي محتوى سفر التكوين (وعن أسفار موسى الخمسة)، لذا غالبًا ما يُنظر إليه بمعزل عن غيره.[37]

يبدو أن سفر التكوين يتمحور حول العبارة العبرية القديمة المتكررة "إيليه توليدوت"، والتي تترجم بالعربية إلى "هذه مبادئ" أو "هذه مواليد"، حيث يشير الاستخدام الأول للعبارة إلى "مبادئ السماء والأرض"(التكوين 2: 4) والباقي يشير إلى نسل شخصيات.[38] وردت صيغة "توليدوت" أحد عشر مرة في سفر التكوين، وهي بمثابة عنوان يشير إلى الانتقال إلى موضوع جديد.[39] إن رواية قصة الخلق في الأصحاح الأول من سفر التكوين تعمل كمقدمة للكتاب بأكمله، ومع ذلك لم تتقدمها صيغة "توليدوت". قسّمت صيغة "توليدوت" الكتاب إلى الأقسام التالية:[40][41]

  1. التكوين 1: 1 - 2: 3 في البدء [الإنجليزية] (مقدمة)
  2. التكوين 2: 4 – 4: 26 مبادئ السماوات والأرض (قصة)
  3. التكوين 5: 1 – 6: 8 مواليد آدم (أنساب)
  4. التكوين 6: 9 – 9: 29 مواليد نوح (قصة الطوفان)
  5. التكوين 10: 1 – 11: 9 مواليد أبناء نوح سام وحام ويافث (أنساب)
  6. التكوين 11: 10–26 مواليد سام (أنساب)
  7. التكوين 11: 27 – 25: 11 مواليد تارح (قصة إبراهيم)
  8. التكوين 25: 12–18 مواليد إسماعيل (أنساب)
  9. التكوين 25: 19 – 35: 29 مواليد إسحاق (قصة يعقوب)
  10. التكوين 36: 1 – 36: 8 مواليد عيسو (أنساب)
  11. التكوين 36: 9 – 37: 1 مواليد عيسو أبو أدوم (أنساب)
  12. التكوين 37: 2 – 50: 26 مواليد يعقوب (قصة يوسف)

ومع ذلك، من غير الواضح ما الذي يعنيه هذا بالنسبة للمؤلفين الأصليين، ويقسمه معظم المفسرين المعاصرين إلى قسمين بناءً على الموضوع، "التاريخ البدائي" (الأصحاحات 1-11) و"تاريخ الآباء" (الأصحاحات 12–50).[42] رغم أن القسم الأول أقصر بكثير من القسم الثاني، إلا أنه يحدد الموضوعات الأساسية ويوفر مفتاحًا تفسيريًا لفهم السفر بأكمله.[43] للتاريخ البدائي هيكل متناسق يتأرجح حول الأصحاحات 6-9، أي قصة الطوفان، مع الأحداث التي سبقت الطوفان التي انعكست على الأحداث التي تلته؛[44] ويتمحور تاريخ الآباء حول الآباء الثلاثة إبراهيم ويعقوب ويوسف.[45] (يمكن القول إن قصص إسحاق لا تشكل سلسلة متماسكة من القصص، بل تعمل كجسر بين سلاسل قصص إبراهيم ويعقوب).[46]

محتوى السفر عدل

التاريخ البدائي (الأصحاحات 1–11) عدل

 
سفينة نوح (1846)، لوحة للرسام الأمريكي إدوارد هيكس.

وفقًا لتقسيم بنية السفر بحسب سلاسل الأنساب (توليدوت)، ينقسم التاريخ البدائي إلى:

  • التكوين (1: 1 - 2: 3) قصة خلق السماوات والأرض (وفقًا لرواية المصدر الكهنوتي الذي تميّز باستخدام لفظ إلوهيم، الكلمة العبرية العامة التي تشير إلى الإله، وقالت بأنه خلق السماوات والأرض بما في ذلك الإنسان، في ستة أيام، واستراح في اليوم السابع.)
  • التكوين (5: 1-32) تسلسل النسب من آدم إلى نوح.
  • التكوين (6: 9 - 9: 29) قصة طوفان نوح. (بعد أن مرت أجيال عديدة من آدم من نسل قايين وشيث، أصبح العالم فاسدًا بسبب خطيئة الإنسان والجبابرة، وأراد الإله محو البشر بسبب شرورهم. لكن كان نوح هو الإنسان الصالح الوحيد؛ لذا أمر الإله نوح الصالح وعائلته أولًا ببناء الفُلك، ووضع أزواجًا من جميع الحيوانات عليه، سبعة أزواج من كل حيوان طاهر، وزوج واحد من كل حيوان نجس. ثم أرسل الإله طوفانًا عظيمًا ليمحو بقية العالم. عندما انحسرت المياه، وعد الإله بأنه لن يهلك العالم بالماء مرة أخرى، وجعل قوس قزح رمزًا لوعده.)
  • التكوين (10) قصة سام وحام ويافث أبناء نوح (تقسيم الأمم). طالت قصة تقسيم الأمم إضافات تحريرية وتحديثات لاحقة، منها الإضافة في التكوين 10: 8-12 التي كانت للإشارة إلى النمرود.[47]
  • التكوين (11: 10-26) سلسلة النسب من سام إلى تارح أبو إبراهيم.

يُعتقد أن مصدر إطار الأنساب هذا في روايتي الخلق والطوفان هو المصدر الكهنوتي الذي يرجع تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد؛ على الرغم من أن هذه الفرضية مثيرة للجدل إلى حد كبير، إلا أن هناك إجماعًا واسعًا على ذلك حتى هذه اللحظة.[48] بينما يُنسب إلى المصدر اليهوي (غير الكهنوتي) قصص:

  • التكوين (2: 4 - 3: 24) قصة الجنة (أي قصة الخلق[ا] وسقوط الإنسان في المصدر اليهوي الذي يشير إلى الإله باسم "يهوه إلوهيم" (تترجم إلى العربية "الرب الإله")، الذي خلق شخصين، آدم وحواء، كأول رجل وامرأة، ووضعهما في جنة عدن. وفي الأصحاح الثالث يأمرهم الإله ألا يأكلوا من ثمر شجرة معرفة الخير والشر. فوعدوا بعدم القيام بذلك، ولكن حيّة ناطقة، التي تُصوّر على أنها مخلوق مخادع أو محتال، اقنعت حواء بأكل الفاكهة ضد رغبة الإله، واقنعت حواء آدم، وعندها طردهم الإله ولعن كليهما - كانت لعنة آدم بأنه لن يحصل على ما يحتاج إلا بالعرق والعمل، ولعنة حواء أن تكون الولادة مؤلمة.)؛
  • التكوين (4: 1–26) قصة قايين وهابيل (تدور القصة حول ابني آدم قايين الذي كان مزارعًا، وهابيل الذي كان راعيًا، وقدّما قرابين للإله ذات يوم، فلم يقبل الإله قربان قايين، وقبل قربان هابيل. فاستاء قايين من أخيه هابيل، وانتهي الأمر بأن قتل قايين هابيل. ثم لعن الإله قايين [الإنجليزية]. بعدئذ، حملت حواء بولدٍ آخر، شيث، ليأخذ مكان هابيل.[50][51]
  • التكوين (6: 9 - 9: 29) قصة الطوفان (تتداخل مع قصة الطوفان في المصدر الكهنوتي). على الرغم من أن الإله رأى شرور البشر قبل الطوفان هي نفسها بعد الطوفان،[52] ومع ذلك قطع معهم عهدًا، وضمن استمرارية الأرض. وهكذا يصف الكاتب التغيير في اللاهوت، أي "كيف أصبح يهوه قادرًا على التغلب على "ندمه" على خلق البشر".[53]

بقيت المقاطع التالية من التاريخ البدائي:

  • التكوين (6: 1-4) قصة الزواج بين أبناء الله وبنات الناس، وهو نص غامض فُسّر قديمًا على أنه "سقوط الملائكة"، وبالتالي أصبح مقدمة لسرد الطوفان.[54] يعتقد بينو جاكوب [الإنجليزية] ومن بعده جيرهارد فون راد [الإنجليزية] أن الجبابرة والأبطال المولودين من هذه الزيجات دلالة على "ظهور بشر خارقين"؛ ونظرًا لأنه لم يكن هناك فاصل بعد بين العالم السماوي وعالم البشر، فقد لوحظ "انحطاط الخليقة بأكملها"، لذا كان تدميرها الجذري بالطوفان هو "الرد الإلهي على انتشار الخطيئة".[55]
  • التكوين (11: 1-9) قصة برج بابل، والتي يُعتقد أنها من إضافات المحررين[56] الذين حاولوا تفسير انقسام البشر إلى لغات عدة، وسبب فرقتهم.

عصر الآباء (الأصحاحات 12–50) عدل

 
رحلة إبراهيم من أور إلى أرض كنعان لوحة الرسام يوسف مولنار (1850).

أمر الإله أبرام، وهو رجل من نسل نوح، بالسفر من موطنه في بلاد الرافدين إلى أرض كنعان. هناك، قطع الإله وعدًا لأبرام، بأن يُكثّر نسله مثل النجوم، ولكن سيعاني نسله من الظلم في أرض غريبة لمدة أربعمائة سنة، ثم سيرثون الأرض "من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات".(التكوين 15: 18) تغيّر اسم أبرام إلى "إبراهيم" واسم زوجته ساراي إلى سارة (أي "أميرة")، ثم يقول الإله إنه ينبغي ختان جميع الذكور كعلامة على وعده لإبراهيم. بسبب كبر سنها، طلبت سارة من إبراهيم أن يأخذ جاريتها المصرية، هاجر، كزوجة ثانية (لتنجب طفلاً). ومن هاجر أنجب إبراهيم إسماعيل.

ثم يخطط الإله لتدمير مدينتي سدوم وعمورة بسبب خطايا شعبهما. اعترض إبراهيم، لكنه فشل في إقناع الإله بالتنحي عن تدمير المدن (مبررًا لإبراهيم أنه لن يجد فيها عشرة من الصالحين؛ ومن بين هؤلاء الصالحين كان لوط ابن أخ إبراهيم). أنقذ الملائكة لوط (الذي كان يعيش هناك) وعائلته، لكن زوجته نظرت خلفها إلى الدمار (مخالفة أمر الإله بعدم القيام بذلك)، فتحولت إلى عمود ملح. أصبحت بنات لوط الهاربات قلقات من ألا يجدن أزواجًا أبدًا، فيُسكرون أبوهم لوط حتى يحملن منه، ويلدن أسلاف الموآبيين والعمونيين.

يذهب إبراهيم وسارة إلى بلدة جرار [الإنجليزية]، متظاهرين بأنهما أخ وأخت (إخوة غير أشقاء). يأخذ أبيمالك ملك جرار سارة زوجةً له، لكن الإله ينبّهه في الحلم أنها متزوجة فيعبدها إلى إبراهيم. ثم أرسل الإله لسارة ابنًا، وأخبرها بأن تسميه إسحاق؛ الذي من خلاله سيُقيم العهد (الوعد). ثم تطرد سارة إسماعيل وأمه هاجر إلى البرية (لأن إسماعيل ليس ابنها الحقيقي وهاجر جارية)، لكن الإله ينقذهما، ويعد بجعل إسماعيل أمة عظيمة.

 
الملاك يمنع التضحية بإسحاق (رامبرانت، 1635)

ثم يختبر الإله إبراهيم بمطالبته بالتضحية بإسحاق [الإنجليزية]. وبينما كان إبراهيم على وشك وضع السكين على رقبة ابنه، منعه "ملاك الرب"، ووعده مرة أخرى بنسل لا يحصى. عند وفاة سارة، اشترى إبراهيم مغارة المكفيلة (التي يُعتقد أنها مدينة الخليل الحديثة) لتكون قبرًا لعائلته، وأرسل خادمه إلى بلاد الرافدين ليجد بين أقاربه زوجة لإسحاق؛ بعد أن أثبتت جدارتها، أصبحت رفقة خطيبة لإسحاق. تزوج إبراهيم بعدئذ من قطورة التي ولدت له العديد من الأطفال، ومن بين نسلهم المديانيون. مات إبراهيم، ودفنته عائلته في المكفيلة.

أنجبت رفقة زوجة إسحاق التوأم عيسو، أبو الأدوميين، ويعقوب. كان عيسو الأكبر لأنه خرج من الرحم أولاً؛ ومع ذلك، لكن بسبب إهماله، باع بكوريته ليعقوب مقابل وعاء من الحساء. ثم يترك يعقوب والديه ويبحث لاحقًا عن زوجة، ويلتقي براحيل عند البئر. يذهب إلى والدها، خاله، حيث يعمل لديه 14 عامًا مهرًا لزوجتيه، راحيل وليئة. تغير اسم يعقوب إلى إسرائيل بعد مصارعته مع ملاك، وأنجب من زوجاته وجواريهن اثني عشر ابنًا، أسلاف أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، وابنة اسمها دينة. اغتصب شكيم بن حمور الحوّي دينة بنت يعقوب، وطلب من والده أن يتزوجها. وافق يعقوب على الزواج، لكنه طلب ختان جميع ذكور قبيلة حمور، بما في ذلك حمور وشكيم. وبعد أن تم ذلك، وبينما جميع الرجال في حالة الضعف، قتل شمعون ولاوي ابني يعقوب، جميع ذكور قبيلة حمور. استنكر يعقوب تصرفهم هذا الذي يعني انتقام الآخرين، أي الكنعانيين والفرزيين. استولى يعقوب وبنيه على جميع نساء وأطفال الحويين، وماشيتهم وباقي ممتلكاتهم الأخرى.[57]

 
يوسف يفسر حلم ملك مصر.

أثار يوسف، الابن المفضل ليعقوب من بين أبنائه الاثني عشر، غيرة إخوته، فباعوا يوسف عبدًا إلى مصر. يتحمل يوسف العديد من التجارب بما في ذلك الحكم عليه بالسجن رغم براءته، لكنه ظل مخلصًا للإله. بعد عدة سنوات، نجى بعد أن طلب منه ملك مصر تفسير حلم رآه عن مجاعة قادمة، وفألهم الإله يوسف بتفسير الحلم. ثم أصبح الرجل الثاني في مصر امتنانًا من الملك، وبعد ذلك اجتمع شمل يوسف مع والده وإخوته، الذين فشلوا في التعرف عليه حين جاءوا لطلب الطعام بعد وصول المجاعة إلى كنعان أيضًا. بعد الكثير من الاختبارات لمعرفة ما إذا كانوا لا يزالون يكرهونه، كشف يوسف عن نفسه، وغفر لهم أفعالهم، وسمح لهم ولأسرهم بالدخول إلى مصر، حيث خصص لهم الملك أرض جاسان. دعا يعقوب أبنائه قبل موته، وكشف لهم عن مستقبلهم. عاش يوسف حتى شاخ، وطلب من إخوته قبل وفاته أن إذا أخرجهم الإله من البلاد، فعليهم أن يأخذوا عظامه معهم.

السمات عدل

الوعد للآباء عدل

 
إخوة يوسف يتعرفون عليه (ليون بيير أوربان بورجوا، 1863)

في سنة 1978م، نشر ديفيد كلاينز [الإنجليزية] كتاب "موضوع أسفار موسى الخمسة". نظرًا لكونه مؤثرًا باعتباره أحد المؤلفين الأوائل الذين تناولوا مسألة الموضوع الشامل لأسفار موسى الخمسة، فقد كان استنتاج كلاينز هو أن الموضوع العام هو "الوفاء الجزئي بالوعد - الذي يتضمن أيضًا عدم الوفاء الجزئي بالوعد - أو مباركة الآباء". (وصف كلاينز الوفاء بأنه "جزئي"، ليلفت الانتباه إلى حقيقة أنه في نهاية سفر التثنية، كان شعب بني إسرائيل لا زال خارج أرض كنعان).[58] يقصد بالآباء أو الأجداد، إبراهيم وإسحاق ويعقوب وزوجاتهم (يُستبعد يوسف عادة).[59] وبما أن اسم يهوه لم يُكشف لهم بعد، فقد عبدوا إيل في مظاهره المختلفة.[60] (ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه في المصدر اليهوي، يشير الآباء إلى الإله بالاسم يهوه "الرب في الترجمات العربية"، كما في التكوين 15.) من خلال الآباء، يعلن الإله اختيار بني إسرائيل، أي أنه اختارهم ليكونوا شعبه المميز ويلتزم بمستقبلهم.[61] يخبر الإله الآباء أنه سيكون مخلصًا لنسلهم (أي لبني إسرائيل)، مقابل أن تؤمن بنو إسرائيل بالإله ووعده.[62]

يتكون الوعد نفسه من ثلاثة أجزاء: النسل، والبركة، والأرض.[63] يعتمد تحقيق الوعد لكل أب على وجود وريث ذكر، وتتعقد القصة باستمرار بسبب حقيقة أن كل أم محتملة - سارة ورفقة وراحيل - عاقر. ومع ذلك، احتفظ الآباء بإيمانهم بالإله، وفي كل حالة، أعطى الإله ابنًا - في حالة يعقوب، اثني عشر ابنًا، الذين أساسوا بني إسرائيل المختارين. ينال كل جيل لاحق بركة تتزايد حتى زمن يوسف الذي خلّص "كل العالم" من المجاعة،[64] وتتحقق البركات بإحضار بني إسرائيل إلى مصر، حيث تواجدت الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق الوعد.[59]

الشعب المختار عدل

يتفق العلماء عمومًا على أن موضوع الوعد الإلهي يتكرر مع كل أب، لكن شكك الكثيرون في فعالية محاولة دراسة لاهوت سفر التكوين من خلال متابعة موضوع واحد شامل، بدلاً من دراسة كل من حياة إبراهيم، وحياة يعقوب، وحياة يوسف، والمصادر اليهوية والكهنوتية.[65] تكمن المشكلة في إيجاد طريقة لمواءمة موضوع الوعد الإلهي للآباء في قصص التاريخ البدائي، مع موضوع مغفرة الإله لما ترتكبه طبيعة الإنسان الشريرة.[66][67] كان أحد التفسيرات هو اعتبار قصص الآباء نتاج لقرار الإله بألا يبقى منعزلًا عن البشر:[67] الإله يخلق العالم والبشر، والبشر يتمردون، والإله يختار إبراهيم.[11] أضاف المصدر الكهنوتي لهذه الحبكة الأساسية (التي أتت من المصدر اليهوي)، سلسلة من العهود التي قسّمت التاريخ إلى مراحل، ولكل منها "علامتها" المميزة. العهد الأول بين الإله وجميع الكائنات الحية، ومميز بعلامة قوس قزح. والعهد الثاني في نسل إبراهيم (الإسماعيليون وبني إسرائيل وغيرهم)، وعلامته الختان؛ والعهد الأخير الذي لم يظهر إلا مع سفر الخروج، وهو لبني إسرائيل وحدهم، وعلامته السبت. يتوسط قائد عظيم كل عهد (نوح، وإبراهيم، وموسى)، وفي كل مرحلة يكشف الإله عن اسمه تدريجيًا (إلوهيم مع نوح، إيل شداي مع إبراهيم، يهوه مع موسى).[11]

الخداع عدل

في جميع أنحاء سفر التكوين، تنخرط شخصيات مختلفة في الخداع أو الاحتيال من أجل البقاء أو النماء. لاحظ العالم الكتابي ديفيد كار [الإنجليزية] أن مثل هذه القصص تعكس الضعف الذي شعر به قدماء بني إسرائيل، وأن "مثل هذه القصص يمكن أن تكون وسيلة رئيسية لكسب الأمل ومقاومة الهيمنة". ومن الأمثلة على ذلك:[68]

  • لتجنب التعرض للقتل، يقول أحد الآباء (إبراهيم في 12: 10-20 و20: 1-18 وإسحق في 26: 6-11) للملك أن زوجته هي أخته.
  • في الإصحاح 25، يخدع يعقوب عيسو ليبيع له بكوريته مقابل قدر من حساء العدس.
  • في الإصحاح 27، خدعت رفقة إسحاق ليمنح يعقوب بركته بدلاً من منحها لعيسو.
  • في الإصحاح 29، يعتقد يعقوب أنه سيتزوج راحيل، ولكن يتم خداعه ليتزوج أختها ليئة.

التقاليد الأدبية عدل

 
التقاليد الأدبيّة في سفر التكوين:
* الأرقام التي كتبت بخط عريض هي رقم الفصل.
* الأرقام التي كتبت بخط صغير هي أرقام الآيات؛ حرفا a وb، هما جزئي الآية الواحدة.
* الحروف J، وE، وP يعنون التقليد اليهوي، والتقليد الإيلوهي، والتقليد الكهنوتي.
* علامة الاستفهام، تفيد عدم الجزم.
هذه النظرية، غير مقبولة من قبل جميع المنظمات والمذاهب في التراث اليهودي المسيحي، وهي انطلقت من غير أوساط رجال الدين، وتبنت من قبل عدد وافر منهم لاحقًا.

إلى جانب تقسيم سفر التكوين حسب تسلسل مواضيعه، فهناك التقسيم الثاني الذي يعتمد أساسًا على النقد النصي، وفقه اللغة العبرية القديمة وتطورها، والفوارق الإنشائية في النصوص، ويعرّف باسم «التقسيم العرضي» مقابل التقسيم الطولي الخاص بحلقات السفر. أحد أبرز القضايا التي ساعدت في التأسيس لنظرية التقاليد الأدبيّة، الواسعة القبول بين علماء الكتاب المقدس، هي استعمال ألفاظ جلالة مختلفة، ولاسيّما في الروايات المتوازية، على سبيل المثال فإنّ إحدى روايتي طرد هاجر تستخدم اسم الجلالة يهوه - والذي كتبه اليهود إنما نطقوه تبجيلاً أدوناي بمعنى الرّب أو السيّد، ومنها في الترجمة السبعينية كيريوس، ومن هنا استخدمت النسخ العربية لفظ الرّب للإشارة إليه - والرواية الثانية تستعمل الاسم الشائع للجلالة ئيل، وانطلاقًا من ذلك أقرّ النقاد هذين الاسمين لتسمية تقليدين أدبيين مختلفين، التقليد اليهوي ويرمز له (ي)، والتقليد الإلوهيمي ويرمز له (أ)، وإلى جانب هذين التقليدين هناك تقاليد ثالث هو الكهنوتي (ك)، والأقل وضوحًا في سفر التكوين.[69]

لكل تقليد من التقاليد الثلاثة، ما تميّز به، فإن التقليد اليهودي واقعي وتصويري وغني بالاستعارات، وله إنشاء رواي قصص، ولا يتردد في الكلام عن الله بألفاظ كثيرة الصور والتشابيه على سبيل المثال: «سمعا وقع خطا الرّب الإله»،تك 8:3] «إنه يروي خلق الإنسان بأسلوب مجازي تكثر فيه الصور والتشابيه، وبهذه الطريقة يفسّر اليهوي عن إيمانه بالله الذي خلق الإنسان ومنحه الحياة»؛[70] وفي المقابل، فإنّ الإلوهيمي أشدّ إبرازًا لله بوصفه خالق الكون ومتعالي عنه، أما التقليد الكهنوتي فهو نصوص مرتكزة على تشاريع، ويمتاز إنشاؤه بالتكرار وحصر الأعداد؛ وكمحصلة فإنّ التقليد اليهودي أشدّ اهتمامًا بإبراز العلاقة القائمة بين الله والإنسان، والإلوهيمي أشدّ اهتمامًا بإبراز السمو الإلهي، والكهنوتي أكثر انتباهًا لأمور القانون والعبادة، على سبيل المثال فإنّ روايتي الخلق، الكهنوتية تعكس سيادة الله على العالم كلّه، بينما اليهوية تبرز بوجه خاص العلاقة القائمة بين الله والإنسان.[71]

يعود التدوين المكتوب للرواية اليهوية، إلى القرن العاشر قبل الميلاد باتفاق الآراء، في القدس في زمن الملكية في إسرائيل التي أسسها داود النبي، أما الرواية الإلوهيمية فيعود لما بعد وفاة سليمان وانقسام المملكة الموحدة في القرن التاسع قبل الميلاد، وتنقل تقاليد من الشمال - أي الجليل لا القدس -، وتتردد فيها «أصداء التيار النبوي الصاعد في إسرائيل»؛ أما أحدث التقاليد تدوينًا فهو التقليد الكهنوتي، وقد كتب على الأرجح في العراق زمن السبي، ولذلك فهو تقليد أزمة كاملة: لقد أجلي الرجال والنساء إلى بابل، وخسرت إسرائيل بلادها، وزال الملك والهيكل، ولم يعد بإمكان اليهود المنفيين في بابل أن يحجوا إلى الهيكل، فتبرز الإله بوصفه إله الكون وحافظ البشرية في شخص نوح،[72] أما أهميته الكبرى تأتي لكونه الوعاء الذي ربط بين التقليدين السابقين ونسجهما في بنية واحدة. حين عاد إسرائيل من سبيه في بابل، وشرع في بناء الهيكل بقيادة النبي عزرا، أراد جمع التقاليد كلّها وتدوينها في كتاب واحد محفوظ، وبلذلك اكتمل تدوين التوارة بالشكل المتعارف عليه اليوم، ولم يطمس جمع الكتاب النهائي أبدًا أيًا من التقاليد السابقة، بل أعاد ترتيبها وتبويبها مقرًا إياها جميعها، «ناقلاً إلينا الإنشاء والروح الذي تتصف بهما التقاليد السابقة، وتاركًا أثارًا ظاهرة نستطيع بفضلها أن نكون فكرة عن مراحل هذا التقليد، ويدلل أيضًا على أمانة التحرير النهائي لتلك التقاليد الوافرة».[73]

قضية الخلق عدل

التكوين ورواية الخلق البابلية عدل

 
أحد الرقم التي تحوي قصة الخلق البابلية، من محفوظات المتحف البريطاني.

في الفترة التي جمعت فيها التوراة وحررت، انتشر وذاع صيت قصة الخلق البابلية في منطقة الهلال الخصيب وأثرت على الفكر البشري فيها،[74] وقد تركت الرواية البابلية آثارًا على الفكر الديني للشعب العبري؛ على سبيل المثال فإنّ الكلمتين الأوليتين من سفر التكوين في البدء، تماثل الكلمتين الأوليتين في رواية الخلق البابلية إنامو إليش، والتي ترجمها البعض أيضًا بوصفها في البدء.[75] إلى جانب استعمال السفر لفظتي توهو بوهو، في وصف الكون بعد خلقه، ولفظتي توهو بوهو ذات جذور بابلية،[76] وتترجم عادة إلى العربية «خربة وخالية»، لتماثل حالة الفوضى التي تضعها الرواية البابلية، بفرق أنّ حالة الفوضى في الكون التي تحدثت عنها الأسطورة البابلية هي أزلية، خلافًا لحالة الفوضى في التكوين المحدثة فيما بعد الخلق؛ أيضًا فالنظرية البابلية تحدثت عن تزاوج بين غمر المياه - أي المحيط، أو المياه المالحة - والسماء -أو الغيم أو الضباب - أو آلهتها، فولدت آلهة كثيرة، وحدث تشاجر بين هذه الآلهة، وتمكن أحدها وهو مردوك أن يهزم باقي الآلهة، ثم فتح بطن آلهة غمر المياه، ومن دمها خلق الكائنات المختلفة على الأرض، ثم ترك الأرض واستوى إلى السماء حيث يعيش.[74] ولذلك فإن رواية الخلق التوراتية، شكلت حسب رأي الأب هنري بولاد اليسوعي «ثورة عقائدية في الزمن الذي كتبت به»،[77] فالرواية تقول أنّ الله - والذي يمكن مقابلته مع مردوك، بوصف مردوك الرّب الأعلى في الحضارة البابلية - خلق السماوات والأرض فهو غير ناتج عن تزاوج آلهتها، وإذ قال «في البدء خلق»، فهو إذن موجود قبل البدء، أي أزلي وغير محدث، قبل التاريخ وقبل الزمن.[77] أما قضية الغمر، أي المياه الأولى التي خلقت منها جميع المبروئات حسب الرواية البابلية، فقد استعملها سفر التكوين بمقاربة مختلفة عن تلك التي وردت في الروايات البابلية، ومن الأمور الأخرى التي وجدت آثارًا تكوينية من تراث بابلي، توزيع الخلق على ستة أيام.

التكوين والعلوم الحديثة عدل

 
"وقال الله: ليكن النور؛ فكان النور". من أعمال اليوم الأول حسب الرواية، نحا البعض لمقارنتها بالانفجار العظيم.

حسب النظرة اليهودية - المسيحية لسفر التكوين أو التوراة عمومًا، ورواية الخلق فيها، فهي ليست مقالاً في العلوم أو نصًا في الفلسفة بل ذات هدف روحي، وقد أشار كليمنت الإسكندري وكذلك أوريجانوس وسواهما من آباء الكنيسة أنّ «الكتاب يوحي بحقائق يتيسر فهمها، لا حقائق تاريخية»،[78] أما باسيليوس الكبير علّم بأن التكوين «لا يجيب عن جميع الأسئلة، وهو يوحي بما يفيد هدانا الروحي، لكن بكلامه عن العالم، يوقظ فضوليتنا دون أن يرضيها»،[79] كذلك فإنّ التوراة، ورواية الخلق فيها قد كتبت في عصر ما قبل العلم، لذلك فهي «مثقلة بتصورات زمانها» كما قال عالم اللاهوت الألماني كارل راهيز،[80] وهو أحد مجالات النقاش حول إذا ما كان تحرير السفر تمّ بنية الرموز أم بنية تقديم نظريات علمية كاملة، والتي أظهرت رأيًا ثالثًا، هو نوع من القراءة المختلطة، فإن كتب بلغة «علوم عصره ونظرياته» فهو يقدّم لما بعد عصره الرموز والتعاليم الروحية.

رغم ذلك، فقد ظهرت في شتى أنحاء العالم المسيحي مقارنات ومقاربات مختلفة حول نظريات العلم الحديث وما جاء في السفر بوصفها من «منبع واحد» أي الله،[81] تعرف هذه النظرة بالوئامية أي التوائم ما بين العلم ومحتويات الكتاب أو المنقول والمعقول؛[82] فأعمال اليوم الأول على سبيل المثال: «قال الله ليكن نور، فكان النور» تناسب نظرية الانفجار الكبير، حيث انبثقت المادة المكونة للكون كلّه. أعمال اليوم الخامس عن الوحوش العملاقة تتلائم مع وجود حيوانات عملاقة منقرضة كالديناصورات والماموث.[83] أما توزيع الخلق على ستة أيام فالمتفق عليه أن «اليوم» المذكور في النص ليس بأربع وعشرين ساعة، بل «ستة مراحل»، يعضد ذلك أن كلمة يوم وردت بمعان مختلفة في الكتاب، كما أنّ الظهور التدريجي للحياة خلال هذه الأيام - المراحل - يوافق تطور الحياة ومن ثمّ تطور الأنواع؛[84] أيضًا فإن رواية الخلق تبدو منسجمة مع فكرة القانون الطبيعي،[85] فالله خلق العالم وزوده بقوانين تكفل له سيره الطبيعي، خلافًا للنظرة التقليدية التي كانت سائدة في ثقافة الشرق الأوسط وحضارات أخرى حول مسؤولية آلهة أو ألواح مساعدة لها في العمل الطبيعي كحركة الأجرام أو المد والجزر أو الحبل والولادة.

نظرية الانفجار الكوني تأتي لتحلّ جزئيًا قضايا ذات صلة حول حجم الكون، إن كان محدودًا أم لا، وإذ دعمت العديد من الجهات الفكرية القول بعدم محدودية الكون، فإن الفلسفة المسيحية وكذلك عدد من الفلاسفة أمثال أرسطو اعتبروا أن الكون محدود وأنه «أبعد من حدود الكون ليس ثمة شيء، ولا حتى فراغ، لأن الفراغ حينذاك قد يكون مكانًا».[86] أما أبرز المواضيع التي ثارت حولها نقاشات مستفيضة فهي قضية «المياه التي في الأعلى»، إذ نصّ السفر أن الله قد فصل بين مياه ومياه، بواسطة الجَلد، وساد الاعتقاد لفترة طويلة، بأن الجلد هو قبة السماء - سقف العالم، المنتصب على شواهق الجبال، وفوقه الجلد تلبث المياه، على أنّ هذه القبة تحوي ثقوبًا تسمح للمطر بأن يهطل، وقد استقرّ الرأي منذ القديس أوغوسطين في القرن الخامس على اعتبار أن «المياه التي في الأعلى» هي في حالة غازية أي سحاب.[87]

التكوين والتطور عدل

 
"يمكن للمسيحي قبول نظرية النشوء والارتقاء باعتبارها النموذج الذي نال أوفر مصادقة من العلم، ما دام لم يقع في ضلال اعتبار الإنسان نتيجة صدفة مسارات بيولوجية. لا يملك اللاهوت أي اختصاص في علوم الطبيعة، وعلوم الطبيعة لا تملك أي اختصاص لاهوتي. علوم الطبيعة لا يمكنها أن تجيب عن أسئلة الوجود والكيان والكرامة والمهمة والمعنى المتعلق بالإنسان والعالم، والإيمان لا يمكن أن يحدد كيف تنجز المسارات واقعيًا في مجرى تطور الطبيعة." - التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية.[88]

كانت نظرية التطور هادمة للنظرة التقليدية لنشوء العالم، ولبثت خلال القرن التاسع عشر أحد رموز الإلحاد، وانتهاك القدسيات، لاسيّما في الولايات المتحدة. خلال القرن العشرين ظهرت محاولات توليف عديدة بين التطور والتكوين، ومنها تيّار دي شاردان، الراهب الفرنسي اليسوعي المتوفى عام 1955، وفي عام 1987 نصّ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية على وجوب «انفتاح المؤمن على موضوع التطور»، وبالمثل فإنّ جماعات ومنظمات دينية بروتستانتية قبلت هذه القراءة، لا تزال تواجه معارضة في أوساط أخرى مسيحية.

الفكرة الأساسية تبدأ بقراءة أكثر رمزية لسفر التكوين، على سبيل المثال، فإنّ الآية الثالثة «وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرفّ على وجه المياه»، لا يستوي معناها دون معرفة أنّ إسرائيل، وهو الشعب البدوي، كانت المياه والبحر مصدر خوفه بعكس الفينيقيين والإغريق الذين عاشوا قرب البحر؛ وعلى العكس من البحر فإن الصخر أو الأرض تشكل عنصر ثبات واستقرار، القضية ذاتها تتجلى عند الحديث عن الظلام والنور، كما تظهر في أغلب كتب العهد القديم؛ فلذلك حين يقول السفر «وعلى وجه الغمر ظلام»، فالكاتب يعكس لبيئته، مفهوم العدم، الغير موجود كلفظ أو تعريف في مجتمعه لانعدام اشتغال إسرئيل في الفلسفة واقتصار مفردات لغته على الماديّات الملموسة، وبمعنى آخر تصبح عبارة «وعلى وجه الغمر ظلام، وروح الله يرفّ على وجه المياه»، مرادفة للقول: «انتصر الله، بالوجود، على العدم».[77] وهكذا فالتطورات الموجودة في سفر التكوين، تدلّ على حقائق روحية، ومن ثمّ فإنه «عندما جبل الله الإنسان، من تراب بيديه»، هي صحيحة بجميع المعاني ما عدا المعنى الحرفي.[76] عندما نقول «من تراب» فهذا يتوافق مع التطور الذي يقول بطفرة الحياة من مادة، وعندما نقول «يدي الله» أي بالمحصلة «عمل الله»، فإنّ «يد الله» تعمل من خلال الخلق، أي من قلب المادة لا من الناحية الخارجية، كما شرح مدرّس اللاهوت هنري بولاد:[89]

هناك مصنع بدائي لصنع الحلويات، حين تزوه تشاهد عمالاً يعدّون الدقيق وآخرون يعجنون وآخرين يضعونه في قوالب خاصة، ثم هناك من يضعه في الأفران، وهناك فتيات لتغليف المنتج. من صانع المنتج؟ العمال!. ولنقارن بين هذا المصنع وآخر بني على أحد التقنيات التكنولوجية، تدخل المصنع فلا تجد سوى الآلات: يدخل الدقيق من طرف ويخرج من الطرف الآخر مغلفًا جاهزًا، كل هذا يتم دون أن ترى يد بشرية تلمس المنتج، أعود وأسأل من الذين صنع الحلويات؟ الآلات سبب ثانٍ ليس إلا، السبب الأول هو العامل.
هذا هو الوضع تمامًا في عملية التطور، بدل أن يعمل «بيديه» الإنسان أو بسلسلة أوامر شفهية منفصلة عن بعضها البعض الكون، ابتكر آليّة منظمة ومخططة لخلق المخلوقات، بدون أن نشعر بحركته أو بتدخله، حينئذ ندّعي أنها الطبيعة، وإذا سألنا إنسانًا ملحدًا سيجيب إنها الطبيعة، فهذه الطبيعة ذكية وفيها تخطيط وتفكير وولدت المشاعر؟.
من الذي يخلق الطفل في بطن أمه؟ فيزيولوجيًا، من خلال الجماع ولقاء الحيوان المنوي بالبويضة، ولكن من وراء الستار من نظم هذه العملية وأرادها؟ هو الله. كان يمكن أن يخلق الله كل إنسان بمفرده من لا شيء، لكنه أراد أن يكون الإنسان مشاركًا له في الخلق؛ فهناك قوّة أوليّة أصلية - أي الله - تعمل من خلال كائنات وضعت فيها نوع من التلقائية - فالرجل والمرأة قوة ثانية في حال الحمل - ومن هنا يأتي شرف الكائنات: «تقدّسوا، لأنّ الربّ يعمل في وسطكم عجائب» قال يشوع بن نون.يش 5:3]

تعرف هذه النظرية أيضًا باسم «الخلق التطوري»، وهي تقرّ بجميع تفاصيل نظرية التطور ما عدا الصدفة، «الصدفة غير عاقلة، ولا تستطيع أن يكون لها منطق مفكر، الصدفة هي تصرف عشوائي»،[90] «الصدفة تعني استقالة الفكر البشري» كما قال يوحنا بولس الثاني.[91] ولذلك فنظرية التطور يجب أن تقرأ على ضوء قانون الغاية أو الغائية. أخيرًا، فإن أسلاف الإنسان الحالي، كإنسان نيادرتال يجسبون على الإنسان ولكن ليس على البشر، فالبشرية ابتدأت بآدم، بظهور الحضارات الاجتماعية نحو الألف الثامن قبل الميلاد، وهي بذلك تقارب الزمن المفترض في سلاسل أنساب التوراة، والتي تهدف للإشارة إلى قرابة جميع البشر الحاليين دون أن تضع شجرة عائلة للبشرية.

مشكلات السفر عدل

توجه الكثير من الانتقادات إلى السفر حيث يرى النقاد أنه يحتوي على الكثير من المفارقات التاريخية والتناقضات والنبوءات التي لم تتحق وأضحى تحققها من غير الممكن، كما ويراه البعض يجانبه الصواب في المسائل العلمية وفيما يلي تحليل لتلك المشكلات.

التناقضات عدل

تنقسم تناقضات هذا السفر إلى نوعين، فالنوع الأول هو تناقضات ناشئة عن اختلاف في مصدر الرواية وغالباً ما تكون خلافات بين الرواية اليهوية والكهنوتية لنفس الحدث كالتناقضات التي تقع بين روايتي الخلق[92] وأيضا روايتي الطوفان وبعض التناقضات الأخرى، وأحياناً تكون التناقضات بين الرواية الإيلوهية والرواية اليهوية، أما النوع الثاني فقد يقع بين الرواية وذاتها، ويعزى سبب النوع الأخير أحياناً إلى أخطاء النساخ.

تناقضات روايتي الخلق

إن أكثر النقاد يلاحظون أن الرواية الكهنوتية لقصة الخلق (الإصحاح الأول) تتناقض مع الرواية اليهوية (الإصحاح الثاني) في مواضع عدة، ففي الرواية الكهنوتية يبدو أن خلق الدواب متقدم على خلق الإنسان (تكوين 1: 25- 27) بينما الروابة اليهوية تضع خلق الإنسان قبل الدواب (تكوين 2: 7- 19)، وفي الرواية الأولى خلقت الطيور من الماء (تكوين 1: 20) بينما خلقت الطيور من التراب طبقا للرواية الثانية (تكوين 2: 19)، والرواية الكهنوتية تجعل خلق الطيور سابق لخلق الحيوانات حيث خلقت الطيور في اليوم الخامس والحيوانات في اليوم السادس (تكوين 1: 21- 25) بينما في الرواية اليهوية يبدو أنهما خلقوا معاً في نفس الوقت (تكوين 2: 19)، كذلك في الرواية الكهنوتية نجد أن آدم وحواء خلقا معاً في نفس الوقت (تكوين 1: 27) بينما في الرواية اليهوية نقرأ أن آدم خلق أولاً (تكوين 2: 20- 22)، أيضا في الرواية الكهنوتية يبدو أن الأرض في بداية الخلق كانت مغطاة بالمياه (تكوين 1: 29- 30) ولكن الرواية اليهوية، على النقيض من ذلك، تشير إلى أن الأرض كانت ميتة بسبب الجفاف (تكوين 2: 17).

تناقضات روايتي الطوفان

يتفق النقاد والمتحررون من علماء المسيحية واليهودية في أن القصة الكتابية للطوفان تعتمد على روايتين اثنتين: إحداهما كهنوتية والأخرى يهوية وأنهما مختلفتان عن بعضهما البعض. تقول النسخة اليسوعية للكتاب المقدس بخصوص المقطع الذي يتناول قصة الطوفان: «يضم هذا المقطع روايتين متوازيتين: الأولى يهوية مليئة بالألوان والحيوية (6/5-8 و7/1-5 و 7/10 و12 و22-23 و8/2-3 و6-13 و20-22) والثانية كهنوتية أكثر دقة وتفكيراً. لكنها أكثر جفافاً (6/9-22 و7/6-11 و13-16 و18-21 و24 و8/1-5 و13-19 و9/1-17). وقد راعى المحرر الأخير هاتين الشهادتين اللتين أخذهما عن التقليد. ولم يحاول أن يزيل ما بينهما من اختلاف في التفاصيل.»

اختلافات روايتي الطوفان
الرواية اليهوية الرواية الكهنوتية
يأمر الله نوحاً أن يأخذ زوجاً من كل طير ومن الأنعام والحيوانات (8) يأمره الله بأن يأخذ سبعة أزواج(9)
يتوعد الله بإهلاك كل ما فيه روح من تحت السماء غير نوح والذين معه (10) يتوعد الله بإهلاك ما يدب على اليابسة فقط ولا ذكر لكائنات البحار(11)
تستمر الأمطار والفيضانات مائة وخمسين يوماً(12) بقيت الأمطار والفيضانات أربعين يوماً(13)
ظل نوح في السفينة نحو سنة كاملة(14) بقي أربعة وخمسين يوماً(15)
الله قرر إهلاك الحياة لأن الإنسان شرير بفطرته(16) الله قرر أن لا يبيد الحياة ثانية لأن الإنسان شرير بفطرته(17)

تناقضات الرواية الواحدة

وأما عن التناقضات التي تقع في الرواية الواحدة وبعضها البعض فمنها: التناقض بين (تكوين 1: 4-5) و (تكوين 1: 14-19) وكلاهما من الرواية الكهنوتية (راجع الجدول أعلاه). ففي الأعداد الأولى يروى لنا أن الله فصل بين النور والظلمة في اليوم الأول بينما في الأعداد الثانية تم ذلك في اليوم الرابع لما خلقت الشمس والقمر، ومنها أيضا التناقض بين (تكوين 36: 2) و (تكوين 36: 24) - مع العلم أن الإصحاح السادس والثلاثين ينتمي بأكمله إلى الرواية الكهنوتية (راجع الجدول أعلاه) - فتارة يشار إلى عنى على أنه ذكر وتارة أخرى يشار إليه باعتباره أنثى، وعلى الرغم من اختلاف العددين في جنس عنى إلا أنه لا خلاف بين العددين في أن صبعون هو أبو عنى، الأمر الذي يخالف (تكوين 36: 20) حيث يبدو أن عنى وصبعون أخوان.

المفارقات التاريخية عدل

إن المفارقات التاريخية التي تظهر من حين إلى آخر خلال السفر كثير ما تتخذ برهاناً على أن الكاتب قد عاش في فترة أقرب إلينا نسبياً من الفترة التي عاش بها النبي موسى، وخاصة عندما يذكر الكاتب أسماءً أو وقائع ثبت تاريخياً أن النبي موسى لم بعاصرها، ولذا فإن مؤيدي الفرضية الوثائقية يتخذون من تلك الأخطاء التاريخية دليلاً يعززون به نظريتهم. لكن هناك رأي آخر يرى أن المفارقات التاريخة ربما تكون نتاج إضافات قام بها كاتب أو ناسخ متأخر، بيد أن هذا الكاتب كان ملهماً من الله.[93]

من المفارقات التاريخية الواردة بالسفر:

  • ذكر أورالكلدانيين على أنها اسم المدينة التي عاش بها النبي إبراهيم (تكوين 11: 28 و31 و 15: 7) بالرغم أن الكلدانيين لم يخترقوا منطقة ما بين النهرين قبل الألفية الثانية ق.م. ومن المؤكد أنهم سكنوا هذه المنطقة بعد زمن طويل من الفترة التي عاش بها إبراهيم إذ أن أقدم ذكر للكلدانيين يرجع لسنة (825-860 ق.م).
  • عبارة «وكان الكنعانيون حينها في الأرض» (تكوين 12: 6) توحي أن الكنعانببن لم يكونوا في الأرض وقت كتابة السفر كما يلاحظ ذلك إبراهيم ابن عزرا (1089-1164 م)[94] والذي علق قائلاً «يبدو أن كنعان حفيد نوح قد استولى على الأرض التي تحمل اسمه من آخرين، وإذا لم يكن هذا المعنى هو المقصود سيكمن لغز ما في هذه الجملة، وليلزم الصمت أولئك الذين يعون».
  • ذكر مدينة دان في زمن إبراهيم (تكوين 14: 14) بالرغم من أن المدينة – وكانت تدعى حينها «لاشَم» - لم تتخذ هذا الاسم إلا في زمن يشوع بن نون (يشوع 19: 47) أو ربما بعد موت يشوع (القضاة 18: 29)
  • يصعب أن تصدر عن موسى عبارة «لأنه صنع قباحة في إسرائيل» (تكوين 34: 7) حيث لا خلاف على موت موسى قبل تأسيس إسرائيل، ولكنها تبدو مثلاً شائعا في فترات لاحقة حين غدت إسرائيل دولة (انظر مثلا القضاة 20: 6 و 10 وإرميا 29: 23).
  • لاحظ الحاخام إسحاق بن ياشوش (1056 م) أن قائمة أسماء الملوك الواردة في الإصحاح السادس والثلاثين (تكوين 36: 31-39) لابد أنها كتبت بعد موسى لأنه ما كان من سبيل لموسى أن يعرف أنه سيكون هناك ملك على إسرائيل(18)[94]

حواشٍ عدل

  • 8 تكوين 6: 19 ومن كل حي من كل ذي جسد اثنين من كل تدخل إلى الفلك لاستبقائها معك. تكون ذكرا وانثى.
  • 9 تكوين 7: 2 من جميع البهائم الطاهرة تاخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى. ومن البهائم التي ليست بطاهرة اثنين: ذكرا وانثى.
  • 10 تكوين 6: 17 فها انا ات بطوفان الماء على الأرض لاهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء. كل ما في الأرض يموت.
  • 11 تكوين 7: 21-22 فمات كل ذي جسد كان يدب على الأرض من الطيور والبهائم والوحوش وكل الزحافات التي كانت تزحف على الأرض وجميع الناس. كل ما في انفه نسمة روح حياة من كل ما في اليابسة مات.
  • 12 تكوين 7: 24 وتعاظمت المياه على الأرض مئة وخمسين يوما.
  • 13 تكوين 7: 4 و12 و17 و 8: 6 لاني بعد سبعة أيام أيضا امطر على الأرض اربعين يوما واربعين ليلة. وامحو عن وجه الأرض كل قائم عملته».
  • 14 تكوين 7: 11 في سنة ست مئة من حياة نوح في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر من الشهر انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء. وتكوين 8: 3-4 ورجعت المياه عن الأرض رجوعا متواليا. وبعد مئة وخمسين يوما نقصت المياه. واستقر الفلك في الشهر السابع في اليوم السابع عشر من الشهر على جبال اراراط.
  • 15 تكوين 8: 6-12 وكانت المياه تنقص نقصا متواليا إلى الشهر العاشر. وفي العاشر في أول الشهر ظهرت رؤوس الجبال. وحدث من بعد اربعين يوما ان نوحا فتح طاقة الفلك التي كان قد عملها وارسل الغراب فخرج مترددا حتى نشفت المياه عن الأرض. ثم ارسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض فلم تجد الحمامة مقرا لرجلها فرجعت اليه إلى الفلك لان مياها كانت على وجه كل الأرض. فمد يده واخذها وادخلها عنده إلى الفلك. فلبث أيضا سبعة أيام اخر وعاد فارسل الحمامة من الفلك فاتت اليه الحمامة عند المساء واذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح ان المياه قد قلت عن الأرض. فلبث أيضا سبعة أيام اخر وارسل الحمامة فلم تعد ترجع اليه أيضا.
  • 16 تكوين 6: 5-7 وراى الرب ان شر الإنسان قد كثر في الأرض وان كل تصور افكار قلبه انما هو شرير كل يوم. فحزن الرب انه عمل الإنسان في الأرض وتاسف في قلبه. فقال الرب: «امحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته: الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء. لاني حزنت اني عملتهم».
  • 17 تكوين 8: 21 فتنسم الرب رائحة الرضا. وقال الرب في قلبه: «لا اعود العن الأرض أيضا من اجل الإنسان لان تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته. ولا اعود أيضا اميت كل حي كما فعلت.

انظر أيضًا عدل

ملاحظات عدل

  1. ^ في حديثه عن الاختلافات في أسفار موسى الخمسة، كتب بادن قائلًا:[49] "تُمثّل قصتا الخلق في التكوين 1 و2 نقطة الافتتاح. ومن المستحيل قراءتهما كقصة واحدة موحدة، حيث إنهما تختلفان حول كل نقطة تقريبًا، بدءًا من طبيعة عالم ما قبل الخلق إلى نظام الخلق إلى طول الوقت الذي استغرقه الخلق."

المراجع عدل

  1. ^ أسماء بديلة: Philosophy. Psychology. Religion--The Bible--Old Testament--Special parts of the Old Testament--Historical books--Pentateuch (Torah)--Genesis. Genesis and Exodus, .
  2. ^ Hamilton 1990، صفحة 1.
  3. ^ Lawrence Boadt؛ Richard J. Clifford؛ Daniel J. Harrington (2012). Reading the Old Testament: An Introduction. Paulist Press. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |سنة= لا يطابق |تاريخ= (مساعدة)
  4. ^ Genese 1:11 dans la Bible du Rabbinat. نسخة محفوظة 01 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ Sweeney 2012، صفحة 657.
  6. ^ Van Seters 1998، صفحات 5 & 9.
  7. ^ أ ب Davies 1998، صفحة 37.
  8. ^ Bergant 2013، صفحة xii.
  9. ^ Bandstra 2008، صفحة 35.
  10. ^ Bandstra 2008، صفحة 78.
  11. ^ أ ب ت Bandstra 2004، صفحات 28–29.
  12. ^ أ ب Carr 2000، صفحة 491.
  13. ^ Vgl. Hieronymus: Prologus galeatus zu den Königebüchern der Vulgata.
  14. ^ Josephus: Contra Apionem I, 38 f.
  15. ^ مقدمة في سفر التكوين، الأنبا تكلا، 23 مايو 2013. نسخة محفوظة 07 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ Van Seters 1998، صفحة 5.
  17. ^ Vgl. Konrad Schmid: Die Torah als multiautorielle Diskussionsliteratur: Geschichte, Ästhetik und Hermeneutik eines kollaborativen Schreiberprodukts. In: Stefanie Gropper et al. (Hrsg.): Plurale Autorschaft: Ästhetik der Co-Kreativität in der Vormoderne (= Andere Ästhetik – Koordinaten, 2). De Gruyter, Berlin/Boston 2023, S. 159–184. (Open Access)
  18. ^ Longman 2005، صفحات 47–48.
  19. ^ Davies 1998، صفحة 13.
  20. ^ أ ب Davies 1998، صفحة 19.
  21. ^ Gooder 2000، صفحات 12–14.
  22. ^ أ ب Van Seters 1998، صفحة 9.
  23. ^ Boadt, Clifford & Harrington 2012.
  24. ^ Davies 1998، صفحة 20.
  25. ^ Longman 2005، صفحة 49.
  26. ^ Van Seters 1998، صفحة 14.
  27. ^ Van Seters 2004، صفحات 30–86.
  28. ^ Gmirkin 2006، صفحات 240–241.
  29. ^ Ska 2006، صفحات 169, 217–218.
  30. ^ Van Seters 2004، صفحات 113–114.
  31. ^ Whybray 2001، صفحة 39.
  32. ^ Ska 2006، صفحة 169.
  33. ^ Van Seters 1998، صفحات 21–22.
  34. ^ Longman 2005، صفحة 62.
  35. ^ Hendel 1992، صفحة 933.
  36. ^ Georg Fischer: Genesis 1–11, Freiburg/Basel/Wien 2018, S. 38.
  37. ^ Jan Christian Gertz: Das erste Buch Mose (Genesis). Die Urgeschichte Gen 1–11 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 1 neu). Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 2018, S. 6.
  38. ^ Hamilton 1990، صفحة 2.
  39. ^ Schwartz 2016، صفحة 1.
  40. ^ Arnold 1998، صفحات 17–18.
  41. ^ Leithart 2017.
  42. ^ Whybray 2001، صفحة 41.
  43. ^ McKeown 2008، صفحة 2.
  44. ^ Walsh 2001، صفحة 112.
  45. ^ Bergant 2013، صفحة 45.
  46. ^ Bergant 2013، صفحة 103.
  47. ^ Jan Christian Gertz: Das erste Buch Mose (Genesis). Die Urgeschichte Gen 1–11 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 1 neu). Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 2018, S. 318–322.
  48. ^ Jan Christian Gertz: Das erste Buch Mose (Genesis). Die Urgeschichte Gen 1–11 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 1 neu). Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 2018, S. 6–9.
  49. ^ Baden (2019, p. 14)
  50. ^ Mathews 1996، صفحة 290.
  51. ^ Hamilton 1990، صفحة 242.
  52. ^ Vgl. Ronald Stephen Hendel: The Book of Genesis: A Biography, Princeton NY 2013, S. 21: Humans are corrupt and flawed creatures, but Yahweh learns to live with them, warts and all.
  53. ^ Jan Christian Gertz: Das erste Buch Mose (Genesis). Die Urgeschichte Gen 1–11 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 1 neu). Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 2018, S. 276.
  54. ^ Äthiopisches Henochbuch 6,2; Philo: De gigantibus 6; Josephus: Antiquitates 1,73.
  55. ^ Gerhard von Rad: Das erste Buch Mose. Genesis Kapitel 1–12,9 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 2). 3. Auflage. Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 1953, S. 94.
  56. ^ Jan Christian Gertz: Das erste Buch Mose (Genesis). Die Urgeschichte Gen 1–11 (= Das Alte Testament Deutsch. Band 1 neu). Vandenhoeck & Ruprecht, Göttingen 2018, S. 346 f.
  57. ^ "The Book of Bereishit (Genesis): Chapter 34". Jewish Virtual Library. اطلع عليه بتاريخ 2023-12-12.
  58. ^ Clines 1997، صفحة 30.
  59. ^ أ ب Hamilton 1990، صفحة 50.
  60. ^ Collins 2007، صفحة 47.
  61. ^ Brueggemann 2002، صفحة 61.
  62. ^ Brueggemann 2002، صفحة 78.
  63. ^ McKeown 2008، صفحة 4.
  64. ^ Wenham 2003، صفحة 34.
  65. ^ Hamilton 1990، صفحات 38–39.
  66. ^ Hendel 1992، صفحة 935.
  67. ^ أ ب Kugler & Hartin 2009، صفحة 9.
  68. ^ Carr 2021، صفحات 50–51.
  69. ^ موسوعة المعرفة المسيحية، مرجع سابق، ص.10
  70. ^ الله يسير مع شعبه، مرجع سابق، ص.13
  71. ^ موسوعة المعرفة المسيحية، مرجع سابق، ص.12
  72. ^ الله يسير مع شعبه، مرجع سابق، ص.5
  73. ^ موسوعة المعرفة المسيحية، مرجع سابق، ص.12-13
  74. ^ أ ب عن الإنسان والكون والتطور، مرجع سابق، ص.148
  75. ^ The Seven Tablets of Creation. Description of Their Contents., The Babylonian Legends of Creation, by E. A. Wallis Budge, [1921], at sacred-texts.com, 26-5-2013. نسخة محفوظة 07 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  76. ^ أ ب عن الإنسان والكون والتطور، مرجع سابق، ص.151
  77. ^ أ ب ت عن الإنسان والكون والتطور، مرجع سابق، ص.150
  78. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.97
  79. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.126
  80. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.12
  81. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.19
  82. ^ ما فائدة التحدث عن العلم في الكتاب المقدس؟، الأنبا تكلا، 5 يونيو 2013. نسخة محفوظة 04 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  83. ^ أعمال اليوم الخامس، الأنبا تكلا، 5 يونيو 2013. نسخة محفوظة 16 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  84. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.36
  85. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.38
  86. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.56
  87. ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.149
  88. ^ التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية، مرجع سابق، ص.37.
  89. ^ عن الإنسان والكون والتطور، مرجع سابق، ص.133
  90. ^ عن الإنسان والكون والتطور، مرجع سابق، ص.156
  91. ^ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، مرجع سابق، ص.39
  92. ^ الفلكلور في العهد القديم، الفصل الأول
  93. ^ المدخل إلى العهد القديم، د.ق. صمويل يوسف، ص 84
  94. ^ أ ب Criticisms Of Old Testament History نسخة محفوظة 10 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.

مواقع خارجية عدل