مستخدم:ناصح 1000/كتمان الأسرار (إسلام)

كتمان الأسرار من أخلاق المسلم الحميدة التي ينبغي ألا يُغفل عنها وعن أهميتها. ويُعَرف أنه الصبر عن إظهار ما لا يحسن إظهاره من الكلام.[1] وقد ورد في القرآن قول الله تعالى:  قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ   وفي الآية تحذير شديد من إفشاء السر، والأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر خوفا من الحسد.[2]

التعريف

عدل

كتم الأسرار لفظ مركب يتألف من جزئين مفردين يسمى عند علماء اللغة العربية: مركبًا إضافيًا، بمعنى: أنه مركب من إضافة كلمة: كتم إلى كلمة: الأسرار، أي: كتم المضافة إلى الأسرار، فكتم مضاف وأسرار مضاف إليه.

و«كتم» أصل صحيح يدل على إخفاء وستر.[3] ،و يعرفه الميداني: «هو ضبط النفس ضد دوافع التعبير عما يختلج فيها ، وذلك لا يتم إلا بالصبر ، وقوة الإرادة المستندة إلى صحة العقل وسلامة الرأي».[4]

أهميته

عدل

كتمان الأسرار قيمة أخلاقية وله أهمية في حفظ الحقوق ودرء المفاسد ، و كم أُريق في إفشاء الأسرار من دماء ، وانتهكت أعراض ، وما ذلك إلا لاستهانة بعض الناس بأهمية حفظها وعدم اكتراثهم برعايتها وكتمانها. وقد قال الماوردي: «كم من إظهار سرّ أراق دم صاحبه ، ومنع من نيل مطالبه، ولو كتمه كان من سطوته آمنًا، وفي عواقبه سالمًا، ولنجاح حوائجه راجيًا».[5]

أسرار يتأكد كتمانها

عدل

السر أمانة لدى من استودع حفظه فهو مؤتمن عليه ،والأمانة يجب الحافظ عليها والوفاء بها ؛ ولهذا كان إفشاء السر خيانة . قال الحسن : (( إن من الخيانة أن تحدّث بسر أخيك )) .. وقال الغزالي - رحمه الله - : (( إفشاء السر - حرام إذا كان فيه إضرار ، ولؤم إن لم يكن فيه إضرار )).[6] .ومن الأسرار التي جاء النهي عن كتمانها لأهميتها ولما يترتب على إفشائها من العواقب:

الأسرار الزوجية

عدل

وهي ما يحصل بين الزوج وزوجته في أمورهما الخاصة ،و في حديث قال رسول الله : (( إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة : الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ، ثم ينشر سرَّها )) .[7] .

الأسرار المتعلقة بالآخرين إذا كان في إفشائها مضرة

عدل

إفشاء السر أذية للمسلم الذي استودعك إياه ، والأذية للمسلم محرمة . قال ابن بطال - رحمه الله - : ( الذي عليه أهل العلم أن السر لا يُباح به إذا كان على صاحبه منه مضرة ).[8]

الكتمان المذموم

عدل

إذا كان الأصل هو وجوب كتمان السر وعدم إفشائه ، فإن هناك ما يُستثنى من هذا الأصل ؛ نظرًا لتعلق المصلحة الشرعية بإعلانه وإفشائه . ومن ذلك :

العلوم النافعة

عدل

لا سيما علوم الدين التي أمرنا بتبليغها للناس ، وقد أخذ الله - عز وجل - العهد والميثاق على أهل العلم بإظهاره ونشره والدعوة إليه . قال الله تعالى :   إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ     [البقرة: 159].ولكن ينبغي أن يفهم أن كتم العلم ليس معصية على الإطلاق ، (( فإن الكتم قد يجب ، والإظهار قد يجب وقد يندب بحسب ما يترتب عليه . ففيما لا يحتمله عقل المستمع ويخشى عليه من إعلامه به فتنة يجب الكتم عنه ، وفي أمور الدين التي هي فرض عين كالصلاة ونحوها يجب الإعلام . والحاصل : أن التعليم وسيلة إلى العمل فيجب في الواجب عينًا في العين وكفاية فيما هو على الكفاية ، ويندب في المندوب ويحرّم في الحرام : كالسحر ، والشعوذة . قال بعض المفسرين : لا يجوز تعليم المبتدع الجدل والحجاج ليحاج به أهل الحق ، ولا تعليم الخصم على خصمه حجة يقتطع بها ماله ، ولا السلطان تأويلاً يتطرق به إلى الإضرار بالرعية ، ولا نشر الرخص في السفهاء يتخذونها طريقًا لارتكاب المحظورات وترك الواجبات )).[9] .

الشهادة

عدل

وهي إخبار عن أمور سرية تخفى عن القاضي ، والمراد أداء الشهادة بإظهار الأسرار لإثبات الحق في مجلس القضاء ، وقد نهى الله تعالى عن كتمان الشهادة فقال تعالى :   وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ     [البقرة: 283]

المراجع

عدل
  1. ^ ابن القيم، عدة الصابرين،17
  2. ^ "الكتب - تفسير القرآن العظيم - تفسير سورة يوسف - تفسير قوله تعالى " قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا "- الجزء رقم4". library.islamweb.net. اطلع عليه بتاريخ 2018-02-15.
  3. ^ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة : 5 / 157.
  4. ^ [الميداني ،الأخلاق الإسلامية: 2 / 358.
  5. ^ الماوردي، أدب الدنيا والدين: ص 267
  6. ^ [الغزالي، الإحياء : 2 / 132 ] .
  7. ^ [رواه مسلم ،كتاب النكاح ، باب تحريم سر المرأة ، برقم : 1437 ] .
  8. ^ [ابن حجر، فتح الباري : 11 / 82 ] .
  9. ^ [الهيثمي،الزواجر : 1 / 176 - 177 ] .

[[تصنيف:علوم شرعية]] [[تصنيف:أخلاق إسلامية]] [[تصنيف:فقه إسلامي]]