مستخدم:منصورالواقدي/تحرير

الافتتاحية عدل

القسم الثاني (تفسير سورة النور): «30، 31».[1] عدل

ابن جزي ن30 و31، البيضاوي ن30 و31، الإكليل ن31، ابن العربي ن31، ابن كثير ن30، القرطبي ن30 و31، الطبري ن30 و31، البغوي ن30 و31، الرازي ن30 و31

عطية ن30 و31، النسفي ن30 و31، الدر المنثور ن30 و31،

ابن جرير ن60، الكيا الهراسي ن60، البغوي ن60


النسفي ح53، البغوي ح53، ابن جرير ح53، الماوردي ح53، عطية ح53، القرطبي ح53، البحر ح53،

البيضاوي ح59، النسفي ح59، القرطبي ح59، الجصاص ح59، البحر ح59 الدر المنثور ح59

تفسير ابن جزي (سورة النور) عدل

قال ابن جزي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ: إعرابها كإعراب ﴿يُقِيمُوا الصلاة: في إبراهيم آية: (31) وقد ذكر ومن أبصارهم للتبعيض، والمراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، وقيل: معنى التبعيض فيه أن النظرة الأولى لا حرج فيها، ويمنع ما بعدها، وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة، وقيل: هي لابتداء الغاية، لأن البصر مفتاح القلب والغض المأمور به هو عن النظر إلى العورة، أو إلى ما لا يحل من النساء، أو إلى كتب الغير وشبه ذلك مما يستر، وحفظ الفروج المأمور به: هو عن الزنا، وقيل: أراد ستر العورة، والأظهر أن الجميع مراد.[2]

﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ: تؤمر المرأة بغض بصرها عن عورة الرجل وعن عورة المرأة إجماعاً، واختلف هل يجب عليها غض بصرها عن سائر جسد الرجل الأجنبي أم لا، وعن سائر جسد المرأة أم لا، فعلى القول بذلك تشتمل الآية عليه، والكلام في حفظ فروج النساء كحفظ فروج الرجال.[2]

﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها، وهو ما لابد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك، فقيل: إلا ما ظهر منها يعني الثياب؛ فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها، وقيل: الثياب والوجه والكفان، وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة، وزاد أبو حنيفة القدمين.[2]

﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ: الجيوب هي التي يقول لها العامة أطواق، وسببها أن النساء كن في ذلك الزمان يلبسن ثياباً واسعات الجيوب، ويظهر منها صدورهن، وكن إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة، سدلنها، من وراء الظهر، فبيقى الصدر والعنق والأذنان لا ستر عليها، فأمرهن الله بلي الأخمرة جمع خمار على الجيوب ليستر جميع ذلك. [2]

﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ: الآية: المراد بالزينة هنا الباطنة، فلما ذكر في الآية قبلها ما أباح أن يراه غير ذوي المحرم من الزينة الظاهرة، وذكر في هذه ما أباح أن يراه الزوج وذوي المحارم من الزينة الباطنة، وبدأ بالبعولة وهم الأزواج لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا، ثم ثنّى بذوي المحارم وسوّى بينهم في أبداء الزينة، ولكن مراتبهم تختلف بحسب القرب، والمراد بالآباء كل من له ولادة من والد وجدّ، وبالأبناء كل من عليه ولادة من ولد وولد ولد، ولم يذكر في هذه الآية من ذوي المحارم: العم والخال ومذهب جمهور العلماء جواز رؤيتهما للمرأة، لأنهما من ذوي المحارم، وكره ذلك قوم، وقال الشافعي: إنما لم يذكر العم والخال لئلا يصفا زينة المرأة لأولادهما ﴿أَوْ نِسَآئِهِنَّ: يعني جميع المؤمنات، فكأنه قال أو صنفهن ويخرج عن ذلك نساء الكفار ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ: يدخل في ذلك الإماء المسلمات والكتابيات، وأما العبيد: ففيهم ثلاثة أقوال: منع رؤيتهم لسيدتهم وهو قول الشافعي، والجواز: وهو قول ابن عباس وعائشة، والجواز بشرط أن يكون العبد وغداً وهو مذهب مالك، وإنما أخذ جوازه من قوله: ﴿أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة: واختلف هل يجوز أن يراها عبد زوجها وعبد الأجنبيّ أم لا؟ على قولين ﴿أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة: شرط في رؤية غير ذوي المحارم شرطين: أحدهما أن يكونا تابعين، ومعناه أن يتبع لشيء يعطاه كالوكيل والمتصرف، ولذلك قال بعضهم هو الذي يتبعك وهمه بطنه، والآخر: أن لا يكون لهم إربة في النساء كالخصي والمخنث والشيخ الهرم والأحمق، فلا يجوز رؤيتهم للنساء إلا باجتماع الشرطين، وقيل بأحدهما، ومعنى الإربة الحاجة إلى الوطء ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء وَلاَ يَضْرِبْنَ: أراد بالطفل الجنس، ولذلك وصفه بالجمع، ويقال: طفل ما لم يراهق الحلم، و﴿يَظْهَرُواْ: معناه يطلعون بالوطء على عورات النساء، فمعناه الذين لم يطأوا النساء، وقيل: الذي لا يدرون ما عورات النساء وهذا أحسن.[2]

﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ روي أن امرأة كان لها خلخالان، فكانت تضرب بهما ليسمعهما الرجال، فنهى الله عز وجل عن ذلك، قال الزجاج: إسماع صوت الزينة أشد تحريكاً للشهوة من إبدائها. ﴿وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون: التوبة واجبة على كل مؤمن مكلف بدليل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وفرائضها ثلاثة: الندم على الذنب من حيث عصي به ذو الجلال، لا من حيث أضر ببدن أو ما، والإقلاع عن الذنب في أول أوقات الإمكان من غير تأخير ولا توان، والعزم أن لا يعود إليها أبداً ومهما قضى عليه بالعود أحدث عزماً مجدّداً، وآدابها ثلاثة: الاعتراف بالذنب مقروناً بالانكسار، والإكثار من التضرع والاستغفار، والإكثار من الحسنات لمحو ما تقدم من السيئات، ومراتبها سبع: فتوبة الكفار من الكفر، وتوبة المخلطين من الذنوب والكبائر، وتوبة العدول من الصغائر وتوبة العابدين من الفترات، وتوبة السالكين من علل القلوب والآفات، وتوبة أهل الورع من الشبهات، وتوبة أهل المشاهدة من الغفلات. والبواعث على التوبة سبعة: خوف العقاب، ورجاء الثواب، والخجل من الحساب، ومحبة الحبيب، ومراقبة الرقيب القريب، وتعظيم بالمقام، وشكر الإنعام.[2][3]

 تفسير البيضاوي (سورة النور) عدل

قال البيضاوي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أبصارهم: أي: ما يكون نحو محرم، ﴿وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ: إلا على أزواجهن أو ما ملكت أيمانهم، ولما كان المستثنى منه كالشاذ النادر بخلاف الغض أطلقه وقيد الغض بحرف التبعيض، وقيل حفظ الفروج هاهنا خاصة سترها. ﴿ذلك أزكى لَهُمْ أنفع لهم أو أطهر لما فيه من البعد عن الريبة. ﴿إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ: لا يخفى عليه إجالة أبصارهم واستعمال سائر حواسهم وتحريك جوارحهم وما يقصدون بها، فليكونوا على حذر منه في كل حركة وسكون.[4]

قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أبصارهن: فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه من الرجال. ﴿وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ: بالتستر أو التحفظ عن الزنا، وتقديم الغض لأن النظر بريد الزنا.[4]

﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ: كالحلي والثياب والأصباغ فضلاً عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له، ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا، وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية، والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتَحَمُّلِ الشهادة.[4]

﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جِيُوبِهِنَّ: ستراً لأعناقهن، وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وهشام بضم الجيم.[4]

﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ كرره لبيان من يحل له الإِبداء ومن لا يحل له. ﴿إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ: فإنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع بدنهن حتى الفرج بكره. ﴿أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أخواتهن: لكثرة مداخلتهم عليهن واحتياجهن إلى مداخلتهم وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما في الطباع من النفرة عن مماسة القرائب، ولهم أن ينظروا منهن ما يبدو عند المهنة والخدمة وإنما لم يذكر الأعمام والأخوال لأنهم في معنى الإِخوان لا يتحرجن عن وصفهن للرجال أو النساء كلهن، وللعلماء في ذلك خلاف. ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهن: يعم الإِماء والعبيد، لما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام أتى فاطمة بعبد وهبه لها وعليها ثوب، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال عليه الصلاة والسلام: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» وقيل المراد بها. الإِماء وعبد المرأة كالأجنبي منها. ﴿أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال أي: أولي الحاجة إلى النساء وهم الشيوخ الهم والممسوحون، وفي المجبوب والخصي خلاف وقيل البله الذين يتبعون الناس لفضل طعامهم ولا يعرفون شيئاً من أمور النساء، وقرأ ابن عامر وأبو بكر غير بالنصب على الحال. ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عورات النساء لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع، أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف.[4]

﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ليتقعقع خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فإن ذلك يورث ميلاً في الرجال، وهو أبلغ من النهي عن إظهار الزينة وأدل على المنع من رفع الصوت. ﴿وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون إذ لا يكاد يخلوا أحد منكم من تفريط سيما في الكف عن الشهوات، وقيل توبوا مما كنتم تفعلونه، في الجاهلية فإنه وإن جب بالإِسلام لكنه يجب الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما يتذكر، وقرأ ابن عامر ﴿أيه المؤمنون وفي (الزخرف) ﴿يا أَيُّهَ الساحر، وفي: (الرحمن): ﴿أَيُّهَ الثقلان بضم الهاء في الوصل في الثلاثة والباقون بفتحها، ووقف أبو عمرو والكسائي عليهن بالألف، ووقف الباقون بغير الألف. ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ: بسعادة الدارين.[4]

الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي، (النور: 31) عدل

قال السيوطي قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات.. الآية: فيها أن المرأة يحرم عليها النظر إلى الرجل كحرمة نظره إليها وأنه يجب عليها ستر عورتها.[5]

قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر: منها فسره ابن عباس بالوجه والكفين، أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح النظر إلى وجه المرأة وكفيها حيث لا فتنة، ومن قال إن عورتها ما عداهما، وفسره ابن مسعود بالثياب وفسر الزينة بالخاتم والسوار والقرط والقلادة والخلخال، وأخرجه ابن أبي حاتم أيضا فهو دليل لمن لم يجوز النظر إلى شيء من بدنها وجعلها كلها عورة.[5]

قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: فيه دليل على وجوب ستر الصدر والنحر والعنق وأن ذلك منها عورة.[5]

قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. الآية: فيها إباحة النظر للمحارم واستدل بها بعضهم على أنه لا يباح النظر للعم والخال لعدم ذكرهما في الآية، أخرج ابن المنذر عن الشعبي وعكرمة قال: لم يذكر العم والخال؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما ولا تضع خمارها عند العم والخال.

قوله تعالى: ﴿أو نسائهن: فيه إباحة نظر المرأة إلى المرأة كمحرم، واستدل به على تحريم نظر الذمية إلى المسلمة، أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: ﴿نسائهن: المسلمات ليس المشركات من نسائهن، وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى ابن عبيدة، أما بعد فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فإنه من قبلك فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تنظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.

قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهم: قال مجاهد وسعيد بن جبير: يعني: عبدها، أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح نظر العبد إلى سيدته، وأخرج عن سعيد ابن المسيب قال: إنما يعني بذلك الإماء، وكذا قال ابن جريج: يعني من نساء المشركين يجوز لها أن تظهر لها زينتها وإن كانت مشركة؛ لأنها أمتها وهو المختار تأويلا وحكما وعلى الأول استدل بإضافة اليمين على أنه ليس لعبد الزوج النظر، واستدل من أباحه بقراءة أو ما ملكت أيمانكم.

قوله تعالى: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة: فسره مجاهد وغيره بالأبله الذي لا إرب له في النساء، و قال ابن عباس: هو المغفل الذي لا يشتهي النساء، وقال بشر بن سعيد: هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق النساء، وقال عكرمة: هو العنين، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم، وقد استدل بهذا من أباح نظر الخصي.

(ص: 193)

قوله تعالى: ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء أي: لم يفهموا أحوالهن لصغرهم، فيستدل به على تحريم نظر المراهق الذي فهم ذلك كالبالغ.[5]

قوله تعالى: ﴿ولا يضربن بأرجلهن.. الآية: فيه النهي عن تحريك رجلها بالخلخال عمدا ليسمع صوته.[5]

ابن العربي (النور: «31») عدل

أحكام القرآن لابن العربي، محمد بن عبد الله الأندلسي (ابن العربي)، سورة النور فيها تسع وعشرون آية، الآية السادسة عشرة قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، ج3 ص380 و381، دار الكتب العلمية، رقم الطبعة: ط1 : د.ت

قال ابن العربي: المسألة الثانية: قوله تعالى: ﴿يغضضن من أبصارهن وذلك حرام؛ لأن النظر إلى ما لا يحل شرعا يسمى زنا، فقال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».

وكما لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة فكذلك لا يحل للمرأة أن تنظر إلى الرجل، فإن علاقته بها كعلاقتها به، وقصده منها كقصدها منه، وقد روت أم سلمة قالت: "كنت أنا وعائشة وفي رواية وميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه ابن أم مكتوم، فقال لنا: «احتجبن منه»، فقلنا: أوليس أعمى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما؟»".

فإن قيل: يعارضه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس في شأن العدة في بيت أم شريك فقال لها: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده»، قلنا: قد أوعبنا القول في هذا الحديث في الشرح من جميع وجوهه، وسترونه في (ص: 381) موضعه إن شاء الله تعالى.

والذي يتعلق به هاهنا أن انتقالها من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم كان أولى بها من بقائها في بيت أم شريك، إذ كانت في بيت أم شريك يكثر الداخل فيه والرائي لها، وفي بيت ابن أم مكتوم كان لا يراها أحد، وكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى فرخص لها في ذلك.[6]

ابن كثير (النور: «30») عدل

تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء السادس ص41 إلى 44، دار طيبة، سنة النشر: 1422 هـ/ 2002م.

قال ابن كثير: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعا، كما رواه مسلم في صحيحه، من حديث يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري».

وكذا رواه الإمام أحمد عن هشيم عن يونس بن عبيد به، ورواه أبو داود والترمذي (ص: 42) والنسائي من حديثه أيضا، وقال الترمذي: حسن صحيح، وفي رواية لبعضهم: فقال: «أطرق بصرك»، يعني: انظر إلى الأرض، والصرف أعم؛ فإنه قد يكون إلى الأرض وإلى جهة أخرى، والله أعلم.

وقال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري حدثنا شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة».

ورواه الترمذي من حديث شريك وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديثه.

وفي الصحيح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات»، قالوا : يا رسول الله: لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر».

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا طالوت بن عباد حدثنا فضل بن جبير: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم».

وفي صحيح البخاري: «من يكفل لي ما بين لحييه وما بين رجليه أكفل له الجنة».

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال: كل ما عصي الله به فهو كبيرة، وقد ذكر الطرفين فقال: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.

ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: "النظر سهام سم إلى القلب" ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك فقال: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنى كما قال: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، (سورة المعارج آية: 29، 30) وتارة يكون بحفظه من النظر إليه، كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن: (ص: 43 «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك».

﴿ذلك أزكى لهم أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم، كما قيل: "من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته"، ويروى: "في قلبه".

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عتاب حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة (أول مرة) ثم يغض بصره إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها».

وروي هذا مرفوعا عن ابن عمر وحذيفة وعائشة رضي الله عنهم ولكن في إسنادها ضعف إلا أنها في الترغيب ومثله يتسامح فيه.

وفي الطبراني من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا: «لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم ولتقيمن وجوهكم أو: لتكسفن وجوهكم».

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن زهير التستري قال: قرأنا على محمد بن حفص بن عمر الضرير المقرئ حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا هريم بن سفيان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم، من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه».

وقوله: ﴿إن الله خبير بما يصنعون، كما قال تعالى: ﴿يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (سورة غافر آية: 19).

وفي الصحيح: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين: النظر، وزنى اللسان: النطق، وزنى الأذنين: الاستماع، وزنى اليدين: البطش، وزنى الرجلين: الخطي، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».

(ص: 44)

رواه البخاري تعليقا، ومسلم مسندا من وجه آخر بنحو ما تقدم.

وقد قال كثير من السلف: إنهم كانوا ينهون أن يحد الرجل بصره إلى الأمرد، وقد شدد كثير من أئمة الصوفية في ذلك، وحرمه طائفة من أهل العلم، لما فيه من الافتتان، وشدد آخرون في ذلك كثيرا جدا.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو سعيد المدني حدثنا عمر بن سهل المازني حدثني عمر بن محمد بن صهبان حدثني صفوان بن سليم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله، وعينا سهرت في سبيل الله، وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عز وجل».[7]



القرطبي (النور: «30») عدل

تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الثاني، ص205 وما بعدها، إلى 209 دار الفكر.

قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون

فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وصل تعالى بذكر الستر ما يتعلق به من أمر النظر، يقال: غض بصره يغضه غضا قال الشاعر:

فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وقال عنترة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها

ولم يذكر الله تعالى ما يغض البصر عنه ويحفظ الفرج، غير أن ذلك معلوم بالعادة، وأن المراد منه المحرم دون المحلل، وفي البخاري: (وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن؟ قال: اصرف بصرك؛ يقول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وقال قتادة: عما لا يحل لهم، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن خائنة الأعين من النظر إلى ما نهي عنه.

الثانية: قوله تعالى: ﴿من أبصارهم من زائدة كقوله: فما منكم من أحد عنه حاجزين، وقيل: من للتبعيض؛ لأن من النظر ما يباح، وقيل: الغض النقصان (ص: 206) يقال: غض فلان من فلان أي وضع منه، فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص، ف﴿من صلة للغض، وليست للتبعيض ولا للزيادة.

الثالثة: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال: صلى الله عليه وسلم: إياكم والجلوس على الطرقات فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. رواه أبو سعيد الخدري، خرجه البخاري ومسلم. وقال: صلى الله عليه وسلم لعلي: لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية. وروى الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب أن غزوان، وأبا موسى الأشعري كانا في بعض مغازيهم فكشفت جارية فنظر إليها غزوان، فرفع يده فلطم عينه حتى نفرت، فقال: إنك للحاظة إلى ما يضرك ولا ينفعك، فلقي أبا موسى فسأله فقال: ظلمت عينك، فاستغفر الله وتب، فإن لها أول نظرة وعليها ما كان بعد ذلك. قال الأوزاعي: وكان غزوان ملك نفسه فلم يضحك حتى مات رضي الله عنه. وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. وهذا يقوي قول من يقول: إن من للتبعيض؛ لأن النظرة الأولى لا تملك فلا تدخل تحت خطاب تكليف، إذ وقوعها لا يتأتى أن يكون مقصودا، فلا تكون مكتسبة فلا يكون مكلفا بها، فوجب التبعيض لذلك، ولم يقل ذلك في الفرج؛ لأنها تملك، ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير من زماننا هذا وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمة نظر شهوة يرددها.

الرابعة: قوله تعالى: ﴿ويحفظوا فروجهم أي: يستروها عن أن يراها من لا يحل.

(ص: 207) وقيل: ﴿ويحفظوا فروجهم أي: عن الزنا، وعلى هذا القول لو قال: «من فروجهم» لجاز. والصحيح أن الجميع مراد واللفظ عام، وروى بهز بن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، قال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: «إن استطعت ألا يراها فافعل»، قلت: فالرجل يكون خاليا؟ فقال: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس». وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالها معه فقالت: ما رأيت ذلك منه ولا رأى ذلك مني.

الخامسة: بهذه الآية حرم العلماء نصا دخول الحمام بغير مئزر، وقد روي عن ابن عمر أنه قال: أطيب ما أنفق الرجل درهم يعطيه للحمام في خلوة. وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجحفة. فدخوله جائز للرجال بالمآزر، وكذلك النساء للضرورة كغسلهن من الحيض أو النفاس، أو مرض يلحقهن، والأولى بهن والأفضل لهن غسلهن إن أمكن ذلك في بيوتهن، فقد روى أحمد بن منيع: حدثنا الحسن بن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن أم الدرداء أنه سمعها تقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرجت من الحمام فقال: «من أين يا أم الدرداء؟» فقالت: من الحمام، فقال: «والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل». وخرج أبو بكر البزار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احذروا بيتا يقال له الحمام»، قالوا: يا رسول الله: ينقي الوسخ، قال: «فاستتروا». قال أبو محمد عبد الحق: هذا أصح إسناد حديث في هذا الباب على أن الناس (ص: 208) يرسلونه عن طاوس، وأما ما خرجه أبو داود في هذا من الحظر والإباحة فلا يصح منه شيء لضعف الأسانيد، وكذلك ما خرجه الترمذي.

قلت: أما دخول الحمام في هذه الأزمان فحرام على أهل الفضل والدين؛ لغلبة الجهل على الناس واستسهالهم إذا توسطوا الحمام رمي مآزرهم، حتى يرى الرجل البهي ذو الشيبة قائما منتصبا وسط الحمام وخارجه باديا عن عورته ضاما بين فخذيه ولا أحد يغير عليه، هذا أمر بين الرجال فكيف من النساء؟ لا سيما بالديار المصرية إذ حماماتهم خالية عن المظاهر التي هي من أعين الناس سواتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

السادسة: قال العلماء: فإن استتر فليدخل بعشرة شروط:

الأول: ألا يدخل إلا بنية التداوي أو بنية التطهير عن الرحضاء.

الثاني: أن يعتمد أوقات الخلوة أو قلة الناس.

الثالث: أن يستر عورته بإزار صفيق.

الرابع: أن يكون نظره إلى الأرض أو يستقبل الحائط لئلا يقع بصره على محظور.

الخامس: أن يغير ما يرى من منكر برفق يقول: استتر سترك الله.

السادس: إن دلكه أحد لا يمكنه من عورته، من سرته إلى ركبته إلا امرأته أو جاريته.

وقد اختلف في الفخذين هل هما عورة أم لا؟.

السابع: أن يدخله بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس.

الثامن: أن يصب الماء على قدر الحاجة.

التاسع: إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قوم يحفظون أديانهم على كرائه.

العاشر: أن يتذكر به جهنم، فإن لم يمكنه ذلك كله فليستتر وليجتهد في غض البصر.

ذكر الترمذي أبو عبد الله في نوادر الأصول من حديث طاوس عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا بيتا يقال له الحمام»، قيل: يا رسول الله: إنه يذهب به الوسخ ويذكر النار فقال: «إن كنتم لا بد فاعلين فادخلوه مستترين». وخرج من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم البيت يدخله الرجل المسلم بيت الحمام -وذلك لأنه إذا دخله سأل الله الجنة واستعاذ به من النار- وبئس البيت يدخله الرجل بيت العروس، وذلك لأنه يرغبه (ص: 209) في الدنيا وينسيه الآخرة" قال أبو عبد الله: فهذا لأهل الغفلة، صير الله هذه الدنيا بما فيها سببا للذكر لأهل الغفلة ليذكروا بها آخرتهم، فأما أهل اليقين فقد صارت الآخرة نصب أعينهم، فلا بيت حمام يزعجه ولا بيت عروس يستفزه، لقد دقت الدنيا بما فيها من الصنفين والضربين في جنب الآخرة، حتى أن جميع نعيم الدنيا في أعينهم كنثارة الطعام من مائدة عظيمة، وجميع شدائد الدنيا في أعينهم كتفلة عوقب بها مجرم أو مسيء قد كان استوجب القتل أو الصلب من جميع عقوبات أهل الدنيا.

السابعة: قوله تعالى: ﴿ذلك أزكى لهم أي: غض البصر وحفظ الفرج أطهر في الدين وأبعد من دنس الأنام. ﴿إن الله خبير أي: عالم، ﴿بما يصنعون: تهديد ووعيد.[8]

القرطبي (النور: 31) عدل

تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، سورة النور، قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، الجزء الثاني عشر، ص209 وما بعدها

قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن.. إلى قوله: ﴿من زينتهن فيه ست وعشرون مسألة:

الأولى: قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات: خص الله سبحانه وتعالى الإناث هنا بالخطاب على طريق التأكيد، فإن قوله: ﴿قل للمؤمنين يكفي؛ لأنه قول عام يتناول الذكر والأنثى من المؤمنين، حسب كل خطاب عام في القرآن، وظهر التضعيف في يغضضن ولم يظهر في يغضوا لأن لام الفعل من الثاني ساكنة ومن الأول متحركة، وهما في موضع جزم جوابا. وبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب، كما أن الحمى رائد الموت، وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:


ألم تر أن العين للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب آلف

(ص: 210)

وفي الخبر ( النظر سهم من سهام إبليس مسموم فمن غض بصره أورثه الله الحلاوة في قلبه ) . وقال مجاهد : إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها فزينها لمن ينظر ؛ فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن ينظر . وعن خالد بن أبي عمران قال: لا تتبعن النظرة النظرة فربما نظر العبد نظرة نغل منها قلبه كما ينغل الأديم فلا ينتفع به. فأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما لا يحل، فلا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل، فإن علاقتها به كعلاقته بها، وقصدها منه كقصده منها، وفي صحيح مسلم: عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر . . . الحديث . وقال الزهري في النظر إلى التي لم تحض من النساء: لا يصلح النظر إلى شيء منهن ممن يشتهى النظر إليهن وإن كانت صغيرة، وكره عطاء النظر إلى الجواري اللاتي يبعن بمكة إلا أن يريد أن يشتري، وفي الصحيحين عنه عليه السلام: أنه صرف وجه الفضل عن الخثعمية حين سألته، وطفق الفضل ينظر إليها، وقال: عليه السلام: الغيرة من الإيمان والمذاء من النفاق، والمذاء هو أن يجمع الرجل بين النساء والرجال ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضا، مأخوذ من المذي، وقيل: هو إرسال الرجال إلى النساء، من قولهم: مذيت الفرس إذا أرسلتها ترعى، وكل ذكر يمذي، وكل أنثى تقذي، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له، أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد، فهو آمن أن يتحرك طبعه إليها لوقوع اليأس له منها.

الثانية: روى الترمذي عن نبهان مولى أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ولميمونة وقد دخل

(ص: 211)

عليها ابن أم مكتوم: احتجبا فقالتا: إنه أعمى قال: أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه، فإن قيل: هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل؛ لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لا يحتج بحديثه، وعلى تقدير صحته فإن ذلك منه عليه السلام تغليظ على أزواجه لحرمتهن كما غلظ عليهن أمر الحجاب، كما أشار إليه أبو داود وغيره من الأئمة، ويبقى معنى الحديث الصحيح الثابت وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك ولا يراك، قلنا: قد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المرأة يجوز لها أن تطلع من الرجل على ما لا يجوز للرجل أن يطلع من المرأة كالرأس ومعلق القرط، وأما العورة فلا، فعلى هذا يكون مخصصا لعموم قوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، وتكون من للتبعيض كما هي في الآية قبلها. قال ابن العربي: وإنما أمرها بالانتقال من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم لأن ذلك أولى بها من بقائها في بيت أم شريك، إذ كانت أم شريك مؤثرة بكثرة الداخل إليها، فيكثر الرائي لها، وفي بيت ابن أم مكتوم لا يراها أحد، فكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى، فرخص لها في ذلك، والله أعلم.

الثالثة: أمر الله سبحانه وتعالى النساء بألا يبدين زينتهن للناظرين إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية حذارا من الافتتان، ثم استثنى ما يظهر من الزينة، واختلف الناس في قدر ذلك فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة هو الثياب، وزاد ابن جبير الوجه، وقال سعيد بن جبير أيضا وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان والثياب، وقال ابن عباس وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكحل والسوار والخضاب إلى نصف الذراع والقرطة والفتخ ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس، وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آخر عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا

(ص: 212) يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى هاهنا وقبض على نصف الذراع،

قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه ، أو إصلاح شأن ونحو ذلك . ف ( ما ظهر ) على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه .

قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما، يدل على ذلك ما رواه أبو داود ، عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا" وأشار إلى وجهه وكفيه. فهذا أقوى من جانب الاحتياط؛ ولمراعاة فساد الناس فلا تبدي المرأة من زينتها إلا ما ظهر من وجهها وكفيها، والله الموفق لا رب سواه.

وقد قال ابن خويز منداد من علمائنا: إن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها.

الرابعة: الزينة على قسمين: خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة ومعنى الحيوانية لما فيه من المنافع وطرق العلوم، وأما الزينة المكتسبة فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها كالثياب والحلي والكحل والخضاب، ومنه قوله تعالى: ﴿خذوا زينتكم، وقال الشاعر:


يأخذن زينتهن أحسن ما ترى وإذا عطلن فهن خير عواطل

الخامسة: من الزينة ظاهر وباطن، فما ظهر فمباح أبدا لكل الناس من المحارم والأجانب، وقد ذكرنا ما للعلماء فيه، وأما ما بطن فلا يحل إبداؤه إلا لمن سماهم الله تعالى في هذه الآية، أو حل محلهم، واختلف في السوا فقالت عائشة: هي من الزينة الظاهرة لأنها في اليدين، وقال مجاهد: هي من الزينة الباطنة لأنها خارج عن الكفين وإنما تكون في الذراع، قال ابن العربي: وأما الخضاب فهو من الزينة الباطنة إذا كان في القدمين.

(ص: 213)

السادسة: قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن قرأ الجمهور بسكون اللام التي هي للأمر، وقرأ أبو عمرو في رواية ابن عباس بكسرها على الأصل؛ لأن الأصل في لام الأمر الكسر، وحذفت الكسرة لثقلها، وإنما تسكينها لتسكين عضد وفخذ. و ( يضربن ) في موضع جزم بالأمر ، إلا أنه بني على حالة واحدة إتباعا للماضي عند سيبويه . وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رءوسهن بالأخمرة وهي المقانع سدلنها من وراء الظهر . قال النقاش : كما يصنع النبط ؛ فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك ؛ فأمر الله تعالى بلي الخمار على الجيوب ، وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها لتستر صدرها . روى البخاري ، عن عائشة أنها قالت : رحم الله نساء المهاجرات الأول ؛ لما نزل : وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن أزرهن فاختمرن بها . ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن - رضي الله عنهم - وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك ؛ فشقته عليها وقالت : إنما يضرب بالكثيف الذي يستر .

السابعة : الخمر: جمع الخمار، وهو ما تغطي به رأسها، ومنه اختمرت المرأة وتخمرت، وهي حسنة الخمرة، والجيوب: جمع الجيب، وهو موضع القطع من الدرع والقميص، وهو من الجوب وهو القطع.

ومشهور القراءة ضم الجيم من ( جيوبهن ) . وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء ؛ كقراءتهم ذلك في : بيوت وشيوخ . والنحويون القدماء لا يجيزون هذه القراءة ويقولون : بيت وبيوت كفلس وفلوس . وقال الزجاج : يجوز على أن تبدل من الضمة كسرة ؛ فأما ما روي عن حمزة من الجمع بين الضم والكسر فمحال ، لا يقدر أحد أن ينطق به إلا على الإيماء إلى ما لا يجوز . وقال مقاتل : على جيوبهن أي على صدورهن ؛ يعني على مواضع جيوبهن .

الثامنة: في هذه الآية دليل على أن الجيب إنما يكون في الثوب موضع الصدر . وكذلك كانت الجيوب في ثياب السلف رضوان الله عليهم ؛ على ما يصنعه النساء عندنا بالأندلس وأهل الديار المصرية من الرجال والصبيان وغيرهم . وقد ترجم البخاري رحمة الله تعالى عليه ( باب جيب القميص من عند الصدر وغيره ) وساق حديث أبي هريرة قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما

(ص: 214) وتراقيهما . . . ) الحديث، وقد تقدم بكماله، وفيه: قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعيه هكذا في جيبه فلو رأيته يوسعها ولا تتوسع. فهذا يبين لك أن جيبه عليه السلام كان في صدره؛ لأنه لو كان في منكبه لم تكن يداه مضطرة إلى ثدييه وتراقيه . وهذا استدلال حسن.

التاسعة: قوله تعالى : إلا لبعولتهن والبعل هو الزوج والسيد في كلام العرب ؛ ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل : إذا ولدت الأمة بعلها يعني سيدها ؛ إشارة إلى كثرة السراري بكثرة الفتوحات ، فيأتي الأولاد من الإماء فتعتق كل أم بولدها وكأنه سيدها الذي من عليها بالعتق ، إذ كان العتق حاصلا لها من سببه ؛ قاله ابن العربي .

قلت : ومنه قوله - عليه السلام - في مارية : أعتقها ولدها فنسب العتق إليه . وهذا من أحسن تأويلات هذا الحديث . والله أعلم .

مسألة : فالزوج والسيد يرى الزينة من المرأة وأكثر من الزينة إذ كل محل من بدنها حلال له لذة ونظرا . ولهذا المعنى بدأ بالبعولة ؛ لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا ، قال الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين .

العاشرة: اختلف الناس في جواز نظر الرجل إلى فرج المرأة على قولين: أحدهما: يجوز؛ لأنه إذا جاز له التلذذ به فالنظر أولى. وقيل: لا يجوز؛ لقول عائشة رضي الله عنها في ذكر حالها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رأيت ذلك منه ولا رأى ذلك مني والأول أصح، وهذا محمول على الأدب ؛ قاله ابن العربي . وقد قال أصبغ من علمائنا : يجوز له أن يلحسه بلسانه . وقال ابن خويز منداد : أما الزوج والسيد فيجوز له أن ينظر إلى سائر الجسد وظاهر [ ص: 215 ] الفرج دون باطنه . وكذلك المرأة يجوز أن تنظر إلى عورة زوجها ، والأمة إلى عورة سيدها .

قلت : وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : النظر إلى الفرج يورث الطمس أي العمى ، أي في الناظر . وقيل : إن الولد بينهما يولد أعمى . والله أعلم .

الحادية عشرة : ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر . فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها . وتختلف مراتب ما يبدى لهم ؛ فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج . وقد ذكر القاضي إسماعيل ، عن الحسن ، والحسين - رضي الله عنهما - أنهما كانا لا يريان أمهات المؤمنين . وقال ابن عباس : إن رؤيتهما لهن تحل . قال إسماعيل : أحسب أن الحسن والحسين ذهبا في ذلك إلى أن أبناء البعولة لم يذكروا في الآية التي في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي قوله تعالى : لا جناح عليهن في آبائهن . وقال في سورة النور : ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن الآية . فذهب ابن عباس إلى هذه الآية ، وذهب الحسن ، والحسين إلى الآية الأخرى .

الثانية عشرة: قوله تعالى: ﴿أو أبناء بعولتهن يريد ذكور أولاد الأزواج، ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سفلوا من ذكران كانوا أو إناث كبني البنين وبني البنات، وكذلك آباء البعولة والأجداد وإن علوا من جهة الذكران لآباء الآباء وآباء الأمهات، وكذلك أبناؤهن وإن سفلوا، وكذلك أبناء البنات وإن سفلن، فيستوي فيه أولاد البنين وأولاد البنات، وكذلك أخواتهن، وهم من ولد الآباء والأمهات أو أحد الصنفين، وكذلك بنو الإخوة وبنو الأخوات وإن سفلوا من ذكران كانوا أو إناث كبني بني الأخوات وبني بنات الأخوات، وهذا كله في معنى ما حرم من المناكح، فإن ذلك على المعاني في الولادات وهؤلاء محارم، وقد تقدم في (النساء). والجمهور على أن العم والخال كسائر المحارم في جواز النظر لهما إلى ما يجوز لهم، وليس في الآية ذكر الرضاع، وهو كالنسب على ما تقدم . وعند الشعبي ، وعكرمة ليس العم والخال من المحارم . وقال عكرمة : لم يذكرهما في الآية لأنهما تبعان لأبنائهما .

الثالثة عشرة: قوله تعالى: ﴿أو نسائهن يعني المسلمات، ويدخل في هذا الإماء

(ص: 216) المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم فلا يحل لامرأة مؤمنة أن تكشف شيئا من بدنها بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها فذلك قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن. وكان ابن جريج وعبادة بن نسي وهشام القارئ يكرهون أن تقبل النصرانية المسلمة أو ترى عورتها، ويتأولون: ﴿أو نسائهن، وقال عبادة بن نسي: وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجراح: أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك، وحل دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة، قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحل للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفها لزوجها. وفي هذه المسألة خلاف للفقهاء، فإن كانت الكافرة أمة لمسلمة جاز أن تنظر إلى سيدتها وأما غيرها فلا، لانقطاع الولاية بين أهل الإسلام وأهل الكفر، ولما ذكرناه. والله أعلم.

الرابعة عشرة: قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: ظاهر الآية يشمل العبيد والإماء المسلمات والكتابيات، وهو قول جماعة من أهل العلم، وهو الظاهر من مذهب عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وقال ابن عباس: لا بأس أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته، وقال أشهب: سئل مالك أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي؟ فقال نعم، إذا كان مملوكا لها أو لغيرها، وأما الحر فلا، وإن كان فحلا كبيرا وغدا تملكه، لا هيئة له ولا منظر فلينظر إلى شعرها. قال أشهب: قال مالك: ليس بواسع أن تدخل جارية الولد أو الزوجة على الرجل المرحاض قال الله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانكم، وقال أشهب عن مالك: ينظر الغلام الوغد إلى شعر سيدته، ولا أحبه لغلام الزوج، وقال سعيد بن المسيب: لا تغرنكم هذه الآية أو ما ملكت أيمانهن إنما عني بها الإماء ولم يعن بها العبيد، وكان الشعبي يكره أن ينظر المملوك إلى شعر مولاته، وهو قول مجاهد وعطاء، وروى أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة ثوب إذا غطت به رأسها لم يبلغ إلى رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ إلى رأسها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى من ذلك قال: "إنه لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك".

(ص: 217) الخامسة عشرة: قوله تعالى : ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أي: غير أولي الحاجة والإربة الحاجة يقال: أربت كذا آرب أربا، والإرب والإربة والمأربة والأرب: الحاجة، والجمع مآرب أي: حوائج، ومنه قوله تعالى: ﴿ولي فيها مآرب أخرى وقد تقدم وقال طرفة:

إذا المرء قال الجهل والحوب والخنا
تقدم يوما ثم ضاعت مآربه

واختلف الناس في معنى قوله: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة فقيل: هو الأحمق الذي لا حاجة به إلى النساء، وقيل الأبله، وقيل: الرجل يتبع القوم فيأكل معهم ويرتفق بهم وهو ضعيف لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن، وقيل العنين، وقيل الخصي، وقيل المخنث، وقيل الشيخ الكبير، والصبي الذي لم يدرك، وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى، ويجتمع فيمن لا فهم له ولا همة ينتبه بها إلى أمر النساء، وبهذه الصفة كان هيت المخنث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع منه ما سمع من وصف محاسن المرأة: باديسة بنت غيلان، أمر بالاحتجاب منه، أخرج حديثه مسلم وأبو داود ومالك في الموطأ وغيرهم عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قال أبو عمر: ذكر عبد الملك بن حبيب عن حبيب كاتب مالك قال: قلت لمالك: إن سفيان زاد في حديث ابنة غيلان: "أن مخنثا يقال له هيت" وليس في كتابك هيت؟ فقال مالك: صدق، هو كذلك وغربه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحمى وهو موضع من ذي الحليفة ذات الشمال من مسجدها. قال حبيب: وقلت لمالك: وقال سفيان في الحديث: إذا قعدت تبنت، وإذا تكلمت تغنت، قال مالك: صدق، هو كذلك. قال أبو عمر: ما ذكره حبيب كاتب مالك عن سفيان أنه قال في الحديث يعني حديث هشام ابن عروة: "أن مخنثا يدعى هيتا" فغير معروف عند أحد من رواته عن هشام، لا ابن عيينة ولا غيره، ولم يقل في نسق الحديث: "إن مخنثا يدعى هيتا" وإنما ذكره عن ابن جريج بعد تمام الحديث، وكذلك قوله عن سفيان أنه يقول في

(ص: 218) الحديث: إذا قعدت تبنت وإذا تكلمت تغنت، هذا ما لم يقله سفيان ولا غيره في حديث هشام بن عروة، وهذا اللفظ لا يوجد إلا من رواية الواقدي، والعجب أنه يحكيه عن سفيان، ويحكي عن مالك أنه كذلك، فصارت رواية عن مالك، ولم يروه عن مالك غير حبيب ولا ذكره عن سفيان غيره أيضا، والله أعلم. وحبيب كاتب مالك متروك الحديث ضعيف عند جميعهم، لا يكتب حديثه ولا يلتفت إلى ما يجيء به. ذكر الواقدي والكلبي أن هيتا المخنث قال لعبد الله بن أمية المخزومي وهو أخو أم سلمة لأبيها، وأمه عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له وهو في بيت أخته أم سلمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع: إن فتح الله عليكم الطائف فعليك ببادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، مع ثغر كالأقحوان، إن جلست تبنت وإن تكلمت تغنت، بين رجليها كالإناء المكفوء، وهي كما قال قيس بن الخطيم:


تغترق الطرف وهي لاهية كأنما شف وجهها نزف بين شكول النساء خلقتها قصد فلا جبلة ولا قضف تنام عن كبر شأنها فإذا قامت رويدا تكاد تنقصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله". ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى. قال: فلما افتتحت الطائف تزوجها عبد الرحمن بن عوف فولدت له منه بريهة في قول الكلبي. ولم يزل هيت بذلك المكان حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولي أبو بكر كلم فيه فأبى أن يرده، فلما ولي عمر كلم فيه فأبى، ثم كلم فيه عثمان بعد، وقيل: إنه قد كبر وضعف واحتاج، فأذن له أن يدخل كل جمعة فيسأل ويرجع إلى مكانه. قال: وكان هيت مولى لعبد الله بن أبي أمية المخزومي، وكان له طويس أيضا، فمن ثم قبل الخنث. قال أبو عمر: يقال: "بادية" بالياء و"بادنة" بالنون، والصواب فيه عندهم بالياء، وهو قول أكثرهم، وكذلك ذكره الزبيري بالياء.

(ص: 219) السادسة عشرة: وصف التابعين بـ﴿غير؛ لأن التابعين غير مقصودين بأعيانهم، فصار اللفظ كالنكرة، و:﴿غير: لا يتمحض نكرة فجاز أن يجري وصفا على المعرفة، وإن شئت قلت هو بدل، والقول فيها كالقول في غير المغضوب عليهم. وقرأ عاصم وابن عامر "غير" بالنصب فيكون استثناء أي: يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم، ويجوز أن يكون حالا أي: والذين يتبعونهن عاجزين عنهن قاله أبو حاتم، وذو الحال ما في "التابعين" من الذكر.

السابعة عشرة: قوله تعالى: ﴿أو الطفل: اسم جنس بمعنى الجمع، والدليل على ذلك نعته بـ ﴿الذين، وفي مصحف حفصة: "أو الأطفال" على الجمع، ويقال: طفل ما لم يراهق الحلم . و:﴿يظهروا معناه: يطلعوا بالوطء أي: لم يكشفوا عن عوراتهن للجماع لصغرهن، وقيل: لم يبلغوا أن يطيقوا النساء يقال: ظهرت على كذا أي علمته، وظهرت على كذا أي: قهرته، والجمهور على سكون الواو من: ﴿عورات؛ لاستثقال الحركة على الواو، وروي عن ابن عباس فتح الواو مثل جفنة وجفنات، وحكى الفراء أنها لغة قيس عورات بفتح الواو، النحاس: وهذا هو القياس؛ لأنه ليس بنعت، كما تقول: جفنة وجفنات، إلا أن التسكين أجود في عورات وأشباهه؛ لأن الواو إذا تحركت وتحرك ما قبلها قلبت ألفا، فلو قيل هذا لذهب المعنى.

الثامنة عشرة: اختلف العلماء في وجوب ستر ما سوى الوجه والكفين منه على قولين: أحدهما: لا يلزم؛ لأنه لا تكليف عليه، وهو الصحيح، والآخر يلزمه؛ لأنه قد يشتهي وقد تشتهي أيضا هي فإن راهق فحكمه حكم البالغ وجوب الستر، ومثله الشيخ الذي سقطت شهوته اختلف فيه أيضا على قولين كما في الصبي، والصحيح بقاء الحرمة، قاله ابن العربي.

التاسعة عشرة: أجمع المسلمون على أن السوءتين عورة من الرجل والمرأة، وأن المرأة كلها عورة، إلا وجهها ويديها فإنهم اختلفوا فيهما، وقال أكثر العلماء في الرجل: من سرته إلى ركبته عورة، لا يجوز أن ترى، وقد مضى في (الأعراف) القول في هذا مستوفى.

الموفية عشرين: قال أصحاب الرأي: عورة المرأة مع عبدها من السرة إلى الركبة.

(ص: 220) ابن العربي: وكأنهم ظنوها رجلا أو ظنوه امرأة، والله تعالى قد حرم المرأة على الإطلاق لنظر أو لذة، ثم استثنى اللذة للأزواج وملك اليمين، ثم استثنى الزينة لاثني عشر شخصا العبد منهم، فما لنا ولذلك هذا نظر فاسد واجتهاد عن السداد متباعد، وقد تأول بعض الناس قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن على الإماء دون العبيد، منهم سعيد بن المسيب، فكيف يحملون على العبيد ثم يلحقون بالنساء، هذا بعيد جدا وقد قيل: إن التقدير أو ما ملكت أيمانهن من غير أولي الإربة أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال، حكاه المهدوي.

الحادية والعشرون: قوله تعالى: ﴿ولا يضربن بأرجلهن أي: لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتسمع صوت خلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة وأشد، والغرض التستر. أسند الطبري عن المعتمر عن أبيه أنه قال: زعم حضرمي أن امرأة اتخذت برتين من فضة واتخذت جزعا فجعلت في ساقها فمرت على القوم فضربت برجلها الأرض فوقع الخلخال على الجزع فصوت؛ فنزلت هذه الآية. وسماع هذه الزينة أشد تحريكا للشهوة من إبدائها، قاله الزجاج.

الثانية والعشرون: من فعل ذلك منهن فرحا بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك منهن تبرجا وتعرضا للرجال فهو حرام مذموم، وكذلك من ضرب بنعله من الرجال، إن فعل ذلك تعجبا حرم فإن العجب كبيرة، وإن فعل ذلك تبرجا لم يجز.

الثالثة والعشرون: قال مكي رحمه الله تعالى: ليس في كتاب الله تعالى آية أكثر ضمائر من هذه، جمعت خمسة وعشرين ضميرا للمؤمنات من مخفوض ومرفوع.

قوله تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون فيه مسألتان:

الأولى: قوله تعالى: ﴿وتوبوا: أمر، ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين، وقد مضى الكلام فيها في: (النساء) وغيرها فلا معنى لإعادة ذلك، والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال.

الثانية: قرأ الجمهور: ﴿أيه بفتح الهاء، وقرأ ابن عامر بضمها؛ ووجهه أن تجعل الهاء من نفس الكلمة، فيكون إعراب المنادى فيها، وضعف أبو علي ذلك جدا وقال: آخر الاسم

(ص: 221) هو الياء الثانية من أي، فالمضموم ينبغي أن يكون آخر الاسم، ولو جاز ضم الهاء هاهنا لاقترانها بالكلمة لجاز ضم الميم في: "اللهم" لاقترانها بالكلمة في كلام طويل، والصحيح أنه إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة فليس إلا اعتقاد الصحة في اللغة، فإن القرآن هو الحجة، وأنشد الفراء:

يا أيه القلب اللجوج النفس
أفق عن البيض الحسان اللعس

اللعس: لون الشفة إذا كانت تضرب إلى السواد قليلا، وذلك يستملح يقال: شفة لعساء، وفتية ونسوة لعس، وبعضهم يقف: ﴿أيه وبعضهم يقف: ﴿أيها بالألف؛ لأن علة حذفها في الوصل إنما هي سكونها وسكون اللام، فإذا كان الوقف ذهبت العلة فرجعت الألف كما ترجع الياء إذا وقفت على: ﴿محلي من قوله تعالى: ﴿غير محلي الصيد. وهذا الاختلاف الذي ذكرناه كذلك هو في: ﴿ يا أيه الساحر، ﴿يا أيه الثقلان.[9]

الطبري(النور: «30») عدل

تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، آية: (30)، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء التاسع عشر، ص154 و155، دار المعارف.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30).

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿قل للمؤمنين بالله وبك يا محمد ﴿يغضوا من أبصارهم يقول: يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه، مما قد نهاهم الله عن النظر إليه ﴿ويحفظوا فروجهم أن يراها من لا يحل له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم ﴿ذلك أزكى لهم يقول: فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه، وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين أطهر لهم عند الله وأفضل، ﴿إن الله خبير بما يصنعون يقول: إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس فيما أمركم به من غض أبصاركم عما أمركم بالغض عنه، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني علي بن سهل الرملي قال: ثنا حجاج قال: ثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم قال: كل فرج ذكر حفظه في القرآن فهو من الزنا إلا هذه، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن فإنه يعني الستر.

حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس، (ص: 155) قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن قال: يغضوا أبصارهم عما يكره الله.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال: يغض من بصره: أن ينظر إلى ما لا يحل له، إذا رأى ما لا يحل له غض من بصره لا ينظر إليه، ولا يستطيع أحد أن يغض بصره كله، إنما قال الله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.[10]

الطبري(النور: «31») عدل

تفسير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، الجزء التاسع عشر، ص155 إلى 161

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ﴿وقل يا محمد ﴿للمؤمنات من أمتك ﴿يغضضن من أبصارهن عما يكره الله النظر إليه مما نهاكم عن النظر إليه ﴿ويحفظن فروجهن يقول: ويحفظن فروجهن عن أن يراها من لا يحل له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم.

وقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن يقول تعالى ذكره: ولا يظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهن، وهما زينتان: إحداهما: ما خفي وذلك كالخلخال والسوارين والقرطين والقلائد، والأخرى: ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعني منه بهذه الآية، فكان بعضهم يقول: زينة الثياب الظاهرة،

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون بن المغيرة، عن الحجاج عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود ، قال: الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي: الخلخالان والقرطان والسواران.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني الثوري عن أبي إسحاق ص: 156 الهمداني عن أبي الأحوص عن عبد الله أنه قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: قال: هي الثياب.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الثياب.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مثله.

قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن زيد عن عبد الله مثله.

قال: ثنا سفيان عن علقمة عن إبراهيم في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: قال: الثياب.

حدثني يعقوب قال: ثنا ابن علية قال: أخبرنا بعض أصحابنا، إما يونس وإما غيره عن الحسن في قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الثياب.

حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الثياب.

قال أبو إسحاق: ألا ترى أنه قال: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد.

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج قال: ثنا محمد بن الفضل عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن زيد عن ابن مسعود: ﴿إلا ما ظهر منها قال: هو الرداء.

وقال آخرون: الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه: الكحل والخاتم والسواران والوجه.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب قال: ثنا مروان، قال: ثنا مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخاتم.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : ثنا مروان ، عن مسلم الملائي ، عن سعيد بن جبير ، مثله . ولم يذكر ابن عباس .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون ، عن أبي عبد الله نهشل ، عن الضحاك عن (ص: 157) ابن عباس قال: الظاهر منها: الكحل والخدان.

حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الوجه والكف.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز المكي ، عن سعيد بن جبير ، مثله .

حدثني علي بن سهل قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا أبو عمرو عن عطاء في قول الله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكفان والوجه.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة قال: الكحل والسوران والخاتم.

حدثني علي قال: ثنا عبد الله قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: والزينة الظاهرة: الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها.

حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: المسكتان والخاتم والكحل، قال قتادة: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى هاهنا»، وقبض نصف الذراع.

حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن رجل عن المسور بن مخرمة في قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: القلبين والخاتم والكحل يعني السوار.

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الخاتم والمسكة.

قال ابن جريج وقالت عائشة: القلب والفتخة، قالت عائشة: دخلت علي ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض، فقالت عائشة: يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم (ص: 158) يحل لها أن تظهر إلا وجهها، وإلا ما دون هذا»، وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى. وأشار به أبو علي.

قال ابن جريج وقال مجاهد قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخضاب والخاتم.

حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير عن عاصم عن عامر: ﴿إلا ما ظهر منها قال الكحل والخضاب والثياب.

حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها من الزينة: الكحل والخضاب والخاتم هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس.

حدثني ابن عبد الرحيم البرقي قال: ثنا عمر بن أبي سلمة قال: سئل الأوزاعي عن: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكفين والوجه.

حدثنا عمرو بن بندق قال: ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك في قول: ﴿ولا يبدين زينتهن قال الكف والوجه.

وقال آخرون: عنى به الوجه والثياب،

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر قال: قال يونس: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال الحسن: الوجه والثياب.

حدثنا ابن بشار قال ثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الوجه والثياب.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك: الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف، فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها (ص: 159) ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ﴿إلا ما ظهر منها لأن كل ذلك ظاهر منها.

وقوله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن، يقول تعالى ذكره: وليلقين خمرهن ، وهي جمع خمار ، على جيوبهن، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن.

حدثنا ابن وكيع قال ثنا زيد بن حباب عن إبراهيم بن نافع قال: ثنا الحسن بن مسلم بن يناق عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن قال شققن البرد مما يلي الحواشي فاختمرن به.

حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب أن قرة بن عبد الرحمن أخبره عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "يرحم الله النساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: شققن أكثف مروطهن فاختمرن به".

وقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن يقول تعالى ذكره: ﴿ولا يبدين زينتهن التي هي غير ظاهرة، بل الخفية منها، وذلك الخلخال والقرط والدملج، وما أمرت بتغطيته بخمارها من فوق الجيب، وما وراء ما أبيح لها كشفه، وإبرازه في الصلاة وللأجنبيين من الناس، والذراعين إلى فوق ذلك إلا لبعولتهن.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل،

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار قال ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن منصور عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن قال: هذه ما فوق الذراع .

حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن منصور قال: سمعت رجلا يحدث عن طلحة عن إبراهيم قال في هذه الآية: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن قال: ما فوق الجيب، قال شعبة: كتب به منصور إلي، وقرأته عليه.

حدثني يعقوب قال: ثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال: تبدي لهؤلاء الرأس.

(ص: 160) حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. إلى قوله: ﴿عورات النساء قال: الزينة التي يبدينها لهؤلاء: قرطاها وقلادتها وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها.

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج قال: قال ابن جريج قال: ابن مسعود في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال: الطوق والقرطين، يقول الله تعالى ذكره: ﴿قل للمؤمنات: الحرائر: لا يظهرن هذه الزينة الخفية التي ليست بالظاهرة إلا لبعولتهن، وهم أزواجهن، واحدهم بعل، أو لآبائهن، أو لآباء بعولتهن: يقول: أو لآباء أزواجهن، أو لأبنائهن، أو لأبناء بعولتهن، أو لإخوانهن، أو لبني إخوانهن، ويعني بقوله: أو لإخوانهن أو لأخواتهن، أو لبني إخوانهن، أو بني أخواتهن، أو نسائهن، قيل: عني بذلك نساء المسلمين.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج قوله: ﴿أو نسائهن قال: بلغني أنهن نساء المسلمين، لا يحل لمسلمة أن ترى مشركة عريتها، إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن.

قال: ثني الحسين قال: ثني عيسى بن يونس عن هشام بن الغازي عن عبادة بن نسي: أنه كره أن تقبل النصرانية المسلمة، أو ترى عورتها، ويتأول: ﴿أو نسائهن.

قال: ثنا عيسى بن يونس عن هشام عن عبادة قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح رحمة الله عليهما: أما بعد فقد بلغني أن نساء يدخلن الحمامات، ومعهن نساء أهل الكتاب، فامنع ذلك، وحل دونه. قال: ثم إن أبا عبيدة قام في ذلك المقام مبتهلا اللهم أيما امرأة تدخل الحمام من غير علة ولا سقم تريد البياض لوجهها فسود وجهها يوم تبيض الوجوه.

وقوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: أو مماليكهن، فإنه لا بأس عليها أن تظهر لهم من زينتها ما تظهره لهؤلاء.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج قال: (ص: 161) أخبرني عمرو بن دينار عن مخلد التميمي أنه قال في قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن قال: في القراءة الأولى: أيمانكم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو ما ملكت أيمانهن من إماء المشركين، كما قد ذكرنا عن ابن جريج قبل من أنه لما قال: ﴿أو نسائهن عنى بهن النساء المسلمات دون المشركات، ثم قال: أو ما ملكت أيمانهن من الإماء المشركات.[11]


البغوي (النور «29 و30») عدل

تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم، الجزء السادس، ص32 و33، دار طيبة.

( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ( 29 ) قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ( 30 ) )

﴿ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة أي: بغير استئذان، ﴿فيها متاع لكم يعني: منفعة لكم، واختلفوا في هذه البيوت، فقال قتادة: هي الخانات والبيوت والمنازل المبنية للسابلة ليأووا إليها ويئووا أمتعتهم إليها، جاز دخولها بغير استئذان، والمنفعة فيها بالنزول وإيواء المتاع والاتقاء من الحر والبرد.

وقال ابن زيد: هي بيوت التجار وحوانيتهم التي بالأسواق يدخلونها للبيع والشراء وهو المنفعة. وقال إبراهيم النخعي: ليس على حوانيت السوق إذن. وكان ابن سيرين إذا جاء إلى حانوت السوق يقول: السلام عليكم أأدخل؟ ثم يلج. وقال عطاء: هي البيوت الخربة، والمتاع هو قضاء الحاجة فيها من البول والغائط. وقيل: هي جميع البيوت التي لا ساكن لها؛ لأن الاستئذان إنما جاء لئلا يطلع على عورة فإن لم يخف ذلك فله الدخول بغير استئذان، ﴿والله يعلم ما تبدون وما تكتمون

قوله عز وجل: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم أي: عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، وقيل: "من" صلة أي: يغضوا أبصارهم، وقيل: هو ثابت لأن المؤمنين غير مأمورين بغض البصر أصلا لأنه لا يجب الغض عما يحل النظر إليه، وإنما أمروا بأن يغضوا عما لا يحل النظر إليه، ﴿ويحفظوا فروجهم: عما لا يحل، قال أبو العالية: كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا والحرام، إلا في هذا الموضع فإنه أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه، ﴿ذلك أي: غض البصر وحفظ الفرج، ﴿أزكى لهم أي: خير لهم وأطهر، ﴿إن الله خبير بما يصنعون عليم بما يفعلون، روي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة». (ص: 33)

وروي عن جرير بن عبد الله قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: «اصرف بصرك». أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا زيد بن الحباب، عن الضحاك بن عثمان قال: أخبرني زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد».[12]

البغوي (النور «31») عدل

تفسير البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، الجزء السادس ص33 إلى 38، دار طيبة.

﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون (31)

قوله عز وجل: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن: عما لا يحل، ﴿ويحفظن فروجهن: عمن لا يحل، وقيل أيضا: ﴿يحفظن فروجهن يعني: يسترنها حتى لا يراها أحد. وروي عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة إذ أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجبا منه»، فقلت: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟». (ص: 34)

النهي عن إبداء الزينة عدل

قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن أي: لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان: خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال والخضاب في الرجل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة.

قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها: أراد به الزينة الظاهرة، واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى، قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي: هو الوجه والكفان، وقال ابن مسعود: هي الثياب بدليل قوله تعالى: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد (سورة الأعراف آية: 31)، وأراد بها الثياب، وقال الحسن: الوجه والثياب، وقال ابن عباس: الكحل والخاتم والخضاب في الكف.

فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة، فإن خاف شيئا منها غض البصر، وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة، وسائر بدنها عورة يلزمها ستره.

قوله عز وجل: ﴿وليضربن بخمرهن أي: ليلقين بمقانعهن، ﴿على جيوبهن وصدورهن ليسترن بذلك شعورهن وصدورهن وأعناقهن وأقراطهن . قالت عائشة رحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله عز وجل: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها.

﴿ولا يبدين زينتهن يعني: الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة ولا للأجانب، وهو ما عدا الوجه والكفين، ﴿إلا لبعولتهن، قال ابن عباس ومقاتل: يعني لا يضعن الجلباب ولا الخمار إلا لبعولتهن، أي: إلا لأزواجهن، ﴿أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن: فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة، ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة، ويجوز للزوج أن ينظر إلى جميع بدنها غير أنه يكره له النظر إلى فرجها. (ص: 35)

قوله تعالى: ﴿أو نسائهن: أراد أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى بدن المرأة إلا ما بين السرة والركبة كالرجل المحرم، هذا إذا كانت المرأة مسلمة فإن كانت كافرة فهل يجوز للمسلمة أن تنكشف لها؟ اختلف أهل العلم فيه، فقال بعضهم: يجوز كما يجوز أن تنكشف للمرأة المسلمة لأنها من جملة النساء، وقال بعضهم: لا يجوز لأن الله تعالى قال: ﴿أو نسائهن، والكافرة ليست من نسائنا؛ ولأنها أجنبية في الدين، فكانت أبعد من الرجل الأجنبي. كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات.

قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: اختلفوا فيها فقال قوم: عبد المرأة محرم لها، فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة، كالمحارم وهو ظاهر القرآن، وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة، وروى ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال: "إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك". وقال قوم: هو كالأجنبي معها، وهو قول سعيد بن المسيب، وقال: المراد من الآية الإماء دون العبيد، وعن ابن جريج أنه قال: ﴿أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن: أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمة لها.

قوله عز وجل: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال: قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو بكر ﴿غير بنصب الراء على القطع لأن: ﴿التابعين معرفة و﴿غير نكرة، وقيل: بمعنى: "إلا" فهو استثناء معناه: يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة، وقرأ الآخرون بالجر على نعت ﴿التابعين والإربة والأرب: الحاجة. والمراد ب ﴿التابعين غير أولي الإربة: هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم لا همة لهم إلا ذلك، ولا حاجة لهم في النساء، وهو قول مجاهد وعكرمة والشعبي، وعن ابن عباس: أنه الأحمق العنين، وقال الحسن: هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن، وقال سعيد بن جبير: هو المعتوه، وقال عكرمة: المجبوب. وقيل: هو المخنث، وقال مقاتل: الشيخ الهرم والعنين والخصي والمجبوب ونحوه. (ص: 36)

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن معقل بن محمد الميداني، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: "كان رجل يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا لا يدخلن عليكن هذا». فحجبوه.

﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء: أراد بالطفل الأطفال، يكون واحدا وجمعا أي: لم يكشفوا عن عورات النساء للجماع فيطلعوا عليها، وقيل: لم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر، وهو قول مجاهد، وقيل: لم يطيقوا أمر النساء، وقيل: لم يبلغوا حد الشهوة.

﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن: كانت المرأة إذا مشت ضربت برجلها ليسمع صوت خلخالها أو يتبين خلخالها، فنهيت عن ذلك.

﴿وتوبوا إلى الله جميعا: من التقصير الواقع في أمره ونهيه، وقيل: راجعوا طاعة الله فيما أمركم به ونهاكم عنه من الآداب المذكورة في هذه السورة، ﴿أيها المؤمنون لعلكم تفلحون قرأ ابن عامر: ﴿أيه المؤمنون و:﴿يا أيه الساحر و:﴿أيه الثقلان بضم الهاء فيهن، ويقف بلا ألف على الخط، وقرأ الآخرون بفتح الهاءات على الأصل.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني، أخبرنا حميد بن زنجويه، أخبرنا وهب بن جرير، أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن أبي بردة أنه سمع الأغر يحدث عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى ربي كل يوم مائة مرة».

أخبرنا أبو الحسن عن عبد الرحمن بن محمد الداودي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن حزيم الشاشي، أخبرنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي، حدثني ابن أبي شيبة، أخبرنا عبد الله بن نمير، عن مالك بن مغول عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: «رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم» مائة مرة. (ص: 37)

وجملة الكلام في بيان العورات: أنه لا يجوز للناظر أن ينظر إلى عورة الرجل، وعورته ما بين السرة إلى الركبة، وكذلك المرأة مع المرأة، ولا بأس بالنظر إلى سائر البدن إذا لم يكن خوف فتنة، وقال مالك وابن أبي ذئب: الفخذ ليس بعورة؛ لما روي عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال أجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم فرسا في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم.

وأكثر أهل العلم على أن الفخذ عورة، لما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني، أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن أبي كثير، عن محمد بن جحش‌‌‌‌‌‌ قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان، قال: «يا معمر غط فخذيك ، فإن الفخذين عورة». وروي عن ابن عباس وجرهد بن خويلد، كان من أصحاب الصفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الفخذ عورة».

قال محمد بن إسماعيل: "وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط". أما المرأة مع الرجل فإن كانت أجنبية حرة: فجميع بدنها في حق الأجنبي عورة، ولا يجوز النظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، وإن كانت أمة: فعورتها مثل عورة الرجل، ما بين السرة (ص: 38) إلى الركبة، وكذلك المحارم بعضهم مع بعض. والمرأة في النظر إلى الرجل الأجنبي كهو معها، ويجوز للرجل أن ينظر إلى جميع بدن امرأته وأمته التي تحل له، وكذلك هي منه إلا نفس الفرج فإنه يكره النظر إليه، وإذا زوج الرجل أمته حرم عليه النظر إلى عورتها كالأمة الأجنبية، وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظرن إلى ما دون السرة وفوق الركبة».[13]

البغوي 32 و33 البغوي1 ص33 ؛ 38


الرازي عدل

التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم،

ص175 و176

قال الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون

قال الرازي: الحكم السابع: حكم النظر: قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

اعلم أنه تعالى قال: ﴿قل للمؤمنين، وإنما خصهم بذلك لأن غيرهم لا يلزمه غض البصر عما لا يحل له ويحفظ الفرج عما لا يحل له، لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء، والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له، وإن كان حالهم كحال المؤمنين في استحقاق العقاب على تركها، لكن المؤمن يتمكن من هذه الطاعة من دون مقدمة، والكافر لا يتمكن إلا بتقديم مقدمة من قبله، وذلك لا يمنع من لزوم التكاليف له.

واعلم أنه سبحانه أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج، وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال، وزاد فيهن أن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين.

أما قوله تعالى: ﴿يغضوا من أبصارهم ففيه مسائل:

المسألة الأولى: قال الأكثرون (من) هاهنا للتبعيض والمراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، وجوز الأخفش أن تكون مزيدة، ونظيره قوله: ﴿ما لكم من إله غيره (سورة الأعراف آية: 85) ﴿فما منكم من أحد عنه حاجزين سورة الحاقة آية: 47)، وأباه سيبويه.

فإن قيل كيف دخلت في غض البصر دون حفظ الفرج؟ قلنا: دلالة على أن أمر النظر أوسع ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وصدورهن وكذا الجواري المستعرضات.

وأما أمر الفرج فمضيق، وكفاك فرقا أن أبيح النظر إلا ما استثني منه وحظر الجماع إلا ما استثني منه، ومنهم من قال: ﴿يغضوا من أبصارهم أي ينقصوا من نظرهم فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو مغضوض ممنوع عنه، وعلى هذا: ﴿من ليست بزائدة ولا هي للتبعيض بل هي من صلة الغض يقال غضضت (ص: 176) من فلان إذا نقصت من قدره.[14]


التفسير الكبير (النور: 30) عدل

الإمام فخر الدين الرازي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم. الفخر ص176 و177 و178

المسألة الثانية: اعلم أن العورات على أربعة أقسام: عورة الرجل مع الرجل، وعورة المرأة مع المرأة، وعورة المرأة مع الرجل، وعورة الرجل مع المرأة، فأما الرجل مع الرجل فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنه إلا عورته وعورته ما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليستا بعورة، وعند أبي حنيفة رحمه الله الركبة عورة، وقال مالك الفخذ ليست بعورة، والدليل على أنها عورة ما روي عن حذيفة "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به في المسجد وهو كاشف عن فخذه فقال عليه السلام غط فخذك فإنها من العورة".

وقال لعلي رضي الله عنه: "لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت" فإن كان في نظره إلى وجهه أو سائر بدنه شهوة أو خوف فتنة بأن كان أمرد لا يحل النظر إليه، ولا يجوز للرجل مضاجعة الرجل، وإن كان كل واحد منهما في جانب من الفراش، لما روى أبو سعيد الخدري أنه عليه الصلاة والسلام قال: "لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد".

وتكره المعانقة وتقبيل الوجه إلا لولده شفقة، وتستحب المصافحة لما روى أنس قال: "قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال لا، قال أيلتزمه ويقبله؟ قال لا، قال أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم" أما عورة المرأة مع المرأة فكعورة الرجل مع الرجل، فلها النظر إلى جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، وعند خوف الفتنة لا يجوز، ولا يجوز المضاجعة.

والمرأة الذمية هل يجوز لها النظر إلى بدن المسلمة، قيل يجوز كالمسلمة مع المسلمة، والأصح أنه لا يجوز لأنها أجنبية في الدين والله تعالى يقول: ﴿أو نسائهن وليست الذمية من نسائنا، أما عورة المرأة مع الرجل فالمرأة إما أن تكون أجنبية أو ذات رحم محرم، أو مستمتعة، فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، ونعني بالكف ظهرها وبطنها إلى الكوعين، وقيل ظهر الكف عورة.

واعلم أنا ذكرنا أنه لا يجوز النظر إلى شيء من بدنها، ويجوز النظر إلى وجهها وكفها، وفي كل واحد من القولين استثناء، أما قوله: يجوز النظر إلى وجهها وكفها، فاعلم أنه على ثلاثة أقسام لأنه إما أن لا يكون فيه غرض ولا فيه فتنة، وإما أن يكون فيه فتنة ولا غرض فيه، وإما أن يكون فيه فتنة وغرض،

أما القسم الأول: فاعلم أنه لا يجوز أن يتعمد النظر إلى وجه الأجنبية لغير غرض وإن وقع بصره عليها بغتة يغض بصره، لقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقيل: يجوز مرة واحدة إذا لم يكن محل فتنة، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ولا يجوز أن يكرر النظر إليها لقوله تعالى: ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا (سورة الإسراء آية: 36) ولقوله عليه السلام: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة" وعن جابر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري"؛ ولأن الغالب أن الاحتراز عن الأولى لا يمكن فوقع عفوا قصد أو لم يقصد. (ص: 177)

أما القسم الثاني: وهو أن يكون فيه غرض ولا فتنة فيه فذاك أمور:

أحدها: بأن يريد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيها، روى أبو هريرة رضي الله عنه: "أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا"، وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة" وقال المغيرة بن شعبة: "خطبت امرأة فقال عليه السلام: نظرت إليها؟ فقلت: لا، قال: فانظر فإنها أحرى أن يدوم بينكما".

فكل ذلك يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها للشهوة إذا أراد أن يتزوجها، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: ﴿لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن، (سورة الأحزاب آية: 52) ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن.

وثانيها: إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة منها.

وثالثها: أنه عند المبايعة ينظر إلى وجهها متأملا حتى يعرفها عند الحاجة إليه.

ورابعها: ينظر إليها عند تحمل الشهادة ولا ينظر إلى غير الوجه لأن المعرفة تحصل به.

أما القسم الثالث: وهو أن ينظر إليها للشهوة فذاك محظور، قال عليه الصلاة والسلام: "العينان تزنيان" وعن جابر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري".

وقيل: مكتوب في التوراة النظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزنا طويلا.

أما الكلام الثاني: وهو أنه لا يجوز للأجنبي النظر إلى بدن الأجنبية فقد استثنوا منه صورا

إحداها: يجوز للطبيب الأمين أن ينظر إليها للمعالجة، كما يجوز للختان أن ينظر إلى فرج المختون، لأنه موضع ضرورة.

وثانيتها: يجوز أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها لتحمل شهادة الولادة، وإلى ثدي المرضعة لتحمل الشهادة على الرضاع، وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة إلى نظر الرجال للشهادة.

وثالثتها: لو وقعت في غرق أو حرق فله أن ينظر إلى بدنها ليخلصها، أما إذا كانت الأجنبية أمة فقال بعضهم عورتها ما بين السرة والركبة، وقال آخرون عورتها ما لا يبين للمهنة فخرج منه أن رأسها وساعديها وساقيها ونحرها وصدرها ليس بعورة، وفي ظهرها وبطنها وما فوق ساعديها الخلاف المذكور، ولا يجوز لمسها ولا لها لمسه بحال لا لحجامة ولا اكتحال ولا غيره، لأن اللمس أقوى من النظر بدليل أن الإنزال باللمس يفطر الصائم وبالنظر لا يفطره.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز أن يمس من الأمة ما يحل النظر إليه أما إن كانت المرأة ذات محرم له بنسب أو رضاع أو صهرية فعورتها معه ما بين السرة والركبة كعورة الرجل، وقال آخرون: بل عورتها ما لا يبدو عند المهنة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله فأما سائر التفاصيل فستأتي إن شاء الله تعالى في تفسير الآية، أما إذا كانت المرأة مستمتعة كالزوجة والأمة التي يحل له الاستمتاع بها، فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنها حتى إلى فرجها غير أنه يكره أن ينظر إلى الفرج وكذا إلى فرج نفسه، لأنه يروى أنه (ص: 178)

يورث الطمس، وقيل لا يجوز النظر إلى فرجها ولا فرق بين أن تكون الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد أو مرهونة، فإن كانت مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو مشتركة بينه وبين غيره أو متزوجة أو مكاتبة فهي كالأجنبية، روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا زوج أحدكم جاريته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة".

وأما عورة الرجل مع المرأة ففيه نظر إن كان أجنبيا منها فعورته معها ما بين السرة والركبة، وقيل جميع بدنه إلا الوجه والكفين كهي معه، والأول أصح بخلاف المرأة في حق الرجل، لأن بدن المرأة في ذاته عورة بدليل أنه لا تصح صلاتها مكشوفة البدن وبدن الرجل بخلافه، ولا يجوز لها قصد النظر عند خوف الفتنة ولا تكرير النظر إلى وجهه لما روي عن أم سلمة: "أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة إذ أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليها فقال عليه الصلاة والسلام: احتجبا منه، فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟".

وإن كان محرما لها فعورته معها ما بين السرة والركبة وإن كان زوجها أو سيدها الذي يحل له وطؤها فلها أن تنظر إلى جميع بدنه غير أنه يكره النظر إلى الفرج كهو معها، ولا يجوز للرجل أن يجلس عاريا في بيت خال وله ما يستر عورته؛ لأنه روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عنه فقال: "الله أحق أن يستحيي منه". وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله" والله أعلم.

المسألة الثالثة: سئل الشبلي عن قوله: ﴿يغضوا من أبصارهم فقال: أبصار الرؤوس عن المحرمات، وأبصار القلوب عما سوى الله تعالى.[15]

التفسير الكبير (النور: 30، 31) عدل

الإمام فخر الدين الرازي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم. الفخر1 ص178 و179

وأما قوله تعالى: ﴿ويحفظوا فروجهم فالمراد به عما لا يحل، وعن أبي العالية أنه قال: كل ما في القرآن من قوله: ﴿ويحفظوا فروجهم، و:﴿يحفظن فروجهن: من الزنا إلا التي في النور: ﴿من أبصارهن ويحفظن فروجهن أن لا ينظر إليها أحد، وهذا ضعيف لأنه تخصيص من غير دلالة، والذي يقتضيه الظاهر أن يكون المعنى حفظها عن سائر ما حرم الله عليه من الزنا والمس والنظر، وعلى أنه إن كان المراد حظر النظر فالمس والوطء أيضا مرادان بالآية، إذ هما أغلظ من النظر، فلو نص الله تعالى على النظر لكان في مفهوم الخطاب ما يوجب حظر الوطء والمس، كما أن قوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف (سورة الإسراء آية: 23) اقتضى حظر ما فوق ذلك من السب والضرب.

أما قوله تعالى: ﴿ذلك أزكى لهم (سوؤة النور آية: 30) أي: تمسكهم بذلك أزكى لهم وأطهر، لأنه من باب ما يزكون به ويستحقون الثناء والمدح، ويمكن أن يقال إنه تعالى خص في الخطاب المؤمنين لما أراده من تزكيتهم بذلك، ولا يليق ذلك بالكافر.

أما قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن فالقول فيه على ما تقدم، فإن قيل فلم قدم غض الأبصار على حفظ الفروج، قلنا: لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد وأكثر، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه.

أما قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: فمن الأحكام التي تختص بها النساء في الأغلب، وإنما قلنا في الأغلب لأنه محرم على الرجل أن يبدي زينته حليا ولباسا إلى غير ذلك للنساء الأجنبيات، لما فيه من الفتنة وهاهنا مسائل: (ص: 179)

المسألة الأولى: اختلفوا في المراد بزينتهن، واعلم أن الزينة اسم يقع على محاسن الخلق التي خلقها الله تعالى وعلى سائر ما يتزين به الإنسان من فضل لباس أو حلي وغير ذلك، وأنكر بعضهم وقوع اسم الزينة على الخلقة، لأنه لا يكاد يقال في الخلقة إنها من زينتها، وإنما يقال ذلك فيما تكتسبه من كحل وخضاب وغيره، والأقرب أن الخلقة داخلة في الزينة، ويدل عليها وجهان:

الأول: أن الكثير من النساء ينفردن بخلقتهن عن سائر ما يعد زينة، فإذا حملناه على الخلقة وفينا العموم حقه، ولا يمنع دخول ما عدا الخلقة فيه أيضا.

الثاني: أن قوله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن يدل على أن المراد بالزينة ما يعم الخلقة وغيرها فكأنه تعالى منعهن من إظهار محاسن خلقتهن بأن أوجب سترها بالخمار، وأما الذين قالوا الزينة عبارة عما سوى الخلقة فقد حصروه في أمور ثلاثة:

أحدها: الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها والغمرة في خديها والحناء في كفيها وقدميها.

وثانيها: الحلى كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط.

وثالثها: الثياب قال الله تعالى: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد (سورة الأعراف آية: 31)، وأراد الثياب.[16]


المسألة الثانية: اختلفوا في المراد من قوله: ﴿إلا ما ظهر منها، أما الذين حملوا الزينة على الخلقة فقال القفال معنى الآية إلا ما يظهره الإنسان في العادة الجارية، وذلك في النساء الوجه والكفان، وفي الرجل الأطراف من الوجه واليدين والرجلين، فأمروا بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه ورخص لهم في كشف ما اعتيد كشفه وأدت الضرورة إلى إظهاره إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سهلة سمحة، ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة، أما القدم فليس ظهوره بضروري فلا جرم اختلفوا في أنه هل هو من العورة أم لا؟ فيه وجهان:

الأصح أنه عورة كظهر القدم، وفي صوتها وجهان أصحهما أنه ليس بعورة، لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يروين الأخبار للرجال، وأما الذين حملوا الزينة على ما عدا الخلقة فقالوا إنه سبحانه إنما ذكر الزينة لأنه لا خلاف أنه يحل النظر إليها حالما لم تكن متصلة بأعضاء المرأة، فلما حرم الله سبحانه النظر إليها حال اتصالها ببدن المرأة كان ذلك مبالغة في حرمة النظر إلى أعضاء المرأة.

وعلى هذا القول يحل النظر إلى زينة وجهها من الوشمة والغمرة وزينة بدنها من الخضاب والخواتيم وكذا الثياب، والسبب في تجويز النظر إليها أن تسترها فيه حرج لأن المرأة لا بد لها من مناولة الأشياء بيديها والحاجة إلى كشف وجهها في الشهادة والمحاكمة والنكاح.

المسألة الثالثة: اتفقوا على تخصيص قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها بالحرائر دون الإماء، والمعنى فيه ظاهر، وهو أن الأمة مال فلا بد من الاحتياط في بيعها وشرائها، وذلك لا يمكن إلا بالنظر إليها على الاستقصاء بخلاف الحرة.[17]


التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، سورة النور » قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الرازي1 ص179 و180 و181

أما قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: فالخمر واحدها خمار، وهي المقانع، قال المفسرون: إن نساء الجاهلية كن يشددن خمرهن من خلفهن، وإن جيوبهن كانت من قدام فكان ينكشف نحورهن وقلائدهن، فأمرن أن يضربن مقانعهن على الجيوب ليتغطى بذلك أعناقهن ونحورهن وما يحيط به من شعر وزينة من الحلي في الأذن والنحر وموضع العقدة منها، وفي لفظ الضرب مبالغة في الإلقاء، والباء للإلصاق، وعن عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت خيرا من نساء الأنصار، لما نزلت هذه الآية قامت كل واحدة

(ص: 180)

منهن إلى مرطها فصدعت منه صدعة فاختمرت فأصبحن على رؤوسهن الغربان" وقرئ: ﴿جيوبهن بكسر الجيم لأجل الياء وكذلك: ﴿بيوتا غير بيوتكم.

فأما قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن: فاعلم أنه سبحانه لما تكلم في مطلق الزينة تكلم بعد ذلك في الزينة الخفية التي نهاهن عن إبدائها للأجانب، وبين أن هذه الزينة الخفية يجب إخفاؤها عن الكل، ثم استثنى اثنتي عشرة صورة أحدها: أزواجهن،

وثانيها: آباؤهن وإن علون من جهة الذكران والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات وثالثها: آباء أزواجهن ورابعها وخامسها: أبناؤهن وأبناء بعولتهن، ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سفلوا من الذكران والإناث كبني البنين وبني البنات وسادسها: إخوانهن سواء كانوا من الأب أو من الأم أو منهما وسابعها: بنو إخوانهن وثامنها: بنو أخواتهن وهؤلاء كلهم محارم ، وهاهنا سؤالات:

السؤال الأول: أفيحل لذوي المحرم في المملوكة والكافرة ما لا يحل له في المؤمنة؟ الجواب: إذا ملك المرأة وهي من محارمه فله أن ينظر منها إلى بطنها وظهرها لا على وجه الشهوة، بل لأمر يرجع إلى مزية الملك على اختلاف بين الناس في ذلك.

السؤال الثاني: كيف القول في العم والخال؟ الجواب: القول الظاهر أنهما كسائر المحارم في جواز النظر وهو قول الحسن البصري، قال: لأن الآية لم يذكر فيها الرضاع وهو كالنسب وقال في سورة الأحزاب: ﴿لا جناح عليهن في آبائهن (سورة الأحزاب آية: 55) الآية. ولم يذكر فيها البعولة ولا أبناؤهم وقد ذكروا هاهنا، وقد يذكر البعض لينبه على الجملة.

قال الشعبي: إنما لم يذكرهما الله لئلا يصفهما العم عند ابنه والخال كذلك، ومعناه: أن سائر القرابات تشارك الأب والابن في المحرمية إلا العم والخال وأبناءهما، فإذا رآها الأب فربما وصفها لابنه وليس بمحرم فيقرب تصوره لها بالوصف من نظره إليها، وهذا أيضا من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهم في التستر.

السؤال الثالث: ما السبب في إباحة نظر هؤلاء إلى زينة المرأة؟ الجواب: لأنهم مخصوصون بالحاجة إلى مداخلتهن ومخالطتهن ولقلة توقع الفتنة بجهاتهن، ولما في الطباع من النفرة عن مجالسة الغرائب، وتحتاج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار وللنزول والركوب.

وتاسعها: قوله تعالى: ﴿أو نسائهن وفيه قولان: أحدهما: المراد والنساء اللاتي هن على دينهن، وهذا قول أكثر السلف، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة ولا تبدي للكافرة إلا ما تبدي للأجانب إلا أن تكون أمة لها لقوله تعالى: ( أو ما ملكت أيمانهن}}، وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمام مع المؤمنات. وثانيهما: المراد بنسائهن جميع النساء، وهذا هو المذهب وقول السلف محمول على الاستحباب والأولى.

وعاشرها: قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن، وظاهر الكلام يشمل العبيد والإماء، واختلفوا فمنهم من أجرى الآية على ظاهرها، وزعم أنه لا بأس عليهن في أن يظهرن لعبيدهن من زينتهن ما يظهرن لذوي محارمهن، وهو مروي عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، واحتجوا بهذه الآية وهو ظاهر، وبما روى أنس: "أنه عليه الصلاة والسلام أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بها، قال: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك" وعن مجاهد: كان أمهات المؤمنين لا يحتجبن عن مكاتبهن ما بقي عليه درهم. وعن (ص: 181) عائشة رضي الله عنها: أنها قالت لذكوان: "إنك إذا وضعتني في القبر وخرجت فأنت حر"، وروي أن عائشة رضي الله عنها: كانت تمتشط والعبد ينظر إليها، وقال ابن مسعود ومجاهد والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم: إن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، واحتجوا عليه بأمور:

أحدها: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم" والعبد ليس بذي محرم منها فلا يجوز أن يسافر بها، وإذا لم يجز له السفر بها لم يجز له النظر إلى شعرها كالحر الأجنبي.

وثانيها: أن ملكها للعبد لا يحلل ما يحرم عليه قبل الملك إذ ملك النساء للرجال ليس كملك الرجال للنساء، فإنهم لم يختلفوا في أنها لا تستبيح بملك العبد منه شيئا من التمتع كما يملكه الرجل من الأمة.

وثالثها: أن العبد وإن لم يجز له أن يتزوج بمولاته إلا أن ذلك التحريم عارض كمن عنده أربع نسوة فإنه لا يجوز له التزوج بغيرهن فلما لم تكن هذه الحرمة مؤبدة كان العبد بمنزلة سائر الأجانب. إذا ثبت هذا ظهر أن المراد من قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: الإماء، فإن قيل: الإماء دخلن في قوله: ﴿نسائهن فأي فائدة في الإعادة؟ قلنا: الظاهر أنه عنى بنسائهن وما ملكت أيمانهن من في صحبتهن من الحرائر والإماء.

وبيانه أنه سبحانه ذكر أولا أحوال الرجال بقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن إلى آخر ما ذكر فجاز أن يظن ظان أن الرجال مخصوصون بذلك إذ كانوا ذوي المحارم أو غير ذات المحارم، ثم عطف على ذلك الإماء بقوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن لئلا يظن أن الإباحة مقصورة على الحرائر من النساء إذ كان ظاهر قوله: ﴿أو نسائهن يقتضي الحرائر دون الإماء كقوله: ﴿شهيدين من رجالكم سورة البقرة آية: 282) على الأحرار لإضافتهم إلينا كذلك قوله: ﴿أو نسائهن على الحرائر، ثم عطف عليهن الإماء فأباح لهن مثل ما أباح في الحرائر.[18]

الرازي ص175 و176 الفخر ص176 و177 و178

الفخر1 ص178 و179 الرازي1 ص179 و180 و181

تفسير عدل

عطية ن30 و31، النسفي ن30 و32، السيوطي ن30 و31، النسفي ح53، السيوطي ح59 «» «»


تفسير ابن عطية (النور: 31 و32) عدل

تفسير ابن عطية، تفسير سورة النور، تفسير قوله عز وجل: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، الجزء السادس، ص373 وما بعدها إلى 376

قال ابن عطية: قوله عز وجل: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن

قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين بمنزلة قوله: إنهم، فقوله: "يغضوا" جواب الأمر، وقال المازني: المعنى: قل لهم غضوا يغضوا، ويلحق هذين من الاعتراض أن الجواب خبر من الله تعالى، وقد يوجد من لا يغض، وينفصل بأن المراد: يكونون في حكم من يغض. وقوله: من أبصارهم، أظهر ما في "من" أن تكون للتبعيض، وذلك أن أول نظرة لا يملكها الإنسان، وإنما يغض فيما بعد ذلك، فقد وقع التبعيض، ويؤيد هذا التأويل ما روي من قوله عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك، وليست لك الثانية الحديث. وقال جرير بن عبد الله: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: "اصرف بصرك"، ويصح أن تكون "من" لبيان الجنس، ويصح أن تكون لابتداء الغاية، والبصر هو الباب الأكبر إلى القلب وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه.

و "حفظ الفروج" يحتمل أن يريد به: في الزنى، ويحتمل أن يريد: بستر العورة، والأظهر أن الجميع مراد واللفظ عام، وبهذه الآية حرم العلماء دخول الحمام بغير

(ص: 374) مئزر، وقال أبو العالية: كل فرج ذكر في القرآن فهو من الزنى إلا هذه الآيتين فإنه يعني التستر.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

ولا وجه لهذا التخصيص عندي.

وباقي الآية بين، وظاهره التوعد.

وقوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات.. الآية، أمر الله تعالى النساء في هذه الآية بغض البصر عن كل ما يكره من جهة الشرع النظر إليه، وفي حديث أم سلمة قالت: كنت أنا وعائشة رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل ابن أم مكتوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "احتجبن" فقلنا: إنه أعمى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفعمياوان أنتما؟"، "من" يحتمل ما تقدم في الأولى، و"حفظ الفروج" يعم الفواحش وستر العورة وما دون ذلك مما فيه حفظ.

وأمر الله تعالى بألا يبدين زينتهن للناظرين، إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية، ثم استثنى ما يظهر من الزينة، فاختلف الناس في قدر ذلك، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ظاهر الزينة هو الثياب، وقال سعيد بن جبير : الوجه والثياب، وقال سعيد بن جبير أيضا، وعطاء ، والأوزاعي : الوجه والكفان والثياب، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وقتادة ، والمسور بن مخرمة : ظاهر الزينة هو الكحل والسواك والخضاب إلى نصف الذراع والقرطة والفتخ، ونحو هذا فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس، وذكر الطبري عن قتادة في معنى نصف الذراع حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آخر عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(ص: 375) قال القاضي أبو محمد رحمه الله:

ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفي عنه، فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر منهما الظهور، وهو الظاهر في الصلاة، ويحسن بالحسنة الوجه أن تستتر إلا من ذي حرمة محرمة، ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه، ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس، فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه، والله الموفق للصواب برحمته.

وقرأ الجمهور: "وليضربن" بسكون اللام التي هي للأمر، وقرأ أبو عمرو -في رواية عباس عنه-: "وليضربن" بكسر اللام على الأصل; لأن أصل لام الأمر الكسر في "ليذهب وليضرب"، وإنما تسكينها كتسكين "عضد وفخذ".

وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالخمرة سدلنها من وراء الظهر، قال النقاش: كما يصنع النبط ، فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك، فأمر الله تعالى بلي الخمار على الجيوب، وهيئة ذلك أن تضرب المرأة بخمارها على جيبها فيستر جميع ما ذكرناه.

وقالت عائشة رضي الله عنها: رحم الله المهاجرات الأول، لما نزلت هذه الآية عمدن إلى أكثف المروط فشققنها أخمرة، وضربن بها على الجيوب، ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك،

(ص: 376) فشقته عليها وقالت: إنما يضرب بالكثيف الذي يستر.

ومشهور القراءة ضم الجيم من "جيوبهن"، وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء كقراءتهم ذلك في بيوت وشيوخ، ذكره الزهراوي.[19]


النسفي (النور 30، 31) عدل

تفسير النسفي، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، تفسير النسفي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، الجزء الثاني، ص499 و500، ط1، دار الكلم الطيب، سنة: 1419 هـ/ 1998م

﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.

30 - ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم: من للتبعيض والمراد غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل، ﴿ويحفظوا فروجهم: عن الزنا ولم يدخل من هنا؛ لأن الزنا لا رخصة فيه بوجه ويجوز النظر إلى وجه الأجنبية وكفها وقدميها في رواية وإلى رأس المحارم والصدر والساقين والعضدين، ﴿ذلك أي: غض البصر وحفظ الفرج ﴿أزكى لهم أي: أطهر من دنس الإثم، ﴿إن الله خبير بما يصنعون: فيه ترغيب وترهيب يعني: أنه خبير

(ص: 500) بأحوالهم وأفعالهم وكيف يخينون أبصارهم يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فعليهم إذا عرفوا ذلك أن يكونوا منه على تقوى وحذر في كل حركة وسكون.[20]


النسفي (النور: 31) عدل

تفسير النسفي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن، الجزء الثاني ص500 إلى 502

﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون.

31 - ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن أمرن بغض الأبصار فلا يحل للمرأة أن تنظر من الأجنبي إلى ما تحت سرته إلى ركبتيه وإن اشتهت غضت بصرها رأسا، ولا تنظر إلى المرأة إلا إلى مثل ذلك وغض بصرها من الأجانب أصلا أولى بها وإنما قدم غض الأبصار على حفظ الفروج؛ لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور فبذر الهوى طموح العين.

﴿ولا يبدين زينتهن الزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب والمعنى: ولا يظهرن مواضع الزينة إذ إظهار عين الزينة -وهي الحلي ونحوها- مباح، فالمراد بها مواضعها أو إظهارها وهي في مواضعها لإظهار مواضعها لا لإظهار أعيانها، ومواضعها: الرأس والأذن والعنق والصدر والعضدان والذراع والساق فهي للإكليل، والقرط والقلادة والوشاح والدملج والسوار والخلخال، ﴿إلا ما ظهر منها: إلا ما جرت العادة والجبلة على ظهوره وهو الوجه والكفان والقدمان ففي سترها حرج بين فإن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأشياء بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها خصوصا في الشهادة والمحاكمة والنكاح وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها وخاصة الفقيرات منهن.

﴿وليضربن: وليضعن، من قولك: ضربت بيدي على الحائط إذا وضعتها عليه، ﴿بخمرهن: جمع خمار ﴿على جيوبهن: بضم الجيم مدني وبصري وعاصم، كانت جيوبهن واسعة تبدو منها صدورهن وما حواليها وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة فأمرن بأن يسدلنها من قدامهن حتى تغطينها ﴿إلا لبعولتهن: لأزواجهن جمع بعل، ﴿أو ءآبائهن ويدخل فيهم الأجداد {{أو ءآباء

(ص: 501) بعولتهن}} فقد صاروا محارم ﴿أو أبنائهن ويدخل فيهم النوافل ﴿أو أبناء بعولتهن فقد صاروا محارم أيضا ﴿أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن ويدخل فيهم النوافل وسائر المحارم كالأعمام والأخوال وغيرهم دلالة أو نسائهن أي: الحرائر؛ لأن مطلق هذا اللفظ يتناول الحرائر، ﴿أو ما ملكت أيمانهن أي إمائهن ولا يحل لعبدها أن ينظر إلى هذه المواضع منها خصيا كان أو عنينا أو فحلا، وقال سعيد بن المسيب: لا تغرنكم سورة النور فإنها في الإماء دون الذكور، وعن عائشة رضي الله عنها أنها أباحت النظر إليها لعبدها، ﴿أو التابعين غير: بالنصب شامي ويزيد وأبو بكر على الاستثناء أو الحال وغيرهم بالجر على البدل أو على الوصفية، ﴿أولي الإربة: الحاجة إلى النساء قيل هم الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء؛ لأنهم بله لا يعرفون شيئا من أمرهن أو شيوخ صلحاء أو العنين أو الخصي أو المخنث، وفى الأثر أنه المجبوب والأول الوجه من الرجال حال، ﴿أو الطفل الذين: هو جنس فصلح أن يراد به الجمع، ﴿لم يظهروا على عورات النساء أي: لم يطلعوا لعدم الشهوة، من ظهر على الشيء: إذا اطلع عليه أو لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء من ظهر على فلان إذا قوي عليه.

﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن: كانت المرأة تضرب الأرض برجليها إذا مشت لتسمع قعقعة خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فنهين عن ذلك إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ومنه سمي صوت الحلي وسواسا، ﴿وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون: أيه شامي إتباعا للضمة قبلها بعد حذف الألف لالتقاء الساكنين وغيره على فتح الهاء لأن بعدها ألفا في التقدير ﴿لعلكم تفلحون

(ص: 502)

العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد فلذا وصى المؤمنين جميعا بالتوبة وبتأميل الفلاح إذا تابوا وقيل أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس له حاجة بالتوبة وظاهر الآية يدل على أن العصيان لا ينافي الإيمان.[21]


الدر المنثور (النور: 30) عدل

الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الحادي عشر، ص16، مركز هجر ط1، 1424 هـ/ 2003م

سبب نزول الآية

قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية

أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه، فوسوس لهما الشيطان: أنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا إعجابا به، فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط وهو ينظر إليها، إذ استقبله الحائط فشق أنفه، فقال: والله لا أغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أمري، فأتاه فقص عليه قصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عقوبة ذنبك»، وأنزل الله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية.[22]

(ص: 17) وأخرج عبد بن حميد عن قتادة: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم أي: عما لا يحل لهم، ويحفظوا فروجهم أي: عما لا يحل لهم.[22]

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال: من شهواتهم مما يكره الله.[22]

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم يعني: يحفظوا أبصارهم، ف (من) هنا صلة في الكلام، يعني: يحفظوا أبصارهم عما لا يحل لهم النظر إليه، ويحفظوا فروجهم عن الفواحش، ذلك أزكى لهم يعني غض البصر وحفظ الفرج.[22]

عن أبي العالية قال: كل آية في القرآن يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنى، إلا هذه الآية في "النور" : ويحفظوا فروجهم ، ويحفظن فروجهن فهو ألا يراها أحد. إغلاق </ref> مفقود لوسم <ref>

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن العلاء بن زياد قال: كان يقال: لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة، فإن النظر يجعل شهوة في القلب.[22]


وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: الشيطان من الرجل على ثلاثة منازل: على عينه وقلبه وذكره، وهو من المرأة على ثلاثة: على عينها وقلبها وعجزها.[22]

عن جرير البجلي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري.[23]

عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : «لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة».[24]

عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا تجلسوا في المجالس، فإن كنتم لابد فاعلين فردوا السلام، وغضوا الأبصار، واهدوا السبيل، وأعينوا على الحمولة».[25]

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات»، قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها، فقال: «إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر».[26]

عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم يقول: «اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذ اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم». [27]

عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم ينظر إلى امرأة أول رمقة، ثم يغض بصره، إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه».[28]

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العين النظر، وزنى اللسان المنطق، وزنى الأذنين الاستماع، وزنا اليدين البطش، وزنى الرجلين الخطو، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».[29]

عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه إيمانا يجد حلاوته في قلبه».[30]

وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله، وعينا سهرت في سبيل الله، وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله».[22]


الدر المنثور (النور: 31) عدل

الدر المنثور في التفسير بالمأثور، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن

قوله تعالى : ﴿وقل للمؤمنات الآية.

أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: بلغنا -والله أعلم- أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث: أن أسماء بنت مرشدة كانت في نخل لها في بني حارثة،

(ص: 22)

فجعل النساء يدخلن عليها غير مؤتزرات، فيبدو ما في أرجلهن -يعني الخلاخل- ويبدو صدورهن وذوائبهن، فقالت أسماء: ما أقبح هذا، فأنزل الله في ذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن الآية.[31]

عن ابن مسعود في قوله: ولا يبدين زينتهن قال: الزينة: السوار والدملج، والخلخال، والقرط، والقلادة، إلا ما ظهر منها قال: الثياب والجلباب.[32]

عن ابن مسعود قال: الزينة زينتان: زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج، فأما الزينة الظاهرة: فالثياب.[31]

وأما الزينة الباطنة: فالكحل والسوار والخاتم، ولفظ ابن جرير: فالظاهرة منها: الثياب، وما خفي: فالخلخالان، والقرطان، والسوارن.[33]

(ص: 23)

عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة استعطرت فمرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية».[34]

وأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخاتم.[31]

عن ابن عباس: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخاتم والقرط والقلادة.[35]

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: إلا ما ظهر منها قال: هو خضاب الكف والخاتم.[31]

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر قال: الزينة الظاهرة الوجه والكفان.[31]

(ص: 24)

عن ابن عباس في قوله: إلا ما ظهر منها قال: وجهها وكفاها والخاتم.[36]

عن ابن عباس في قوله: إلا ما ظهر منها قال: رقعة الوجه، وباطن الكف.[37]

عن عائشة أنها سئلت عن الزينة الظاهرة، فقالت: القلب والفتخ، وضمت طرف كمها.[38]

وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله: إلا ما ظهر منها قال: الوجه وثغرة النحر.[31]

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: إلا ما ظهر منها قال: الوجه والكف.[31]

وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله: إلا ما ظهر منها قال: الكفان والوجه.[31]

(ص: 25)

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: المسكتان والخاتم والكحل، قال قتادة: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى ههنا» وقبض نصف الذراع.[31]

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن المسور بن مخرمة في قوله: إلا ما ظهر منها قال: القلبين -يعني السوار- والخاتم والكحل.[31]

وأخرج سنيد، وابن جرير عن ابن جريج قال: قال ابن عباس في قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الخاتم والمسكة، قال ابن جريج: وقالت عائشة: القلب والفتخة، قالت عائشة: دخلت علي ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض، فقالت عائشة: إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها، وإلا ما دون هذا» . وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى.[31]

(ص: 26)

عن أم سلمة أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة، فقالت: بينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «احتجبا منه»، فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال: «أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟».[39]

عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفه».[40]

وأخرج أبو داود في "مراسيله"، عن قتادة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل».[31]

سورة النور: (آية: 60) عدل

قال الله تعالى: ﴿والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم، سورة النور آية: 60.

القواعد جمع قاعد وهي المرأة التي قعدت عن الحيض والولد لكبرها وبلوغها سن اليأس؛ لكونها يئست عن الحيض فلا تحيض ولا تلد، ومعنى: ﴿لا يرجون نكاحا: لا يطمعن فيه ولا رغبة لهن فيه: والمراد بالثياب: الثياب الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار، ومعنى: ﴿غير متبرجات بزينة: غير مظهرات زينة أو غير قاصدات بالوضع التبرج، والترخيص في ذلك للتخفيف عليهن إذا احتجن إليه، والاستعفاف من الوضع ﴿خير لهن، والتبرج: تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه من قولهم: سفينة بارج، لا غطاء عليها، والبرج: سعة العين، يرى بياضها محيطا بسوادها كله لا يغيب منه شيء، إلا أنه اختص بأن تتكشف المرأة للرجال بإبداء زينتها وإظهار محاسنها.

والترخيص للقواعد من النساء الكبيرات بوضع ثيابهن أي: ترك الحجاب، ﴿غير متبرجات بزينة أي: غير متجملات فيما رخص لهن بوضع الثياب عنه وهو الوجه؛ لأنه موضع الزينة، وهذا الترخيص للنساء الكبيرات أما غيرهن من النساء فهن مأمورات بالحجاب وستر الوجه، منهيات عن وضع الثياب، ﴿وأن يستعففن خير لهن، معناه أن استعفاف النساء كبيرات السن وهو كمال التستر طلبا للعفاف، ﴿خير لهن.

تفسير ابن جرير ن60 عدل

قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: واللواتي قد قعدن عن الولد من الكبر من النساء فلا يحضن ولا يلدن، واحدتهن قاعد، ﴿اللاتي لا يرجون نكاحا يقول: اللاتي قد يئسن من البعولة، فلا يطمعن في الأزواج، ﴿فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن يقول: فليس عليهن حرج ولا إثم أن يضعن ثيابهن، يعني: جلابيبهن وهي القناع الذي يكون فوق الخمار، والرداء الذي يكون فوق الثياب، لا حرج عليهن أن يضعن ذلك عند المحارم من الرجال، وغير المحارم من الغرباء غير متبرجات بزينة، قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك فيه: عن معاوية عن علي عن ابن عباس قال: وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكره الله وهو قوله: ﴿فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة ثم قال وأن يستعففن خير لهن.

وروى ابن جرير عن عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿يضعن ثيابهن يعني الجلباب، وهو القناع، وهذا للكبيرة التي قد قعدت عن الولد، فلا يضرها أن لا تجلبب فوق الخمار، وأما كل امرأة مسلمة حرة فعليها إذا بلغت المحيض أن تدني الجلباب على الخمار، وقال الله في سورة الأحزاب: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان بالمدينة رجال من المنافقين إذا مرت بهم امرأة سيئة الهيئة والزي، حسب المنافقون أنها مزنية وأنها من بغيتهم، فكانوا يؤذون المؤمنات بالرفث ولا يعلمون الحرة من الأمة؛ فأنزل الله في ذلك: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، يقول: إذا كان زيهن حسنا لم يطمع فيهن المنافقون.

وقال ابن جريج في قوله: ﴿والقواعد من النساء التي قعدت من الولد وكبرت، قال ابن جريج: قال مجاهد: ﴿اللاتي لا يرجون نكاحا قال: لا يردنه، وثيابهن قال: جلابيبهن. وروى عن عبد الله قال: الرداء، وفي رواية الجلباب وفي رواية: الملحفة، وروى ابن جرير أيضا عن ابن زيد في الآية قال: وضع الخمار، قال: التي لا ترجو نكاحا: التي قد بلغت أن لا يكون لها في الرجال حاجة، ولا للرجال فيها حاجة، فإذا بلغن ذلك وضعن الخمار، غير متبرجات بزينة، ثم قال: ﴿وأن يستعففن خير لهن: كان أبي يقول هذا كله.

وعن الشعبي قال: تضع الجلباب المرأة التي قد عجزت ولم تزوج، قال الشعبي: فإن أبي بن كعب يقرأ: ﴿أن يضعن من ثيابهن

عن مجاهد قال: الجلباب، قال يعقوب: قال أبو يونس: قلت له (أي للراوي): عن مجاهد؟ قال: نعم، في الدار والحجرة.

وقوله: ﴿غير متبرجات بزينة يقول: ليس عليهن جناح في وضع أرديتهن إذا لم يردن بوضع ذلك عنهن أن يبدين ما عليهن من الزينة للرجال. والتبرج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره.

وقوله: ﴿وأن يستعففن خير لهن يقول: وإن تعففن عن وضع جلابيبهن وأرديتهن، فليلبسنها خير لهن من أن يضعنها، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .


عن مجاهد قال: أن يلبسن جلابيبهن،


قال ابن زيد: والاستعفاف: لبس الخمار على رأسها، كان أبي يقول هذا كله.

﴿والله سميع: ما تنطقون بألسنتكم، ﴿عليم: بما تضمره صدوركم، فاتقوه أن تنطقوا بألسنتكم ما قد نهاكم عن أن تنطقوا بها، أو تضمروا في صدوركم ما قد كرهه لكم، فتستوجبوا بذلك منه عقوبة.[41]

أحكام القرآن للكيا الهراسي ن60 عدل

قال الكيا الهراسي: وعنى به الكبيرة السن، وجوز لها أن تضع الرداء أو اللحاف أو الخمار، قال ابن عباس: المراد به الجلباب من فوق الخمار، ومعلوم أنه غير مجوز لها أن تكشف من بدنها عورة؛ لأنه إن كان حالة الخلوة بنفسها فالعجوز والشابة سواء، وإن كان بين الناس فالواجب حمله على الجلباب وما فوق الخمار لا نفس الخمار؛ لأن من شأن الجلباب أن يبلغ مع الستر النهاية، ومع الخمار قد ينكشف من رؤوسهن وأعناقهن بعض التكشف، فأبان الله تعالى أن هذا التحرز ليس وجوبه عليهن كوجوبه على الشابات؛ لأنه ليس في النظر إليهن من خوف الافتتان كما في النظر إلى الشابة، فلذلك قال في آخره: ﴿وأن يستعففن خير لهن.[42]

تفسير البغوي ن60 عدل

قال البغوي في تفسير قول الله تعالى: ﴿والقواعد من النساء: يعني اللاتي قعدن عن الولد والحيض من الكبر، لا يلدن ولا يحضن، واحدتها "قاعد" بلا هاء، وقيل: قعدن عن الأزواج، وهذا معنى قوله: ﴿اللاتي لا يرجون نكاحا أي: لا يردن الرجال لكبرهن، قال ابن قتيبة: سميت المرأة قاعدا إذا كبرت؛ لأنها تكثر القعود. وقال ربيعة الرأي: هن العجز، اللائي إذا رآهن الرجال استقذروهن، فأما من كانت فيها بقية من جمال، وهي محل الشهوة، فلا تدخل في هذه الآية، ﴿فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن: عند الرجال يعني: يضعن بعض ثيابهن، وهي الجلباب والرداء الذي فوق الثياب، والقناع الذي فوق الخمار، فأما الخمار فلا يجوز وضعه، وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وأبي بن كعب: ﴿أن يضعن من ثيابهن، ﴿غير متبرجات بزينة أي: من غير أن يردن بوضع الجلباب والرداء إظهار زينتهن. والتبرج هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تتنزه عنه، ﴿وأن يستعففن: فلا يلقين الجلباب والرداء ﴿خير لهن والله سميع عليم.[43]


آية الحجاب (مقتطفات) عدل

قال الله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا  

آية الحجاب: تفسير النسفي عدل

تفسير النسفي، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم.. الجزء الثالث، ص41 و42 و43

﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما

53 - ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه: ﴿أن يؤذن لكم في موضع الحال أي: لا تدخلوا إلا مأذونا لكم، أو في معنى الظرف تقديره: إلا وقت أن يؤذن لكم، و﴿غير ناظرين: حال من: ﴿لا تدخلوا وقع الاستثناء على الوقت والحال معا كأنه قيل: لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ولا تدخلوها إلا غير ناظرين أي: غير منتظرين، وهؤلاء قوم كانوا يتحينون طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخلون ويقعدون منتظرين لإدراكه، ومعناه: لا تدخلوا يا أيها المتحينون الطعام إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه، وإنى الطعام: إدراكه يقال: أنى الطعام إنى كقولك: قلاه قلي، وقيل: ﴿إناه: وقته أي: غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بتمر وسويق وشاة، وأمر أنسا أن يدعو بالناس، فترادفوا أفواجا يأكل فوج ويخرج ثم يدخل فوج إلى أن قال: يا رسول الله دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه، فقال: "ارفعوا طعامكم" وتفرق الناس وبقي ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليخرجوا"، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجرات وسلم عليهن ودعون له ورجع، فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون

(ص: 42) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء فتولى فلما رأوه متوليا خرجوا فرجع ونزلت: ﴿ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا، فتفرقوا، ﴿ولا مستأنسين لحديث: هو مجرور معطوف على: ﴿ناظرين أو منصوب أي: ولا تدخلوها مستأنسين، نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به، ﴿إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم: من إخراجكم، ﴿والله لا يستحيي من الحق يعني: أن إخراجكم حق ما ينبغي أن يستحيا منه، ولما كان الحياء مما يمنع الحيي من بعض الأفعال قيل: ﴿لا يستحيي من الحق أي: لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم، هذا أدب أدب الله به الثقلاء، وعن عائشة رضي الله عنها: "حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم وقال: ﴿فإذا طعمتم فانتشروا.

﴿وإذا سألتموهن الضمير لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لدلالة بيوت النبي؛ لأن فيها نساءه، ﴿متاعا عارية أو حاجة، ﴿فاسألوهن: المتاع ﴿من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن: من خواطر الشيطان وعوارض الفتن، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال، وكان عمر رضي الله عنه يحب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال: يا رسول الله: يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت، وذكر أن بعضهم قال: أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب؟ لئن مات محمد لأتزوجن فلانة فنزل: ﴿وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا أي: وما صح لكم إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نكاح أزواجه من (ص: 43) بعد موته، ﴿إن ذلكم كان عند الله عظيما أي: ذنبا عظيما.[44]

تفسير البغوي عدل

قال البغوي في قوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب أي: من وراء ستر، فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم منتقبة كانت أو غير منتقبة، ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن: من الريب.[45]

تفيسر ابن جرير عدل

قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما سورة الأحزاب آية:(53).

يقول -تعالى ذكره- لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله لا تدخلوا بيوت نبي الله إلا أن تدعوا إلى طعام تطعمونه، ﴿غير ناظرين إناه يعني: غير منتظرين إدراكه وبلوغه،[46]

وقوله: ﴿ولكن إذا دعيتم فادخلوا يقول: ولكن إذا دعاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فادخلوا البيت الذي أذن لكم بدخوله، ﴿فإذا طعمتم فانتشروا يقول : فإذا أكلتم الطعام الذي دعيتم لأكله فانتشروا، يعني: فتفرقوا واخرجوا من منزله، ﴿ولا مستأنسين لحديث: ولا متحدثين بعد فراغكم من أكل الطعام إيناسا من بعضكم لبعض به. أي: بعد أن تأكلوا.

واختلف أهل العلم في السبب الذي نزلت هذه الآية فيه فقال بعضهم: نزلت بسبب قوم طعموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وليمة زينب بنت جحش، ثم جلسوا يتحدثون في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حاجة فمنعه الحياء من أمرهم بالخروج من منزله.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عمران بن موسى القزاز قال: ثنا عبد الوارث قال: ثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، فبعثت داعيا إلى الطعام، فدعوت، فيجيء القوم يأكلون ويخرجون، ثم يجيء القوم يأكلون ويخرجون، فقلت: يا نبي الله، قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه قال: ارفعوا طعامكم، وإن زينب لجالسة في ناحية البيت، وكانت قد أعطيت جمالا وبقي ثلاثة نفر يتحدثون في البيت، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلقا نحو حجرة عائشة، فقال: "السلام عليكم أهل البيت" فقالوا: وعليك السلام يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ قال: فأتى حجر نسائه فقالوا مثل ما قالت عائشة، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا الثلاثة يتحدثون في البيت، وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم منطلقا نحو حجرة عائشة، فلا أدري أخبرته، أو أخبر أن الرهط قد خرجوا، فرجع حتى وضع رجله في أسكفة داخل البيت، والأخرى خارجه، إذ أرخى الستر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب.

حدثني أبو معاوية بشر بن دحية قال: ثنا سفيان عن الزهري عن أنس بن مالك قال: سألني أبي بن كعب عن الحجاب فقلت: أنا أعلم الناس به، نزلت في شأن زينب: أولم النبي صلى الله عليه وسلم عليها بتمر وسويق، فنزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى قوله: ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.

حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: ثني عمي قال: أخبرني يونس عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بها عروسا، فدعا القوم فأصابوا من الطعام حتى خرجوا وبقي منهم رهط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج، وخرجت معه لكي يخرجوا، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيت معه، حتى جاء عتبة حجرة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قد خرجوا، فرجع ورجعت معه، حتى دخل على زينب، فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا، فضرب بيني وبينه سترا، وأنزل الحجاب.

حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا ابن أبي عدي عن حميد، عن أنس قال: دعوت المسلمين إلى وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، صبيحة بنى بزينب بنت جحش، فأوسعهم خبزا ولحما، ثم رجع كما كان يصنع فأتى حجر نسائه فسلم عليهن فدعون له، ورجع إلى بيته وأنا معه، فلما انتهينا إلى الباب إذا رجلان قد جرى بهما الحديث في ناحية البيت، فلما أبصرهما ولى راجعا، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم ولى عن بيته، وليا مسرعين، فلا أدري أنا أخبرته أو أخبر فرجع إلى بيته، فأرخى الستر بيني وبينه، ونزلت آية الحجاب.

حدثني ابن بشار قال: ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو حجبت عن أمهات المؤمنين؛ فإنه يدخل عليك البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب.

حدثني القاسم بن بشر بن معروف قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: أنا أعلم الناس بهذه الآية، آية الحجاب: لما أهديت زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع طعاما، ودعا القوم، فجاءوا فدخلوا وزينب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت وجعلوا يتحدثون وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يدخل وهم قعود قال: فنزلت هذه الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلى: ﴿فاسألوهن من وراء حجاب قال: فقام القوم وضرب الحجاب.

وقال آخرون: كان ذلك في بيت أم سلمة


قال قتادة: بلغنا أنهن أمرن بالحجاب عند ذلك.

وقوله: ﴿إن ذلكم كان يؤذي النبي يقول: إن دخولكم بيوت النبي من غير أن يؤذن لكم وجلوسكم فيها مستأنسين للحديث بعد فراغكم من أكل الطعام الذي دعيتم له كان يؤذي النبي فيستحي منكم أن يخرجكم منها إذا قعدتم فيها للحديث بعد الفراغ من الطعام، أو يمنعكم من الدخول إذا دخلتم بغير إذن مع كراهيته لذلك منكم، ﴿والله لا يستحيي من الحق: أن يتبين لكم، وإن استحيا نبيكم فلم يبين لكم كراهية ذلك حياء منكم.


﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعا ﴿فاسألوهن من وراء حجاب يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن، ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن: يقول -تعالى ذكره-: سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل.

وقد قيل: إن سبب أمر الله النساء بالحجاب إنما كان من أجل أن رجلا كان يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة معهما، فأصابت يدها يد الرجل، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقيل: نزلت من أجل مسألة عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا: ثنا هشيم قال: ثنا حميد الطويل عن أنس قال: قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن؟ قال: فنزلت آية الحجاب.

تفسير الماوردي عدل

قال الماوردي في تفسيره لقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: حاجة، قاله السدي،

الثاني: صحف القرآن، قاله الضحاك،

الثالث: عارية، قاله مقاتل. ومعانيها متقاربة.

﴿فاسألوهن من وراء حجاب: أمرن وسائر النساء بالحجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء.[47]

تفسير ابن عطية عدل

قال ابن عطية: وقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا: الآية هي آية الحجاب، و"المتاع" عام في جميع ما يمكن أن يطلب على عرف السكنى والمجاورة من المواعين وسائر المرافق للدين والدنيا. ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن: يريد من الخواطر التي تعرض للنساء في أمر الرجال.

وذهب عمر إلى ألا يشهد جنازة زينب بنت جحش إلا ذو محرم منها مراعاة للحجاب فدلته أسماء بنت عميس على سترها في النعش بالقبة، وأعلمته أنها رأت ذلك في بلاد الحبشة فصنعه، وروي أن ذلك صنع في جنازة فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.[48]

تفسير القرطبي عدل

قال القرطبي: التاسعة: في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها.[49]

البحر المحيط (آية الحجاب) عدل

السؤال من وراء حجاب السؤال من وراء الحجاب ﴿أطهر يريد من الخواطر التي تخطر للرجال في أمر النساء، والنساء في أمر الرجال، إذ الرؤية سبب التعلق والفتنة، ألا ترى إلى قول الشاعر:

والمرء ما دام ذا عين يقلبها
في أعين العين موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ساء مهجته
لا مرحبا بانتفاع جاء بالضرر
[50]

الأحزاب (آية: 59) عدل

 تفسير البيضاوي (سورة الأحزاب) عدل

قال البيضاوي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿يا أيها النبى قُل لأزواجك وبناتك ونِسَاءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن: يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة، و﴿مِنْ: للتبعيض فإن المرأة ترخي بعض جلبابها وتتلفع ببعض و﴿ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ: يميزن من الإِماء والقينات، ﴿فَلاَ يُؤْذَيْنَ: فلا يؤذيهن أهل الريبة بالتعرض لهن. ﴿وَكَانَ الله غَفُوراً: لما سلف، ﴿رَّحِيماً: بعباده حيث يراعي مصالحهم حتى الجزئياب منها.[51]

 تفسير النسفي (سورة الأحزاب) عدل

قال النسفي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما: ومعنى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِن مِن جَلاَ بِيبِهن: «يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن». الجلباب: ما يستر الكل، مثل الملحفة عن المبرد؛ ومعنى: «يدنين عليهن من جلابيبهن»: يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة أدن ثوبك على وجهك، و«من»: للتبعيض أي: ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع حتى تتميز من الأمة، أو المراد أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب، وألا تكون المرأة متبذلة في درع وخمار كالأمة، ولها جلبابان فصاعدا في بيتها، وذلك أن النساء كن في أول الإسلام على هجيراهن في الجاهلية متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار، لا فصل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخل والغيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة لحسبان الأمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الملاحف، وستر الرؤوس والوجوه فلا يطمع فيهن طامع، وذلك قوله: ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين أي: أولى وأجدر بأن يعرفن فلا يتعرض لهن، وكان الله غفورا: لما سلف منهن من التفريط، رحيما: بتعليمهن آداب المكارم.[52]

تفسير القرطبي (سورة الأحزاب) عدل

قال القرطبي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما: فيه ست مسائل: الأولى: «قل لأزواجك وبناتك..» قد مضى الكلام في تفصيل أزواجه واحدة واحدة...

وقال: لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا، وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية بسبب ذلك، قال معناه الحسن وغيره.

الثالثة: من جلابيبهن الجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار، وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء، وقد قيل: إنه القناع، والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن، وفي صحيح مسلم عن أم عطية: قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: «لتلبسها أختها من جلبابها».

الرابعة: واختلف الناس في صورة إرخائه، فقال ابن عباس وعبيدة السلماني: ذلك أن تلويه المرأة حتى لا يظهر منها إلا عين واحدة تبصر بها، وقال ابن عباس أيضا وقتادة: ذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده، ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه، وقال الحسن: تغطي نصف وجهها.

الخامسة: أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر، وإن ذلك لا يكون إلا بما لا يصف جلدها، إلا إذا كانت مع زوجها فلها أن تلبس ما شاءت؛ لأن له أن يستمتع بها كيف شاء. ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن من يوقظ صواحب الحجر رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة». وروي أن دحية الكلبي لما رجع من عند هرقل فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قبطية فقال: اجعل صديعا لك قميصا وأعط صاحبتك صديعا تختمر به، والصديع النصف، ثم قال له: مرها تجعل تحتها شيئا لئلا يصف، وذكر أبو هريرة رقة الثياب للنساء فقال: الكاسيات العاريات الناعمات الشقيات. ودخل نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها عليهن ثياب رقاق، فقالت عائشة: إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعنه. وأدخلت امرأة عروس على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار قبطي معصفر، فلما رأتها قالت: لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن مثل أسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها». وقال عمر رضي الله عنه: ما يمنع المرأة المسلمة إذ كانت لها حاجة أن تخرج في أطمارها أو أطمار جارتها مستخفية، لا يعلم بها أحد حتى ترجع إلى بيتها.

السادسة: قوله تعالى: ذلك أدنى أن يعرفن أي الحرائر، حتى لا يختلطن بالإماء، فإذا عرفن لم يقابلن بأدنى من المعارضة مراقبة لرتبة الحرية، فتنقطع الأطماع عنهن، وليس المعنى أن تعرف المرأة حتى تعلم من هي، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدرة، محافظة على زي الحرائر، وقد قيل: إنه يجب الستر والتقنع الآن في حق الجميع من الحرائر والإماء، وهذا كما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا النساء المساجد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قوله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله حتى قالت عائشة رضي الله عنها: لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا لمنعهن من الخروج إلى المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل. وكان الله غفورا رحيما: تأنيس للنساء في ترك الجلابيب قبل هذا الأمر المشروع.[53]

أحكام القرآن للجصاص (سورة الأحزاب) عدل

قال الجصاص قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن روي عن عبد الله قال: الجلباب الرداء، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يتجلببن ليعلم أنهن حرائر ولا يعرض لهن فاسق.

وروى محمد بن سيرين عن عبيدة: يدنين عليهن من جلابيبهن قال: تقنع عبيدة وأخرج إحدى عينيه، وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الحسن قال: كن إماء بالمدينة يقال لهن: كذا وكذا يخرجن فيتعرض لهن السفهاء فيؤذوهن، وكانت المرأة الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة فيتعرضون لها فيؤذونها، فأمر الله المؤمنات أن يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن أنهن حرائر فلا يؤذين.

وقال ابن عباس ومجاهد: تغطي الحرة إذا خرجت جبينها ورأسها خلاف حال الإماء، وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أبي خيثم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء من الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسية سود يلبسنها، قال أبو بكر: في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن.[54]

البحر المحيط (سورة الأحزاب) عدل

«كان دأب الجاهلية أن تخرج الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع وخمار، وكان الزناة يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخيل والغيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة بعلة الأمة، يقولون: حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن، فلا يطمع فيهن. وروي أنه كان في المدينة قوم يجلسون على الصعدات لرؤية النساء ومعارضتهن ومراودتهن فنزلت».

قيل: والجلابيب: الأردية التي تستر من فوق إلى أسفل، وقال ابن جبير: المقانع، وقيل: الملاحف، وقيل: الجلباب: كل ثوب تلبسه المرأة فوق ثيابها، وقيل: كل ما تستتر به من كساء أو غيره، قال أبو زيد:

تجلببت من سواد الليل جلبابا

وقيل: الجلباب أكبر من الخمار، وقال عكرمة: تلقي جانب الجلباب على غيرها ولا يرى، وقال عبيدة السلماني حين سئل عن ذلك فقال: أن تضع رداءها فوق الحاجب، ثم تديره حتى تضعه على أنفها، وقال السدي: تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين، انتهى. وكذا عادة بلاد الأندلس، لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة، وقال الكسائي: يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن، أراد بالانضمام معنى الإدناء، وقال ابن عباس وقتادة: وذلك أن تلويه فوق الجبين وتشده، ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه.

والظاهر أن قوله: ﴿ونساء المؤمنين: يشمل الحرائر والإماء، والفتنة بالإماء أكثر، لكثرة تصرفهن بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح.

و﴿من في: ﴿من جلابيبهن للتبعيض، و﴿عليهن شامل لجميع أجسادهن، أو: ﴿عليهن: على وجوههن؛ لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.

﴿ذلك أدنى أن يعرفن: لتسترهن بالعفة، فلا يتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن؛ لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة، فإنها مطموع فيها. ﴿وكان الله غفورا رحيما: تأنيس للنساء في ترك الاستتار قبل أن يؤمرن بذلك. [55]

السيوطي، (الأحزاب: 59) عدل

«»

139 إلي 145

الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين.. الجزء الثاني، ص139 وما بعدها، مركز هجر، ط1، سنة: 1424هـ/ 2003م.

قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك.. الآية.

(ص: 140)

أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه"، عن عائشة قالت: خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا، فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: «إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن».[56]

وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل: ذلك للمنافقين فقالوا: إنما نفعله بالإماء، فنزلت هذه الآية: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، فأمر بذلك حتى عرفوا من الإماء.[56]

وأخرج ابن جرير عن أبي صالح قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان

(ص: 141) رجال يجلسون على الطريق للغزل فأنزل الله: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك.. الآية، يقنعن بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.[56]

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له، قال: كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن؛ تخمر وجهها إلا إحدى عينيها، ﴿ذلك أدنى أن يعرفن يقول: ذلك أحرى أن يعرفن.[56]

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة.[56]

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن: خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.[56]

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال: كان عمر بن الخطاب لا يدع في

(ص: 142) خلافته أمة تقنع ويقول: إنما القناع للحرائر؛ لكيلا يؤذين.[56]

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أنس قال: رأى عمر جارية متقنعة فضربها بدرته وقال: ألقي القناع لا تشبهن بالحرائر.[56]

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: رحم الله نساء الأنصار لما نزلت: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك.. الآية، شققن مروطهن، فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما على رؤوسهن الغربان.[56]

وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب أنه قيل له: الأمة تزوج فتختمر؟ قال: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن فنهى الله الإماء أن يتشبهن بالحرائر.[56]

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن هذه الآية: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر مما يلي العين.[56]

(ص: 143) وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن قال: أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقذفنها على الحواجب، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال: قد كانت المملوكة يتناولونها فنهى الله الحرائر يتشبهن بالإماء.

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي في الآية قال: كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء حوائجهن، فكان الفساق يتعرضون لهن فيؤذونهن، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى تعلم الحرة من الأمة.

وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة أن دعارا من دعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر، إنما يفعلون ذلك بالإماء فأنزل الله هذه الآية: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين إلى آخر الآية.

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: كانت الحرة تلبس لباس الأمة فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وإدناء الجلباب أن تقنع وتشده على جبينها.

وأخرج ابن سعد عن الحسن في قوله: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال: إماء كن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين، فكانت الحرة تخرج، (ص: 144) فتحسب أنها أمة فتؤذى، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، فيتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يتبغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا: هذه أمة فوثبوا عليها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿يدنين عليهن قال: يسدلن عليهن من جلابيبهن، وهو القناع فوق الخمار، ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: تدني الجلباب حتى لا ترى ثغرة نحرها.

وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مسعود في قوله: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن قال: هو الرداء.

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن (ص: 145) المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن قال: يتجلببن بها فيعلم أنهن حرائر، فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن قول الله: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن فتقنع بملحفة، فغطى رأسه ووجهه، وأخرج إحدى عينيه.[56]


القرطبي ن31، عطية ن30 و31، النسفي ن30 و32، السيوطي ن30 و31، النسفي ح53، السيوطي ح59

المراجع عدل

مصادر عدل

الماوردي


ابن كثير

؛*فتح القدير للشوكاني، (النور: 30)

إضافة العناوين عدل

تفسير سورة النور (24) عدل

آداب الدخول والاستئذان عدل

آية: (27 و28 و29)

سورة النور (24) آية: 30 و31 عدل

ابن جزي، البيضاوي، الإكليل، ابن العربي، ابن كثير، القرطبي، الطبري"، البغوي"، الرازي"، ابن عطية، النسفي، الدر المنثور

ابن جزي ن30 و31، البيضاوي ن30 و31، الإكليل ن31، ابن العربي ن31، ابن كثير ن30، القرطبي ن30 و31، الطبري ن30 و31، البغوي ن30 و31، الرازي ن30 و31، عطية ن30 و31، النسفي ن30 و31، الدر المنثور ن30 و31،

استئذان الأطفال والمملوك في ثلاث ساعات عدل

آية رقم: (58 و59)

والقواعد عدل

آية رقم: (60) ابن جرير، الكيا الهراسي، البغوي

تفسير سورة الأحزاب (33) عدل

آية الحجاب عدل

آية رقم: (53) النسفي، البغوي، ابن جرير، الماوردي، ابن عطية، القرطبي، البحر المحيط

الأحزاب آية: (59) عدل

البيضاوي، النسفي، القرطبي، الجصاص، البحر المحيط، الدر المنثور.

فهرس المحتوى عدل

ابن جزي"، البيضاوي"، الإكليل ن31، ابن العربي ن31، ابن كثير ن30، القرطبي"، الطبري"، البغوي"، الرازي"، عطية"، النسفي"، الدر المنثور". (ن60: ابن جرير، الكيا الهراسي، البغوي). (ح53: النسفي، البغوي، ابن جرير، الماوردي، عطية، القرطبي، البحر). (ح59: البيضاوي، النسفي، القرطبي، الجصاص، البحر، الدر المنثور).

«»

الفهرس العام عدل

ابن جزي ن30 و31، البيضاوي ن30 و31، الإكليل ن31، ابن العربي ن31، ابن كثير ن30، القرطبي ن30 و31، الطبري ن30 و31، البغوي ن30 و31، الرازي ن30 و31

عطية ن30 و31، النسفي ن30 و31، الدر المنثور ن30 و31،

ابن جرير ن60، الكيا الهراسي ن60، البغوي ن60


النسفي ح53، البغوي ح53، ابن جرير ح53، الماوردي ح53، عطية ح53، القرطبي ح53، البحر ح53،

البيضاوي ح59، النسفي ح59، القرطبي ح59، الجصاص ح59، البحر ح59 الدر المنثور ح59



ستر الوجه ح (نص) عدل

الدر، (ح، م)  نص عدل

قال في متن تنوير الأبصار: «وتمنع من كشف الوجه بين رجال؛ لخوف الفتنة».[57]

قال الحصفكي: «.. «وتمنع» المرأة الشابة «من كشف الوجه بين رجال»، لا لأنه عورة بل «لخوف الفتنة»، كمسه وإن أمن الشهوة؛ لأنه أغلظ، ولذا ثبت به حرمة المصاهرة كما يأتي في الحظر».[58]

قال ابن عابدين على قوله: «وتمنع المرأة إلخ» أي: تنهى عنه وإن لم يكن عورة، والمعنى: تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة.[59] ويمنع الرجل من مس وجهها وكفها وإن أمن الشهوة؛ لأنه أبلغ من النظر، أما العجوز التي لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها إن أمن الفتنة.[59]

في الحج عدل

قال في متن تنوير الأبصار: «والمرأة كالرجل لكنها تكشف وجهها لا رأسها؛ ولو سدلت شيئا عليه وجافته عنه جاز، ولا تلبي جهرا ولا ترمل ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق بل تقصر وتلبس المخيط ولا تقرب الحجر في الزحام والخنثى المشكل كالمرأة فيما ذكر».[60]

قال الحصفكي: ««والمرأة» فيما مر «كالرجل»؛ لعموم الخطاب ما لم يقم دليل الخصوص، «لكنها تكشف وجهها لا رأسها، ولو سدلت شيئا عليه وجافته عنه جاز»، بل يندب، «ولا تلبي جهرا»، بل تسمع نفسها دفعا للفتنة، وما قيل إن صوتها عورة ضعيف «ولا ترمل»، ولا تضطبع، «ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق بل تقصر» من ربع شعرها كما مر، «وتلبس المخيط» والخفين والحلي، «ولا تقرب الحجر في الزحام»؛ لمنعها من مماسة الرجال، «والخنثى المشكل كالمرأة فيما ذكر»، احتياطا».[61]

«»

الحاشية عدل

قال ابن عابدين: والمراد بكشف الوجه عدم مماسة شيء له، فلذلك يكره لها أن تلبس البرقع لأن ذلك يماس وجهها كذا في المبسوط. ا هـ

قوله: وجافته أي: باعدته عنه، قال في الفتح: وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه ويسدل من فوقها الثوب. ا هـ. قوله: جاز أي: من حيث الإحرام، بمعنى أنه لم يكن محظورا لأنه ليس بستر وقوله بل يندب: أي خوفا من رؤية الأجانب، وعبر في الفتح بالاستحباب، لكن صرح في النهاية بالوجوب وفي المحيط: ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة؛ لأنها منهية عن تغطيته لحق النسك لولا ذلك، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة. ا هـ ونحوه في الخانية.

ووفق في البحر بما حاصله: أن محمل الاستحباب عند عدم الأجانب، وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر، ثم استدرك على ذلك بأن النووي نقل أن العلماء قالوا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها، ويجب على الرجال الغض، قال: وظاهره نقل الإجماع، واعترضه في النهر بأن المراد علماء مذهبه، قلت: يؤيده ما سمعته من تصريح علمائنا بالوجوب والنهي.[62]

تفسير النسفي  نص (ستر الوجه) عدل

قال النسفي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِن مِن جَلاَ بِيبِهن: «يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن».[63]

ح مراقي الفلاح،  نص (ستر الوجه) عدل

قال الشرنبلالي في «متن نور الإيضاح»: «وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما في الأصح، وهو المختار»، وقال الطحطحاوي في حاشيته على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح: «وتُمنع الشابه من كشفه -أي: الوجه- لخوف الفتنة».[64]

مجمع الأنهر  نص (ستر الوجه) عدل

قال الشيخ داماد أفندي: «●
تُمنع الشابه من كشف وجهها لئلا يؤدي إلى فتنة، وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد، وعن عائشه: جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب، لاندفاع الضرورة».[65]

البحر  نص (ستر الوجه) عدل

قال العلامة ابن نجيم: «قال مشائخنا: تمنع الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة».[66]

الدر  نص (ستر الوجه) عدل

قال الشيخ الحصكفي: «يعزر المولى عبده، والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها، وتركها غسل الجنابة، أو على الخروج من المنزل ولو بغير حق، أو كشف وجهها لغير محرم».[67]

وقال في موضع آخر: «وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال، لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة».

البحر (مكرر)  نص عدل

قال ابن نجيم: «قال مشايخنا: تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة».[68]

البحر  نص (ستر الوجه) عدل

قال ابن نجيم: «وفي فتاوى قاضيخان: "ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة". اهـ وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجبٌ عليها».[69]

الهدية العلائية  نص (ستر الوجه) عدل

قال علاء الدين ابن عابدين: «وتُمنع الشابة من كشف وجهها».[70]

فتح القدير (تعليل)  نص عدل

قال في فتح القدير: واعلم أنه لا ملازمة بين كونه ليس عورة وجواز النظر إليه، فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة.[71]

[72]

الدر المنتقى  نص (ستر الوجه) عدل

قال في الدر المنتقى في شرح الملتقى: «وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها، وقدميها في رواية، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه، وإنما يؤدي إلى الفتنة، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة» اهـ. والراجح أن صوت المرأة ليس بعورة، أما إذا كان هناك خضوع في القول، وترخيم في الصوت فإنه محرم.[73]

حال الإحرام عدل

اتفق العلماء على أن المرأة لا تغطي وجهها حال إحرامها بحج أو عمرة، وهذا لا يستلزم كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، يل هي مأمورة بغض البصر وعدم التبرج، وعليها ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب، وقد صرح فقهاء الحنفية بنهي المرأة حال تلبسها بالإحرام عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة.

«نصوص» عدل

البداية، الهداية، فتح القدير  نص (الإحرام) عدل

قال برهان الدين المرغيناني في متن بداية المبتدي: «والمرأة في جميع ذلك كالرجل، غير أنها لا تكشف رأسها، وتكشف وجهها، ولو سدلت شيئا على وجهها وجافته عنه جاز، ولا ترفع صوتها بالتلبية، ولا ترمل ولا تسعى بين الميلين، ولا تحلق ولكن تقصر، وتلبس من المخيط ما بدا لها».

قال المرغيناني في الهداية شرح بداية المبتدي: «والمرأة في جميع ذلك كالرجل»؛ لأنها مخاطبة كالرجل، «غير أنها لا تكشف رأسها»؛ لأنه عورة، «وتكشف وجهها»؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إحرام المرأة في وجهها»، «ولو سدلت شيئا على وجهها وجافته عنه جاز»: هكذا روي عن عائشة رضي الله عنها، ولأنه بمنزلة الاستظلال بالمحمل، «ولا ترفع صوتها بالتلبية»؛ لما فيه من الفتنة، «ولا ترمل ولا تسعى بين الميلين»؛ لأنه مخل بستر العورة، «ولا تحلق ولكن تقصر»؛ لما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى النساء عن الحلق وأمرهن بالتقصير، ولأن حلق الشعر في حقها مثلة كحلق اللحية في حق الرجل، «وتلبس من المخيط ما بدا لها»؛ لأن في لبس غير المخيط كشف العورة قالوا: ولا تستلم الحجر إذا كان هناك جمع، لأنها ممنوعة عن مماسة الرجال إلا أن تجد الموضع خاليا.[74]

قال ابن الهمام في حديث؛ «إحرام المرأة في وجهها»: ولا شك في ثبوته موقوفا، وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن ماجه: قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه». قالوا: والمستحب أن تسدل على وجهها شيئا وتجافيه، وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه ويسدل فوقها الثوب، ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة، وكذا دل الحديث عليه.[75]

البحر الرائق، ح  نص (الإحرام) عدل

قال في متن كنز الدقائق: «والمرأة كالرجل غير أنها تكشف وجهها لا رأسها، ولا تلبي جهرا، ولا ترمل، ولا تسعى بين الميلين، ولا تحلق رأسها ولكن تقصر، وتلبس المخيط». قال في البحر الرائق؛ لأن أوامر الشرع عامة جميع المكلفين ما لم يقم دليل على الخصوص، وإنما لا تكشف رأسها لأنه عورة، بخلاف وجهها فاشتركا في كشف الوجه وانفردت بتغطية الرأس، ولما كان كشف وجهها خفيا؛ لأن المتبادر إلى الفهم أنها لا تكشفه لما أنه محل الفتنة نص عليه وإن كانا سواء فيه ولما قدم في باب الإحرام أن الرجل يكشف وجهه ورأسه لم يتوهم هنا من عبارته اختصاصها بكشف الوجه، والمراد بكشف الوجه عدم مماسة شيء له، فلذا يكره لها أن تلبس البرقع لأن ذلك يماس وجهها كذا في المبسوط ولو أرخت شيئا على وجهها وجافته لا بأس به كذا ذكر الإسبيجابي لكن في فتح القدير أنه يستحب، وقد جعلوا لذلك أعوادا كالقبة توضع على الوجه وتستدل من فوقها الثوب، وفي فتاوى قاضي خان: «ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة». ا هـ .

وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها إن كان المراد لا يحل أن تكشف فمحمل الاستحباب عند عدمهم، وعلى أنه عند عدم الإمكان فالواجب من الأجانب غض البصر، لكن قال النووي في شرح مسلم قبيل كتاب السلام في قوله: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري». قال العلماء وفي هذا حجة أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجال غض البصر عنها إلا لغرض شرعي. ا هـ.

وظاهره نقل الإجماع فيكون معنى ما في الفتاوى: لا ينبغي كشفها، وإنما لا تجهر بالتلبية لما أن صوتها يؤدي إلى الفتنة على الصحيح، أو عورة على ما قيل، كما حققناه في شروط الصلاة، وإنما لا رمل ولا سعي لها لما أنه يخل بالستر أو لأن أصل المشروعية لإظهار الجلد وهو للرجال، وأشار إلى أنها لا تضطبع؛ لأنه سنة الرمل، وإنما لا تحلق لكونه مثلة كحلق اللحية وأطلق في التقصير فأفاد أنها كالرجل فيه خلافا لما قيل أنه لا يتقدر في حقها بالربع بخلاف الرجل، وإنما تلبس المخيط لما أنها عورة.

وأشار بعدم الرمل إلا أنها لا تستلم الحجر إذا كان هناك جمع؛ لأنها ممنوعة عن مماسة الرجال بخلاف ما إذا لم يكن لعدم المانع.

وأشار بلبس المخيط إلى لبس الخفين والقفازين، وما ذكره الشارح من أنها لا تحج إلا بمحرم بخلاف الرجل ليس مما نحن فيه؛ لأن هذا لا يختص بالحج بل هو حكم كل سفر، ومن أنها تترك طواف الصدر بعذر الحيض فليس منه أيضا؛ لأن الحيض غير ممكن من الرجل حتى تخالفه في أحكامه، وكذا ما ذكره الإسبيجابي من أنه لا يجب فيها بتأخير طواف الزيارة عن أيام النحر لأجل الحيض والنفاس شيء. قالوا: والخنثى المشكل في جميع ما ذكرنا كالمرأة احتياطا ولا يخلو بامرأة ولا برجل لأنه يحتمل أن يكون ذكرا ويحتمل أن يكون أنثى.[76]

قال ابن عابدين: على قوله: وفي فتاوى قاضي خان: «ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة»: إن كان المراد بقوله: «لا تكشف»: لا يحل فهو يدل على أن الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها، إن كان المراد لا يحل أن تكشف فمحمل الاستحباب عند عدمهم، وعلى أنه عند عدم الإمكان فالواجب من الأجانب غض البصر، والمعنى أنه يدل إن كان المراد منه لا يحل على أن الإرخاء واجب عليها إن أمكنها، وإلا فالواجب على الأجانب الغض. وقول الفتاوى لا تكشف أي لا يحل، فليتأمل نعم يؤيد أن المراد عدم الحل ما في الذخيرة حيث قال وفي الأصل المرأة المحرمة ترخي على وجهها بخرقة وتجافي عن وجهها قالوا هذه المسألة دليل على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للرجال من غير ضرورة؛ لأنها منهية عن تغطية الوجه لأجل النسك.[77][78]


نصوص (الوجه) ش (تم) عدل

الروضة، النووي، ح الجمل على المنهج، التحفة ح الشرواني والعبادي، ش التحرير، أنوار المسالك، فتح العلام، كفاية الأخيار، فتح القريب، النهاية، البجيرمي. أوجز المسالك

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عدل

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية أي: أن كل واحد مهما أجنبي بالنسبة للآخر، والرجل الأجنبي بالنسبة للمرأة هو الذي لا يكون زوجا ولا سيدا ولا محرما لها، وتدور حوله أكثر الأحكام. وحكم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة يتلخص في ثلاثة جوانب الأول: نظر الرجل إلى عورة المرأة: فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا بإجماع أهل العلم، الجانب الثاني: نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها إن خاف من ذلك فتنة؛ فيحرم نظره إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، الجانب الثالث: نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها إن لم يخف من ذلك فتنة؛ فيختلف حكمه باختلاف الزمان والمكان والعوارض والأسباب والدوافع المتعلقة بتفسير معنى خوف الفتنة، وقد ذكر العلماء تفاصيل الحكم في نظره إلى وجهها وكفيها عند عدم خوف الفتنة وعند حصول السلامة، وهو بالنسبة لغير الشابة وبالنسبة للقواعد من النساء، والمرجح عند الشافعية: أنه يحرم النظر إلى الوجه والكفين مطلقا وإن لم يخف فتنة، وهو قول أحمد والمفتى به عند الشافعية والحنابلة، وأما عند الحنفية والمالكية فهو موضع خلاف، فذهب أكثرهم وخصوصا المتأخرين منهم إلى تحريم النظر إلى الوجه والكفين إلا لحاجة، ورجح أكثر الحنفية تحريم النظر إلى وجه الشابة لا لكونه عورة بل لخوف الفتنة، بمعنى أن النظر إلى وجه الشابة هو في نفسه مظنة الفتنة، وأفتى أكثر فقهاء المالكية بنحو هذا، وصرحوا بتحريم النظر إلى وجه المرأة وكفيها لغير حاجة، واستثنى المالكية والحنفية المتجالة وهي: الآيسة كبيرة السن التي لا حاجة لها في النكاح، ولا رغبة لأحد فيها، وهو في حق القواعد من النساء، واستدل القائلون بجواز النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة بقول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (الأحزاب: 31)، قالوا: وهو مفسر بالوجه والكفين، لكن يكره لغير حاجة مع أمن الفتنة، وهو قول أبي حامد الغزالي وغيره، هو أحد وجهين حكاهما النووي في الروضة، ورجح الثاني وهو: تحريم النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة، وذكره بقوله: قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، والإمام، وبه قطع صاحب المهذب والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية، ثم المراد بالكف اليد من رؤوس الأصابع إلى المعصم، وفي وجه: يختص الحكم بالراحة، وأما أخمصا القدمين فعلى الخلاف السابق في ستر العورة، وصوتها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة، وإذا قرع بابها فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم، بل تغلظ صوتها.

قلت: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها كذا قاله أصحابنا، قال إبراهيم المروذي: طريقها أن تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك، والله أعلم.[79]

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية (نص) عدل

قال النووي: وأما نظر الرجل إلى المرأة فحرام في كل شيء من بدنها فكذلك يحرم عليها النظر إلى كل شيء من بدنه سواء كان نظره ونظرها بشهوة أم بغيرها، وقال بعض أصحابنا: لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة، وليس هذا القول بشيء، ولا فرق أيضا بين الأمة والحرة إذا كانتا أجنبيتين.

وكذلك يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا، سواء أمن الفتنة أم خافها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين نص عليه الشافعي، وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى، ودليله أنه في معنى المرأة فإنه يشتهى كما تشتهى، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة والله أعلم.[80][80]

الروضة (تم) عدل

الضرب الأول: نظر الرجل إلى المرأة، فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا، وإلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، وإن لم يخف، فوجهان، قال أكثر الأصحاب لا سيما المتقدمون: لا يحرم؛ لقول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (الأحزاب: 31)، وهو مفسر بالوجه والكفين، لكن يكره، قاله الشيخ أبو حامد وغيره، والثاني: يحرم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، والإمام، وبه قطع صاحب المهذب والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية، ثم المراد بالكف اليد من رؤوس الأصابع إلى المعصم، وفي وجه: يختص الحكم بالراحة، وأما أخمصا القدمين فعلى الخلاف السابق في ستر العورة، وصوتها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة، وإذا قرع بابها فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم، بل تغلظ صوتها.

قلت: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها كذا قاله أصحابنا، قال إبراهيم المروذي: طريقها أن تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك، والله أعلم.[79][81]

ح الجمل (تم) عدل

قال النووي في المنهج: «وعورة حُرَّة غير وجه وكفين»، قال سليمان الجمل في حاشيته: «وهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقا، وعند الرجال المحارم، فما بين السرة والركبة، وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن، وأما عند النساء الكافرات فقيل: جميع بدنها، وقيل: ما عدا ما يبدو عند المهنة».[82]

التحفة، ح الشرواني (تم) عدل

قال ابن حجر الهيتمي في التحفة عند ذكر تكفين الميت: «وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة».[83]

قال الشرواني في حاشيته على التحفة: «فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها، حرَّة كانت أو أمة، ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبا.[84]

التحفة، ح العبادي (تم) عدل

ذكر ابن قاسم العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج نحو ذلك وقال: «فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين، ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة، بل لخوف الفتنة غالبا. شرح : م ر».[85][86]

ح الشرواني (تم) عدل

ونقل الشرواني قول الزيادي في شرح المحرر: إن لها ثلاث عورات: عورة في الصلاة وهي: كل بدنها ما سوى الوجه والكفين، وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها وهي: جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد، وعورة في الخلوة وعند المحارم وهي: كعورة الرجل.[87]

وقال الشرواني: «من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه، وإلا كانت معينة له على حرام، فتأثم».[88]

ح الشرقاوي (تم) عدل

قال زكريا الأنصاري: «وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين».[89]

قال الشرقاوي في حاشيته على شرح التحرير: «وعورة الحرة أي: في الصلاة، أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة».[90]

أنوار المسالك (تم) عدل

قال الغمراوي في شرح عمدة السالك وعدة الناسك: «ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية، سواء كان وجهها أو شعرها أو ظفرها حرة كانت أو أمة».

وقال: «فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة، وكذا اللمس والخلوة، والأَمة على المعتمد مثلها، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها».

وقال: «ويحرم عليها -أي المرأة- كشف شيء من بدنها ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة».[91]

كفاية الأخيار (تم) عدل

قال تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار: «ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب، وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس، زاده الله شرفا فليُجتنَب ذلك».[92]

فتح القريب (تم) عدل

قال محمد بن قاسم الغزي: «وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها، وهذه عورتها في الصلاة، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها»[93]

فتح العلام عدل

قال الجرداني في فتح العلام بشرح مرشد الأنام: «واعلم أن العورة قسمان: عورة في الصلاة، وعورة خارجها، وكل منهما يجب ستره».[94]

وقال: «وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلا».

..ثم قال: ويجب عليها أن تستتر عنه، هذا هو المعتمد، ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء: أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة، وعلى الرجال غض البصر عنها، وقيل: وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه، أي كاشفاتها؛ لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة، نعم: الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام. أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلا عن فتح الجواد، وضعَّفَ الرملي كلام القاضي، وذكر أن الستر واجب لذاته، ثم قال: وحيث قيل بالجواز كره، وقيل: خلاف الأَولى، وحيث قيل بالتحريم -وهو الراجح- حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها، أي: ما دار بهما كما بحثه الأذرعي، لا سيما إذا كانت جميلة».[95][96]


النهاية (تم) عدل

«وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبا متجافيا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقا لدفع نظر مُحرَّم».إغلاق </ref> مفقود لوسم <ref> [97]

وقال الشبراملسي في حاشيته عليه: «قوله: ولا يبعد جواز الستر أي: بل ينبغي وجوبه، ولا ينافيه التعبير بالجواز، لأنه جوازٌ بعد مَنع فيَصدُق بالواجب».[98]

البجيرمي (تم) عدل

قال الخطيب الشربيني: «وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجاف عنه بنحو خشبة بحيث لا يقع على البشرة».

قال البجيرمي في حاشيته على هذا القول: «فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة، ويجب عليهم غض البصر، وبه قال بعضهم، والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه».[99]

وعورة الحرة في الصلاة: جميع بدنها ما سوى الوجه والكفين، وعورة الحرة والأمة عند الأجانب: جميع البدن، وعند محارمهما والنساء: ما بين السرة والركبة.[100]

القسم الرابع عدل

الزرقاني+ أوجز المسالك، مواهب الجليل، شرح مختصر خليل للزرقاني، ح البناني على ش الزرقاني لمختصر خليل ونحوه: ح الصاوي على الشرح الصغير، أحكام القرآن، القرطبي، جواهر الإكليل، الفواكه الدواني، الشرح الكبير، ش الزرقاني لمختصر خليل،

كفاية الطالب الرباني، الذخيرة، مواهب الجليل، منـه‍ا‍: تفسير ابن عطية، أحكام القرآن لابن العربي، القرطبي، ابن جزي.

 الزرقاني+ أوجز المسالك (الإحرام) عدل

روى مالك في الموطآ عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: «كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق». والمعنى: «كنا نخمر» نغطي، «وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق» جدتها وجدة زوجها، ذكره الزرقاني وقال: زاد في رواية: فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا تستر به عن نظر الرجال، ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلا كما جاء عن عائشة قالت: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه»، انتهى. وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.[101][102]

مواهب الجليل (ستر الوجه) عدل

قال الحطَّاب: «واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين، قاله القاضي عبد الوهاب، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة، وهو ظاهر التوضيح، هذا ما يجب عليها».[103]

شرح الزرقاني لمختصر خليل (ستر الوجه) عدل

قال الزرقاني في شرحه لمختصر خليل: وعورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين، وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب، إلا لخوف فتنة أو قصد لذة، أما عند خوف فتنة أو قصد لذة فيحرم النظر، ويكون حكمه كحكم النظر للأمرد، كما للفاكهاني والقلشاني، فحكمه كحكم الخلوة بالأمرد فإنه يحرم وإن أمنت فتنة كما نقله أحمد زروق عن نص الشافعي، وفي المواق الكبير ما يفيده، وقال ابن الفاكهاني: مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه، فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم، ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع، وأقرب للاحتياط، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء، واتسع فيه الخرق على الراقع.[104]

نص عدل

قال الزرقاني: قوله: (و) عورة الحرة (مع) رجل (أجنبي) مسلم ولو عبدها فيما يظهر كما مر بالنسبة للنظر (غير الوجه والكفين) من جميع جسدها حتى دلاليها وقصتها وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم كنظر لأمرد كما للفاكهاني والقلشاني كخلوة به وإن أمنت فتنة كما نقله زروق عن نص الشافعي، وفي ق الكبير ما يفيده وقال ابن الفاكهاني مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم ومذهب الشافعي أمس بسد الذرائع وأقرب للاحتياط لا سيما في هذا الزمان الذي اتسع فيه البلاء واتسع فيه الخرق على الراقع. اهـ.[105]

ح البناني على ش الزرقاني لمختصر خليل ونحوه: ح الصاوي على الشرح الصغير عدل

قال البناني: قول الزرقاني: إلا لخوف فتنة، أو قصد لذة فيحرم، أي: النظر إليها، وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها؟ وهو الذي لـ ابن مرزوق في كتاب اغتنام الفرصة قائلا: إنه مشهور المذهب، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب، أو لا يجب عليها ذلك، وإنما على الرجل غض بصره، وهو مقتضى نقل مَواق عن عياض. وفصل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها ستر وجهها، وغيرها فيُستحب لها ذلك.[106] وذكر الصاوي نحو هذا.[107]

نص الحاشية عدل

أي: غير الوجه والكفين وتقدم أن هذا مما أطبق عليه أهل المذهب (ومع أجنبي غير الوجه والكفين) قول ز إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم أي النظر إليها وهل يجب عليها حينئذ ستر وجهها؟ وهو الذي لـ ابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلا إنه مشهور المذهب ونقل ح أيضا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب، أو لا يجب عليها ذلك وإنما على الرجل غض بصره وهو مقتضى نقل ق عن عياض وفصل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها وغيرها فيستحب.[108]

ز: زروق ح: الحطاب ق: المواق.[109]

مسألة وجه المرأة وكفيها مع أجنبي عدل

عند المالكية عدل

قال خليل في مختصره: «ومع أجنبي غير الوجه والكفين»، معناه أن وجه المرأة وكفيها مع أجنبي ليسا بعورة، وهذا ما ينقل في كتب المالكية مجملا من غير تفصيل، وحاصل القول عند المالكية بأن وجه المرأة وكفيها ليسا بعورة لا يستلزم كشفهما مطلقا، ولا يستلزم إباحة النظر إليهما مطلقا، بل هناك تفاصيل مذكورة في كتب فقه المالكية، ويرجع هذا إلى معنى تعلق الحكم من جهتي الرجل والمرأة من حيث النظر وستر الوجه، وقول المالكية في جميع الأحوال إنما هو عند أمن الفتنة، أما عند خوف الفتنة فهل يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها؟ أم أنه يجب على الرجل غض البصر وألا ينظر إليها؟ قولان منقولان عند المالكية أحدهما: قول ابن مرزوق أنه يجب عليها الستر وهو مشهور المذهب، وثانيهما: قول عياض أنه لا يجب عليها بل على الرجل غض البصر.

قول ابن مرزوق مشهور المذهب عدل

قول عياض عدل

نقل مواق عن عياض

القول الثاني هو قول عياض، أو نقل المواق عن عياض، ومفاده: أنه ليس بواجب على المرأة ستر وجهها بل الواجب على الرجل غض البصر، وهذا القول غير متفق عليه عند المالكية، وما نقله المواق عن عياض هو حكاية لقول عياض وغيره بطريق النقل، وقد صرح ابن مرزوق بأن هذا خلاف المشهور في مذهب المالكية؛ لأن غض البصر غير محقق فوجب على المرأة الستر، وأما قول عياض فهو عند أمن السلامة كما ذكره المحققون في المذهب المالكي.

ونقل المواق عن عياض ذكره المواق في كتابه: "التاج والإكليل" عند قول خليل في مختصره: «ومع أجنبي غير الوجه والكفين»، قال المواق: في الموطأ: «هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم، أو مع غلامها؟ قال مالك: لا بأس بذلك على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال، وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله» انتهى. وكلام مالك ليس فيه تصريح بكشف الوجه، وإنما وقع الخلاف عند أصحابه، وقال المواق نقلا عن ابن القطان تعليقا على كلام مالك: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبي؛ إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا، وقد أبقاه الباجي على ظاهره، ولم يتعرض للتفصيل؛ لأن ما نقل عن مالك لا يستلزم كشف الوجه من جهة، ولا يستلزم حصول النظر إليها من جهة أخرى. وقال ابن محرز: «وجه المرأة عند مالك وغيره من العلماء ليس بعورة». وهو لا يستلزم إباحة النظر مطلقا، وقول عياض في عدم وجوب ستر وجه المرأة وكفيها مبني على أن الواجب هو غض البصر. قال: وفي الرسالة: وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية».

قال عياض: في هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب وسنة لها، وعلى الرجل غض بصره عنها، وغض البصر يجب على كل حال في أمور العورات وأشباهها، ويجب مرة على حال دون حال مما ليس بعورة فيجب غض البصر إلا لغرض صحيح من شهادة، أو تقليب جارية للشراء، أو النظر لامرأة للزواج، أو نظر الطبيب ونحو هذا. ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى من الإكمال،[° 1] ونحوه نقل محيي الدين في منهاجه.[110]

<div style="clear:وفي المدونة: إذا أبت الرجل امرأته وجحدها لا يرى وجهها إن قدرت على ذلك. ابن عات: هذا يوهم أن الأجنبي لا يرى وجه المرأة وليس كذلك، وإنما أمرها أن لا تمكنه من ذلك لقصده التلذذ بها، ورؤية الوجه للأجنبي على وجه التلذذ بها مكروه لما فيه من دواعي السوء.

أبو عمر: وجه المرأة وكفاها غير عورة وجائز أن ينظر ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام ولو من فوق ثيابها فكيف بالنظر إلى وجهها؟

انظر في النكاح قبل قوله: "ولا تتزين له" قول ابن محرز ومن ابن اللبي ما نصه: قلت: قال أبو عمر: قيل: ما عدا الوجه والكفين والقدمين.

ابن القطان: ولا يلزم غير الملتحي التنقب لكن قال القاضي أبو بكر بن الطيب: ينهى الغلمان عن الزينة، لأنه ضرب من التشبه بالنساء وتعمد الفساد. ابن القطان ج: 2 ص: ١٨١


كتاب التاج والإكليل لمختصر خليل، ج: 2 ص: ١٨٢ كتاب الصلاة باب في شروط صحة الصلاة فصل في ستر العورة

وأجمعوا أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي لقصد التلذذ بالنظر إليه، وإمتاع حاسة البصر بمحاسنه، وأجمعوا على جواز النظر إليه بغير قصد اللذة، والناظر مع ذلك آمن من الفتنة، واختلف إن توفر له أحد هذين الشرطين دون الآخر. وقال محيي الدين: نص الشافعي وحذاق أصحابه على حرمة النظر إلى الغلام الحسن ولو بغير شهوة وإن أمن من الفتنة، وربما كان المنع فيه أحرى من المرأة. وقال عياض: كان ابن نصر عدلا في أحكامه صارما في الحق وكان يأمر من يمشي على شاطئ البحر والمواضع الخالية فإن وجدوا رجلا مع غلام حدث أتوا بهما إليه فإن لم تقم بينة أنه ابنه أو أخوه، وإلا عاقبه.[111]

التاج والإكليل (نص)

في التاج والإكليل عند قول خليل في مختصره: «ومع أجنبي غير الوجه والكفين»: في الموطأ: «هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم، أو مع غلامها؟ قال مالك: لا بأس بذلك على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال، وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله». ابن القطان: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويديها للأجنبي؛ إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا، وقد أبقاه الباجي على ظاهره. وقال ابن محرز: «وجه المرأة عند مالك وغيره من العلماء ليس بعورة». وفي الرسالة: وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية».

قال عياض: في هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب وسنة لها، وعلى الرجل غض بصره عنها، وغض البصر يجب على كل حال في أمور العورات وأشباهها، ويجب مرة على حال دون حال مما ليس بعورة فيجب غض البصر إلا لغرض صحيح من شهادة، أو تقليب جارية للشراء، أو النظر لامرأة للزواج، أو نظر الطبيب ونحو هذا. ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى من الإكمال. ونحوه نقل محيي الدين في منهاجه.

وفي المدونة: إذا أبت الرجل امرأته وجحدها لا يرى وجهها إن قدرت على ذلك. ابن عات: هذا يوهم أن الأجنبي لا يرى وجه المرأة وليس كذلك، وإنما أمرها أن لا تمكنه من ذلك لقصده التلذذ بها، ورؤية الوجه للأجنبي على وجه التلذذ بها مكروه لما فيه من دواعي السوء.

أبو عمر: وجه المرأة وكفاها غير عورة وجائز أن ينظر ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام ولو من فوق ثيابها فكيف بالنظر إلى وجهها؟ انظر في النكاح قبل قوله: "ولا تتزين له" قول ابن محرز ومن ابن اللبي ما نصه: قلت: قال أبو عمر: قيل: ما عدا الوجه والكفين والقدمين.

ابن القطان: ولا يلزم غير الملتحي التنقب لكن قال القاضي أبو بكر بن الطيب: ينهى الغلمان عن الزينة، لأنه ضرب من التشبه بالنساء وتعمد الفساد. ابن القطان ج: 2 ص: ١٨١


كتاب التاج والإكليل لمختصر خليل، ج: 2 ص: ١٨٢ كتاب الصلاة باب في شروط صحة الصلاة فصل في ستر العورة

وأجمعوا أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي لقصد التلذذ بالنظر إليه، وإمتاع حاسة البصر بمحاسنه، وأجمعوا على جواز النظر إليه بغير قصد اللذة، والناظر مع ذلك آمن من الفتنة، واختلف إن توفر له أحد هذين الشرطين دون الآخر. وقال محيي الدين: نص الشافعي وحذاق أصحابه على حرمة النظر إلى الغلام الحسن ولو بغير شهوة وإن أمن من الفتنة، وربما كان المنع فيه أحرى من المرأة. وقال عياض: كان ابن نصر عدلا في أحكامه صارما في الحق وكان يأمر من يمشي على شاطئ البحر والمواضع الخالية فإن وجدوا رجلا مع غلام حدث أتوا بهما إليه فإن لم تقم بينة أنه ابنه أو أخوه، وإلا عاقبه.

ج: 2 ص: ١٨٢;">

أحكام القرآن (ستر الوجه) عدل

قال ابن العربي: «والمرأة كلها عورة، بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة، أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها».[112]

القرطبي (ستر الوجه) عدل

قال القرطبي: «قال ابن خُويز منداد -وهو من علمائنا- إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك، وإن كانت عجوزا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها».[113]

جواهر الإكليل (ستر الوجه) عدل

قال الآبي: «عورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهرا وبطنا، فالوجه والكفان ليسا عورة، فيجوز كشفهما للأجنبي، وله نظرهما إن لم تُخشَ الفتنة، فإن خيفت الفتنة فقال ابن مرزوق: مشهور المذهب وجوب سترهما، وقال عياض: لا يجب سترهما ويجب غضُّ البصر عند الرؤية، وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له».[114]

الشرح الكبير (ستر الوجه) عدل

قال الدردير: «عورة الحرة مع رجل أجنبي منها، أي ليس بِمَحْرَمٍ لها جميع البدن غير الوجه والكفين، وأما هما فليسا بعورة وإن وجب سترهما لخوف فتنة».[115]

 جواهر الإكليل (الإحرام) عدل

قال الآبي: «حَرُمَ بسبب الإحرام بحج أو عمرة على المرأة لبس محيط بيدها كقفاز، وستر وجه بأي ساتر، وكذا بعضه على أحد القولين الآتيين، إلا ما يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الواجب، إلا لقصد ستر عن أعين الرجال فلا يحرم ولو التصق الساتر بوجهها، وحينئذ يجب عليها الستر إن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها، لصيرورته عورة، فلا يقال: كيف تترك الواجب وهو كشف وجهها وتفعل المحَرّم وهو ستره لأجل أمر لا يُطلب منها، إذ وجهها ليس عورة؟ وقد علمتَ الجواب بأنه صار عورة بعلمِ أو ظنِّ الافتتان بكشفه»اهـ باختصار.[116]

الفواكه الدواني (الإحرام) عدل

قال النفراوي: «واعلم أن إحرام المرأة حرة أو أَمَة في وجهها وكفيها، قال خليل: وحَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفاز، وستر وجه إلا لستر بلا غرز ولا ربط، فلا تلبس نحو القفاز، وأما الخاتم فيجوز لها لبسه كسائر أنواع الحلي، ولا تلبس نحو البرقع، ولا اللثام إلا أن تكون ممن يخشى منها الفتنة، فيجب عليها الستر بأن تسدل شيئا على وجهها من غير غرز ولا ربط».[117]

الشرح الكبير (في الإحرام) عدل

قال الدردير: «حَرُمَ بالإحرام بحج أو عمرة على المرأة ولو أَمَة أو صغيرة ستر وجه، إلا لستر عن أعين الناس فلا يحرم، بل يجب إن ظنت الفتنة».[118]

 ش الزرقاني لمختصر خليل (الإحرام) عدل

قال الزرقاني: «حَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفاز، وستر وجه، إلا لستر عن الناس، فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له، بل يجب إن علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة، وحينئذ فلا يقال: كيف تترك واجبا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرما وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها، إذ وجهها ليس بعورة؟ فالجواب: أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت.. إلى آخر ما مر»، أي: في قوله: «أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة».[119][120]

  • ستر وجهها عند تحقق السلامة والأمن من الفتنة، وعند عدم النظر إليها بقصد اللذة.
  • إذا علمت أو ظنت أنه يُخشى من كشف وجهها الفتنة، أو ينظر لها بقصد لذة، فيصير عورة يجب عليها حينئذ ستره، حتى ولو كانت محرمة بحج أو عمرة، وهذا هو مشهور مذهب المالكية قاله ابن مرزوق ونقله عنه فقهاء المالكية، والقول الثاني نقله مواق عن عياض، وهو أن وجه المرأة وكفيها ليسا بعورة؛ بناء على أن الرجال يجب عليهم غض البصر، فإذا امتنعوا من النظر إليها فقد حصل المطلوب وهو امتناع النظر إلى المرأة الأجنبية، ولكن هذا القول قوبل بمعارضة من المالكية أنفسهم، كما هو الحال بالنسبة للحنفية، ووجه الاعتراض أن امتناع الرجل من النظر غير محقق في كل الأحوال، فمن أين لنا بمن يغضون أبصارهم في سائر الأمكنة، وخروج المرأة سافرة أمام الرجال الأجانب هو في ذاته فتنة يتعذر معها منع الناس من أن ينظروا، إذ هو أمر متعذر، فهذا القول المنسوب إلى عياض معناه: أن الرجل هو الذي يجب عليه ألا ينظر إلى المرأة الأجنبية، فإذا تحقق امتناع الرجال من النظر إلى المرأة الأجنبية؛ فلا يجب عليها ستر وجهها وكفيها؛ لعدم وجود من ينظر إليها، وقد صرح ابن مرزوق الحفيد في كتابه «اغتنام الفرصة» بأن المشهور في مذهب المالكية: وجوب ستر وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب؛ سدا للذريعة فامتناع الرجال من النظر أمر غير محقق.

 كفاية الطالب الرباني (النظر) عدل

قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: «ولا يخلو رجل بامرأة ليست منه بمحرم، ولا بأس أن يراها لعذر من شهادة عليها أو نحو ذلك أو إذا خطبها وأما المتجالة فله أن يرى وجهها على كل حال». قال المنوفي في كفاية الطالب الرباني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني: (و) كذلك (لا) حرج (في النظر إلى المتجالة) التي لا أرب فيها للرجال ولا يتلذذ بالنظر إليها (و) كذا (لا) حرج (في النظر إلى الشابة) وتأمل صفتها (لعذر من شهادة عليها) في نكاح أو بيع ونحوه ومثل الشاهد الطبيب والجرايحي وإليه أشار بقوله: (أو شبهه) أي شبه العذر من شهادة فيجوز لهما النظر إلى موضع العلة إذا كان في الوجه واليدين وقيل: يجوز وإن كان في العورة لكن يبقر الثوب قبالة العلة وينظر إليها (وقد أرخص في ذلك) أي في النظر إلى الشابة (للخاطب) لنفسه من غير استغفال للوجه والكفين فقط لما صح من أمره عليه الصلاة والسلام بذلك ، وقيدنا بنفسه احترازا من الخاطب لغيره فإنه لا يجوز له النظر اتفاقا.[121]

وذكر العدوي في حاشية على كفاية الطالب الرباني: المذهب أنه يجوز النظر للشابة أي: لوجهها وكفيها لغير عذر بغير قصد التلذذ حيث لم يخش منها الفتنة، وما ذكره الشيخ ليس هو المذهب.

وما ذكره ابن أبي زيد في الرسالة يفيد أنه: لا حرج في النظر لوجه الشابة لعذر كالتداوي، ويفهم من كلامه أنه لا ينظر إليها لغير عذر أي: أنه رخص للحاجة بقدرها، ويفهم من كلامه أنه لا ينظر إليها لغير عذر، وذكر المنوفي في شرحه لرسالة ابن أبي زيد أن الخاطب ينظر للوجة والكفين فقط من غير استغفال، وأما الخاطب لغيره فإنه لا يجوز له النظر اتفاقا.

الذخيرة (ستر الوجه..) عدل

قال القرافي في الذخيرة: وقوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها يقتضي العفو عن الوجه واليدين من الحرة لأنه الذي يظهر عند الحركات للضرورة.[122]

مواهب الجليل (النظر) عدل

وذكر في مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل أنه يجوز النظر إلى الشابة الأجنبية لسبب مشروع، قال: «(فرع) قال في التوضيح: يجوز النظر للشابة الأجنبية الحرة في ثلاثة مواضع: للشاهد وللطبيب ونحوه وللخاطب، وروي عن مالك عدم جوازه للخاطب، ولا يجوز لتعلم علم ولا غيره انتهى.

زاد الأقفهسي في المواضع التي يجوز النظر فيها البيع والشراء انتهى، ومقتضى كلام القباب في مختصر أحكام النظر لابن القطان أنه لا يجوز النظر إليهن للبيع والشراء فإنه قال: مسألة: ليس من الضرورات احتياجها إلى أن تبيع وتبتاع أو تتصنع وقد روي عن مالك: أرى أن يتقدم إلى الصناع في قعود النساء إليهم ولا تترك الشابة تجلس إلى الصناع، وأما المتجالة والخادم الدون ومن لا يتهم على القعود عنده ومن لا يتهم فلا بأس بذلك وهو كله صواب فإن أكثر هذه ليست بضرورة تبيح التكشف فقد تصنع وتستصنع وتبيع وتشتري وهي مستترة ولا يمنعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كن معتدات وإلى المسجد وإنما يمنعن من التبرج والتكشف والتطيب للخروج والتزين بل يخرجن وهن منتقبات ولا يخفقن في المشي في الطرقات، بل يلصقن بالجدران انتهى من مختصر أحكام النظر.

(تنبيه) من أبيح له النظر فلا يجوز له قصد اللذة وكذلك النظر إلى الأمرد لا يجوز فيه قصد اللذة والله أعلم».[123]

تفسير (سورة النور) عدل

نصوص 2 عدل

منـه‍ا‍: تفسير ابن عطية، أحكام القرآن لابن العربي، القرطبي، ابن جزي

قال الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها سورة النور آية: 31

الزينة الظاهرة عند المالكية الوجه والكفان، فهما ليسا بعورة وإن وجب سترهما، ومعنى الآية: أنه يجب على المرأة ستر بدنها وزينتها أمام الرجال الأجانب ولا عذر لها في كشف شيء من ذلك إلا ما ظهر من الزينة عند الضرورة وهو الوجه والكفان؛ لأنها تحتاج لكشفهما في عملها ومعاملتها وهذا عند أمن الفتنة، ومن غير سفور ولا تبرج، فاستثنى الظاهر منها وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك.

تفسير ابن عطية عدل

قال ابن عطية المالكي في تفسيره: قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: ويظهر لي في محكم ألفاظ الآية المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر فيهما الظهور وهو الظاهر في الصلاة ويحسن بالحسنة الوجه أن تستره إلا من ذي حرمة محرمة ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه والله الموفق.

قال الفقيه الإمام القاضي: ويظهر لي في محكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر فيهما الظهور، وهو الظاهر في الصلاة، ويحسن بالحسنة الوجه أن تستره إلا من ذي حرمة «محرمة»، ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه والله الموفق للصواب برحمته.

وقرأ الجمهور «ولْيضربن» بسكون اللام التي هي للأمر، وقرأ أبو عمر في رواية عباس عنه و«لِيضربن» بكسر اللام على الأصل لأن أصل لام الأمر الكسر في «ليذهب وليضرب»، وإنما تسكينها كتسكين عضد وفخذ.


وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة سدلنها من وراء الظهر، قال النقاش كما يصنع النبط فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك فأمر الله تعالى ب «الخمار على الجيوب» وهيئة ذلك يستر جميع ما ذكرناه، وقالت عائشة رضي الله عنها: رحم الله المهاجرات الأول لما نزلت هذه الآية عمدن إلى أكثف المروط فشققنها أخمرة وضربن بها على الجيوب. ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت إنما يضرب بالكثيف الذي يستر، ومشهور القراءة ضم الجيم من «جُيوبهن» وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء كقراءتهم ذلك في بيوت وشيوخ ذكره الزهراوي.[124]

أحكام القرآن عدل

ذكر ابن العربي في «أحكام القرآن» في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: ثمانية أقوال في معنى الزينة المستثناة في الآية منها: الزينة الظاهرة الثياب خاصة كالجلباب الذي تستتر به فيعفى عنه في النظر إليه للضرورة، وقيل: بل هي الكحل والخاتم، وقيل: الوجه والكفان حيث يظهران بالعادة.

تفسير القرطبي عدل

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: وقال ابن عطية: «ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فـ﴿ما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه».[125]

تفسير ابن جزي عدل

قال ابن جزي في تفسيره: قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: «نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك فقيل إلا ما ظهر منها يعني الثياب فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها وقيل الثياب والوجه والكفان وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة وزاد أبو حنيفة القدمين».[126]

القسم الخامس عدل

قسم عدل

فتح الباري عدل

قال ابن حجر: قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز. ثم استدل بما في "الموطأ" أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها، وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها. انتهى. وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن، وقد كن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن، وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص، وقد تقدم في الحج قول ابن جريج لعطاء لما ذكر له طواف عائشة: أقبل الحجاب أو بعده؟ قال: قد أدركت ذلك بعد الحجاب. وسيأتي في آخر الحديث الذي يليه مزيد بيان لذلك.[127]

شرح النووي على مسلم عدل

قال النووي: «قال القاضي عياض فرض الحجاب مما اختص به أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فهو فرض عليهن بلا خلاف فى الوجه والكفين فلايجوز لهن كشف ذلك لشهادة ولا غيرها ولا يجوز لهن إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة من الخروج للبراز، قال الله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، وقد كن إذا قعدن للناس جلسن من وراء الحجاب وإذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن كما جاء فى حديث حفصة يوم وفاة عمر، ولما توفيت زينب رضى الله عنها جعلوا لها قبة فوق نعشها تستر شخصها هذا آخر كلام القاضي».[128]

قسم عدل

أحكام النظر عدل

قسم عدل

المراجع عدل

وصلات عدل

صحيح البخاري

تحفة الأحوذي

تفسير الماوردي

تفسير الجصاص

تفسير ابن عطية

الملاحظات عدل

ملاحظات.[° 2]

انظر أيضا عدل

ملاحظات عدل


  1. ^ قوله: "عند العلماء" من هم؟ قوله: "حجة"، واحتجاجه بوجوب غض البصر على الرجل لا يستلزم عدم وجوب ستر وجه المرأة، وقوله بوجوب غض البصر إلا لغرض صحيح لا يعني إباحة إظهار وجه المرأة للأجانب، فكما أن عليه غض البصر فعليها كذلك غض بصرها وعدم إظهار وجهها للأجانب وإن لم تلبس نقابا، وقوله: "ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم"، غير واضح وهو بحاجة إلى برهان.
  2. ^ عادات المسلمين وتقالديهم في لباس المرأة المسلمة لا تعبر عن أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإنه لا يصح نسبتها للإسلام، فلا يقال هذا لباس إسلامي أو زي إسلامي؛ لأن نسبته إلى الإسلام تحتاج إلى برهنة في نسبته إلى الشرع الإسلامي، بل يقال هذه ملابس أو أزياء عند المسلمين أو في البلدان الإسلامية، فعادات الناس وتقاليدهم لا تكون منسوبة للإسلام إلا إذا كانت مطابقة لأحكام الشرع، فالمرأة المسلمة لو كشفت أجزاء من جسدها وخالفت بذلك أحكام الشرع الإسلامي ففعلها يعبر عنها هي ومن على شاكلتها ولا يجوز أن يكون فعلها منسوبا للإسلام، ولا أن يحمل الصفة الإسلامية.

مراجع عدل

«»

  1. ^ قال الله تعالى:  قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ  وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  .
  2. ^ أ ب ت ث ج ح تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  3. ^
  4. ^ أ ب ت ث ج ح تفسير البيضاوي، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  5. ^ أ ب ت ث ج الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، آية رقم 31، الجزء الأول، ص191 وما بعدها، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، الطبعة: الأولى
  6. ^ أحكام القرآن لابن العربي، محمد بن عبد الله الأندلسي (ابن العربي)، سورة النور فيها تسع وعشرون آية، الآية السادسة عشرة قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، المسألة الثانية: (مسألة الزينة الظاهرة)، ج3 ص380 و381، دار الكتب العلمية.
  7. ^ تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء السادس ص41 وما بعدها، دار طيبة، سنة النشر: 1422 هـ/ 2002م.
  8. ^ تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الثاني، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  9. ^ تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، الجزء الثاني عشر، ص209 وما بعدها، دار الفكر.
  10. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، آية: (30)، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء التاسع عشر، ص154 و155، دار المعارف.
  11. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، الجزء التاسع عشر، ص155 وما بعدها.
  12. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم، الجزء السادس، ص32 و33، دار طيبة.
  13. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، الجزء السادس ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  14. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص175 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م
  15. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص176 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  16. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  17. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص179، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  18. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص179 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  19. ^ تفسير ابن عطية، عبد الحق بن محمد بن عطية الأندلسي، تفسير سورة النور، تفسير قوله عز وجل: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، الجزء السادس، ص373 وما بعدها.
  20. ^ تفسير النسفي، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، الجزء الثاني، ص499 و500، ط1، دار الكلم الطيب، سنة: 1419 هـ/ 1998م.
  21. ^ تفسير النسفي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن، الجزء الثاني ص500 إلى 502، ط1، دار الكلم الطيب، سنة: 1419 هـ/ 1998م.
  22. ^ أ ب ت ث ج ح خ الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الحادي عشر، ص16، مركز هجر ط1، 1424 هـ/ 2003م.
  23. ^ أخرجه ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه.
  24. ^ أخرجه ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في "سننه"، وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن مردويه ، من حديث علي، مثله.
  25. ^ أخرجه ابن مردويه والخرائطي في "مكارم الأخلاق".
  26. ^ أخرجه البخاري ومسلم.
  27. ^ أخرجه أبو القاسم البغوي في "معجمه"، والطبراني والخطيب وابن النجار.
  28. ^ أخرجه أحمد والحكيم في "نوادر الأصول"، والطبراني وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان".
  29. ^ أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود
  30. ^ أخرجه الحاكم وصححه وتعقب.
  31. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الحادي عشر، ص21 وما بعدها إلى 26، مركز هجر ط1، 1424 هـ/ 2003م.
  32. ^ أخرجه عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه.
  33. ^ أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر.
  34. ^ أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي في "سننه".
  35. ^ أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه"
  36. ^ أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
  37. ^ أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم
  38. ^ أخرجه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في "سننه"
  39. ^ أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، والنسائي والبيهقي في "سننه".
  40. ^ أخرجه أبو داود وابن مردويه والبيهقي.
  41. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا الجزء التاسع عشر ص216 وما بعدها، دار المعارف.
  42. ^ أحكام القرآن للكيا الهراسي، عماد الدين بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي، أحكام القرآن للكيا الهراسي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، الجزء الرابع، ص322، دار الكتب العلمية، 1403 هـ - 1983 م، الطبعة: الأولى.
  43. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، الجزء السادس، ص62، دار طيبة
  44. ^ تفسير النسفي، عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم.. الجزء الثالث، ص41 و42 و43، ط1، دار الكلم الطيب، سنة: 1419 هـ/ 1998م.
  45. ^ تفسير البغوي، ج6 ص370
  46. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير الطبري، تفسير سورة الأحزاب، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه.. الجزء العشرون، ص305 وما بعدها، دار المعارف
  47. ^ تفسير الماوردي، ص418 و419
  48. ^ تفسير ابن عطية، ج7 ص141 و142
  49. ^ تفسير القرطبي، ج7 ص206.
  50. ^ التفسير الكبير المسمى البحر المحيط، أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم، ج7، ص247، دار إحياء التراث العربي.
  51. ^ تفسير البيضاوي، عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي، أبو سعيد، أو أبو الخير، ناصر الدين البيضاوي (ت685 هـ)، المسمى بـ أنوار التنزيل وأسرار التأويل المشهور بـ «تفسير البيضاوي»، تفسير سورة الأحزاب آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  52. ^ تفسير النسفي المسمى: (مدارك التنزيل)، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين.. ج3، ص79 ط1
  53. ^ تفسير القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، سورة الأحزاب، قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين..، ج14 ص220 إلى 222، دار الفكر.
  54. ^ أحكام القرآن للجصاص، ابو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن للجصاص، ومن سورة الأحزاب، باب حجاب النساء، الجزء الخامس، ص244 و245، دار إحياء التراث العربي، 1412 هـ/ 1992م.
  55. ^ التفسير الكبير المسمى البحر المحيط، أثير الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي، تفسير البحر المحيط، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ج7، ص250، دار إحياء التراث العربي
  56. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة الأحزاب، تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين.. الجزء الثاني، ص139 وما بعدها، مركز هجر، ط1، سنة: 1424هـ/ 2003م.
  57. ^ متن تنوير الأبصار، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، ج1، ص406 و407، دار الكتب العلمية.
  58. ^ الدر المختار شرح متن تنوير الأبصار، علاء الدين الحصفكي، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، ج1، ص406 و407، دار الكتب العلمية.
  59. ^ أ ب رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر (ابن عابدين)، رد المحتار على الدر المختار، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، مطلب في ستر العورة، ج1، ص406 و407، دار الكتب العلمية.
  60. ^ متن تنوير الأبصار، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، ج1، ص527 و528، دار الكتب العلمية.
  61. ^ الدر المختار شرح متن تنوير الأبصار، علاء الدين الحصفكي، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، ج1، ص527 و528، دار الكتب العلمية.
  62. ^ رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر المعروف بـ (ابن عابدين)، رد المحتار على الدر المختار،كتاب الحج، مطلب في طواف الزيارة، ج2، ص527 و528، دار الكتب العلمية.
  63. ^ تفسير النسفي المسمى: (مدارك التنزيل)، ج3، ص79.
  64. ^ حاشية الطحطحاوي على مراقي الفلاح (ص/161)
  65. ^ مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر، داماد أفندي، ج1، ص81.
  66. ^ البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لابن نجيم، ج1 ص28.
  67. ^ الدر المختار لعلاء الدين الحصفكي، بحاشية ابن عابدين، ج3 ص188 و189.
  68. ^ البحر الرائق لابن نجيم، بحاشية ابن عابدين، ج1 ص284.
  69. ^ البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم، ج2 ص381.
  70. ^ الهدية العلائية لتلاميذ المكاتب الثانوية، محمد علاء الدين بن محمد بن عمر ابن عابدين، ص244.
  71. ^ فتح القدير، كمال الدين بن عبد الواحد ابن الهمام، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة التي تتقدمها، ج1 ص259 و260
  72. ^ فتح القدير
  73. ^ الدر المنتقى شرح الملتقى، محمد علاء الدين الحصني، ج1 ص81.
  74. ^ الهداية شرح البداية للمرغيناني، كتاب الحج، باب الإحرام، يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها، مذيلا بحاشية ابن الهمام، ج2، ص: 512 وما بعدها، دار الفكر، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  75. ^ فتح القدير، كمال الدين بن عبد الواحد ابن الهمام، كتاب الحج، باب الإحرام، يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها، الجزء الثاني، ص: 512 وما بعدها، دار الفكر، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  76. ^ البحر الرائق شرح كنز الدقائق، مذيلا بحاشية ابن عابدين، المؤلف: زين الدين بن إبراهيم ابن نجيم، كتاب الحج، ج2 ص381 وما بعدها، ط2، دار الكتاب الإسلامي
  77. ^ حاشية ابن عابدين على البحر الرائق شرح كنز الدقائق، كتاب الحج، ج2 ص381 وما بعدها، ط2، دار الكتاب الإسلامي
  78. ^ البحر الرائق
  79. ^ أ ب اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع الروضة
  80. ^ أ ب شرح النووي على صحيح مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات، حديث رقم: (338)، ص25 وما بعدها، دار الخير.
  81. ^ روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، الجزء السابع، ص21.
  82. ^ حاشية سليمان الجمل على شرح المنهج، ج1 ص411.
  83. ^ تحفة المحتاج بشرح المنهاج شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي، فصل: تكفين الميت وحمله وتوابعهما، ج3 ص113، 115
  84. ^ حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، ج3 ص115
  85. ^ شرح: (م ر) أي: شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى.
  86. ^ حاشية ابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج، ج3 ص115
  87. ^ حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، ج3 ص112
  88. ^ حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، ج6 ص193
  89. ^ تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب، زكريا الأنصاري، ج1 ص174
  90. ^ حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب، زكريا الأنصاري، ج1 ص174
  91. ^ أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك، محمد الزهري الغمراوي، ص217
  92. ^ كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، تقي الدين الحصني، ح1 ص181.
  93. ^ فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب، محمد بن قاسم الغزي، ص19.
  94. ^ فتح العلام بشرح مرشد الأنام محمد بن عبد الله الجرداني ج1 ص34 و35.
  95. ^ فتح العلام بشرح مرشد الأنام محمد بن عبد الله الجرداني ج1 ص41 و42.
  96. ^ مغني المحتاج للخطيب الشربيني، ج3 ص129.
  97. ^ نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ومعه حاشية الشبراملسي، ج3 ص333.
  98. ^ حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج3 ص333.
  99. ^ حاشية البجيرمي على الخطيب، ج2 ص391.
  100. ^ متن سفينة النجاة فيما يجب على العبد لمولاه، سالم بن سمير الحضرمي، ص11، مكتبة الفجر الجديد.
  101. ^ شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري، موطأ مالك، كتاب الحج، باب تخمير المحرم وجهه، ج2، ص234.
  102. ^ أوجز المسالك ج6 ص196
  103. ^ مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، للحطاب، ج1 ص499
  104. ^ شرح الزرقاني على مختصر خليل، ج1، ص167
  105. ^ شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني، باب الوقت، فصل في الشرط الثاني أو الثالث من شروط الصلاة، ج: ١، ص: ٣١٣
  106. ^ حاشية البناني على شرح الزرقاني على مختصر خليل، ج1، ص167
  107. ^ حاشية الصاوي على الشرح الصغير، ج1 ص289.
  108. ^ حاشية البناني على شرح الزرقاني على مختصر خليل، باب الوقت، فصل في الشرط الثاني أو الثالث من شروط الصلاة، ج: ١، ص: ٣١٣
  109. ^ التاج والإكليل لمختصر خليل،المؤلف: محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، أبو عبد الله المواق المالكي، (المتوفى: 897 هـ)، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1416 هـ/ 1994م.
  110. ^ التاج والإكليل لمختصر خليل، المؤلف: محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، أبو عبد الله المواق المالكي، (المتوفى: 897 هـ)، ج: ٢ ص: ١٨١ و ١٨٢، كتاب الصلاة باب في شروط صحة الصلاة فصل في ستر العورة الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1416 هـ/ 1994م.
  111. ^ التاج والإكليل لمختصر خليل، المؤلف: محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، أبو عبد الله المواق المالكي، (المتوفى: 897 هـ)، ج: ٢ ص: ١٨١ و ١٨٢، كتاب الصلاة باب في شروط صحة الصلاة فصل في ستر العورة الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1416 هـ/ 1994م.
  112. ^ أحكام القرآن لابن العربي، تفسير سورة الأحزاب، آية 18، ج3،ص1579.
  113. ^ تفسير القرطبي، تفسير سورة النور ج12، ص212
  114. ^ جواهر الإكليل شرح مختصر خليل، صالح عبد السميع الآبي الأزهري، ج1 ص41
  115. ^ الشرح الكبير على أقرب المسالك، ج1 ص 289
  116. ^ جواهر الإكليل
  117. ^ الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني، أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي، باب الحج والعمرة، ج1 ص431
  118. ^ الشرح الكبير للدردير، ج2 ص54 و55
  119. ^ شرح الزرقاني على مختصر خليل، عبد الباقي الزرقاني، كتاب الحج، ج2 ص290 و291.
  120. ^ شرح مختصر خليل، للزرقاني
  121. ^ كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، علي بن محمد بن محمد المنوفي (ت:939 هـ)، ج2، ص458
  122. ^ الذخيرة للقرافي (ت:682 هـ) ج2 ص104
  123. ^ مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، محمد بن محمد بن عبد الرحمن (الحطاب)، كتاب النكاح، فرع النظر للشابة الأجنبية الحرة في ثلاثة مواضع، ج3، ص405 دار الفكر، ط3
  124. ^ تفسير ابن عطية الأندلسي (ت541 هـ)، المسمى بـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج5 ص70 و71
  125. ^ تفسير القرطبي «الجامع لأحكام القرآن»، تفسير قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  126. ^ تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل،
  127. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، كتاب تفسير القرآن، سورة الأحزاب، ﴿باب قوله لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه حديث رقم: (4515)، ص391
  128. ^ شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب النكاح.