مستخدم:الحسين علي السعدي/ملعب

تاريخ اول سيارات وصلت لعمانية

عدل

عند الحديث عن تاريخ وصول السيارات إلى عمان نجد أن السلطنة عرفت السيارات في فترة مبكرة من القرن الماضي، ولعل ذلك يعود إلى أسباب عديدة من بينها: النشاط التجاري المزدهر الذي عرفته السلطنة وظهور العديد من التجّار الكبار الذين اهتموا بمواكبة العصر وتطوره؛ لذا اقتنوا أنواعًا متعددة من السيارات وقتها لاستخدامات شخصية أو تجارية، وكذلك عودة بعض العمانيين الذين كانوا يقيمون في مناطق عرفت السيارات مبكرًا فكانت لديهم دراية بها، والهجرات المتبادلة مع عدد من الدول التي كانت لديها علاقات اقتصادية واجتماعية مع السلطنة واستقرار بعض مواطنيها في عمان ممن كانت لهم معرفة واهتمام بأمور السيارات وقيادتها وإصلاحها، واهتمام السلاطين في تلك الفترة باقتناء السيارات وتسهيل أمور حركتها بدليل شق أول الطرق البرية في 1929م.

“أثير” تقترب من تاريخ ظهور السيارات في عمان من خلال تتبع بعض الكتابات والروايات التي أرّخت لهذا الموضوع، وتحاول عرض المعلومات المتعلقة بها.

مسقط في الأربعينيات من القرن العشرين

عدل
 

في كتابه التوثيقي المهم ( مسقط في الأربعينيات من القرن العشرين) اقترب الدكتور والمترجم صالح البلوشي من موضوع دخول السيارات إلى عمان ضمن موضوعات اجتماعية واقتصادية وسياسية عديدة وثقها في كتابه، وسرد بعض المعلومات المتعلقة بها والتي نورد منها بعض الفقرات منها أنه ” في عام 1928م أدخل أحد تجّار مسقط واسمه “علي سلمان” أول سيارة إلى مسقط وكانت بخمسة مقاعد، ولم تكن تلك السيارة أول سيارة في مسقط بحسب وإنما أول سيارة في عمان كلها، وقد كانت أحد عجائب الدنيا لسكان مسقط وما جاورها”.

ويشير الدكتور البلوشي إلى أن صاحب هذه السيارة أوقفها في البداية بمسقط، ولكن نظرًا لمحدودية الحركة بها وانغلاقها جغرافيًا وعدم وجود طرق ممهدة بها فقد نقلها إلى مطرح حيث كان بإمكانه أن يتجوّل بها إلى روي وما تلاها من مناطق وذلك عن طريق ساحل مطرح ثم إلى خور بمبة ثم إلى مطرح الداخل فالوشل وبيت الفلج وما يليها.

كما يشير الدكتور صالح البلوشي إلى أن علي سلمان كان أول من أدخل خدمة سيارات الأجرة في عمان لنقل الركاب ما بين مسقط والسيب، وبعد ذلك التاريخ بدأ استيراد السيارات والشاحنات إلى مسقط ومطرح ولكن ببطء شديد نتيجة ارتفاع تكلفتها وعدم وجود وكالات متخصصة، وكان يقع على عاتق أصحاب تلك السيارات التكفل بصيانتها أو إصلاحها إن أصابها أيّ عطل، كذلك إن رغب في إدخال أيّ تعديلات عليها كأن يحوّلها من سيارة إلى شاحنة فإنه هو ذاته يقوم بالعمل.

ومن الأمور الطريفة التي يذكرها الدكتور البلوشي عن تاريخ دخول السيارات في كتابه التوثيقي المهم أنه قد جرى العرف وقتها عند رغبة فرد ما السفر لمنطقة بعيدة بعض الشيء عن مسقط أو مطرح بأن يصطحب معه معاونًا ليعينه على شؤون وشجون الرحلة كأن يرشده للطريق الصحيح بعيدًا عن الكثبان الرملية والصخور والأودية والأراضي المالحة الليّمة، والمساعدة في إصلاح السيارة وإخراجها من الرمال إن غرزت، ونظرًا إلى أن الطرق لم تكن ممهّدة فقد كانت السيارات والشاحنات عند سيرها تتأرجح ذات اليمين وذات اليسار فكان الركاب يمسكون جوانب الشاحنة حتى يتجنبوا التصادم مع جوانبها ومع بعضهم البعض، وكان من المناظر المألوفة وصول الركاب لمقصدهم وقد غطّتهم الأتربة والغبار.

روايات معاصرين ومهتمين

عدل
 

وفي روايته لجريدة الوطن يشير الشيخ إبراهيم بن عبد الله الفارسي إلى أن أوائل السيارات التي دخلت مسقط في بدايات القرن الماضي كانت من نوع (صالون شيفر) وكانت موجودة لدى كبار تجار مسقط وهم أولاد علي بن موسى ولدى كبار تجار مطرح من أولاد باقر عبد اللطيف، وكانت السيارات تقف في دار سيت عند مطاحن دقيق عمان الآن، ولم تكن تستطيع الصعود إلى داخل مسقط بسبب عقبة الخيل أو عقبة ريام التي هي في أسفل جبل ريام قبل شق الطريق بين مسقط ومطرح عام 1929م، ثم تلاها سيارات من نوع (باور ويجن) من شركة دودج الأمريكية وهي من فئة الدفع الرباعي وكانت تستخدم حتى عام 1932م، وكان السلطان تيمور بن فيصل يخرج بهذا النوع من السيارات في جولاته إلى المناطق ومنها رحلة إلى الباطنة ومسندم والظاهرة برفقة الوزير بروترام توماس، ومنها سيارة الطبيب هاريسون الذي أسس مستشفى الرحمة الذي عُرف بمستشفى طومس، بعدها ظهرت سيارة الجيب (لاندروفر) في مطلع الخمسينات والتي كانت تُجلب من بريطانيا وكانت من نوع الجيب المتوسط.

وبحسب رواية الباحث في التاريخ العُماني بشكل عام وتاريخ مسقط ومطرح بشكل خاص الأستاذ علي بن محمد سلطان فإن باقر عبد اللطيف فاضل الذي كان من كبار تجار مطرح في النصف الأول من القرن العشرين وأخاه موسى عبد اللطيف فاضل يعدّان من أوائل من أدخل السيارات إلى عمان حيث استوردا ثلاث سيارات إحداهن من نوع بيوك، وتم إهداء واحدة منهن للحكومة وقتها، واحتفظا بالسيارتين الأخريين للاستخدام الشخصي والتجاري.

كما يشير الأستاذ علي بن محمد إلى أن جُل محمد اللواتي، وباكوه البلوشي يعدان من من أوائل السوّاق الذين احترفوا مهنة السياقة بشكل شخصي، وكانوا يقومون بتقديم خدمات النقل لسكان مطرح إلى المدن والقرى المجاورة خاصةً أوقات القيظ والانتقال إلى المناطق الداخلية القريبة، وكثيرة هي المواقف التي أسهموا فيها بتقديم خدمات مهمة وعاجلة لبعض الأسر خاصةً عند الإصابة بأمراض أو إصابات مفاجئة، ونقلهم إلى مراكز الخدمات العلاجية في مسقط ومطرح.

يُذكر أن أول طريق برّي في السلطنة تم افتتاحه في شهر ديسمبر من عام 1929 زمن السلطان تيمور بن فيصل وكان يربط بين مسقط ومطرح، ولم يزد طوله عن الكيلومترين ونصف، وكانت بداية الطريق من حارة الجفينة بمسقط ويمر بعقبة ريام، ثم قرية ريام، فقرية مطيرح، وينتهي أمام البرزة حيث مقر والي مطرح.