غزو فكري

هو غزو يتم عبر تمرير الأفكار إلى الخصم عبر عدة وسائل معينة

الغزو الفكري هو تضارب أو اختلاف في الأفكار أو الأيديولوجيات أو المفاهيم المتعارضة، التي تستخدمها بعض الدول أو المنظمات لدعم مصالحها الخارجية. إن «قلوب وعقول» الناس المستهدفة هي «ساحة المعركة» لهذا التضارب، بينما يمكن للأسلحة أن تدمر كل من -من بين مصادر أخرى– مراكز الفكر، والبرامج التلفزيونية أو الإذاعية، والمقالات الصحفية، والإنترنت، والمدونات، وأوراق السياسات الحكومية الرسمية، والدبلوماسية التقليدية، والدبلوماسية العامة.

حدد أنتوليو ج. إيكيفاريا، مدير الأبحاث في معهد الدراسات الاستراتيجية [الإنجليزية] في الكلية الحربية التابعة للجيش الأمريكي [الإنجليزية] «حرب الأفكار» في كتابه حروب الأفكار بأنها:

تصادم الأفكار والمفاهيم والصور، وبالأخص تفسير هذه المفاهيم؛ إنها حروب فعلية، رغم أن العنف الجسدي قد يكون معدومًا، لأنها تخدم مصالح سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية، وهذه المصالح تنطوي على نوايا أو أعمال عدائية. توجد أربع فئات تتكلم حول القوة والنفوذ، مثل الحروب على الأراضي والموارد المائية، وتكون مخاطر هذه الفئات عالية على الناس المستهدفة فكريًا. وعادةً، تشمل هذه الفئات الآتي:

المناقشات الفكرية.

الحروب الأيدولوجية.

غزو فكري على العقيدة الدينية.

الحملات الإعلانية.

تأريخ المصطلح عدل

الاقتصاديين والفلاسفة السياسيين، الذين يطرحون أفكارًا، سواءً أكانت هذه الأفكار صحيحة أم خاطئة، فهي مُنزهة عن أفكار وآراء العامة. العالم محكوم فعلياً بوساطة هؤلاء القلة. الأشخاص العمليين، هم من يعتقدون أنهم مستثنون من أي تأثيرات فكرية، هؤلاء «المستثنون»، عادة يكونون عبيدًا لأفكار اقتصاديين مضى عليها الزمن. وهناك المجانين في السلطة الذين يتوهمون أصواتًا، يُستخلص جنونهم في الحكم من كتاب أكاديمي كتب قبيل سنوات عدة.

John Maynard Keynes، النظرية العامة للتوظيف والفائدة والمال، 1936، الفصل الرابع والعشرون.

نشر ريتشارد إم ويفر كتابًا بعنوان: «أفكار لها عواقب» عام 1948 من قبل جامعة شيكاغو، وهو أطروحة تتساءل حول الآثار الضارة للنزعة الاسمية (الفلسفية أو المذهبية الفكرية) للحضارة الغربية منذ أن اكتسبت هذه الأفكار مكانة بارزة في أواخر العصور الوسطى، تلي هذه التساؤلات مسار عمل يعتقد ويقر من طريقه؛ أنه يمكن إنقاذ الغرب من هذا الانحدار الفكري، ويعزو ويقر بداية هذا الانحدار الغربي إلى اعتماد الاسمية (أو رفض مفهوم الحقيقة المطلقة) في أواخر الفترة الدراسية لهذه الأطروحة.

في عام 1993، استخدم المحلل في مؤسسة Heritage، جيمس أ. فيليبس، مصطلح «حرب الأفكار» لوصف الطريقة التي تتبعها المؤسسة الوطنية للديمقراطية (NED) لحماية الديمقراطية في المعركة الأيديولوجية. دافع فيليبس عنNED   كونه «سلاحًا مهمًا في الغزو الفكري»، سلاحًا مهمًا ضد الديكتاتوريات الشيوعية التي تسيطر على الصين وكوبا وكوريا الشمالية وفيتنام. في معهد Cato وموجزه عن السياسة الخارجية، فصّل إنه لم تعد هناك حاجة إلى NED لأن «الديمقراطية الغربية انتصرت في غزوها الفكري ضد الخصوم الشيوعيين». صرح به Gingrich.

منظمة Heritage هي بلا شك المنظمة الأكثر فعالية في البلاد في الغزو الفكري، والتي كان تأثير فعلي هائل، وفي جميع أنحاء الكوكب وليس في واشنطن فقط.

-رئيس مجلس النواب Newt Gingrich 15 نوفمبر 1994.

بحلول تسعينيات القرن الماضي، استُخدم مصطلح «الغزو الفكري» لإثارة الجدل حول النظم الاقتصادية الاشتراكية والتخطيط المركزي في الجهة الأولى، والمشاريع الحرة والملكية الخاصة في الجهة الأخرى.

في عام 2008، قدم أنتوليو ج. إتشيفاريا، في كتابه المعنون «الغزوات الفكرية والغزو الفكري»، الذي يقدم شرحًا موجزًا لأربعة أنواع شائعة من الغزو الفكري، ويحلل كيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها الاستراتيجيين المضي قدمًا في هذا الغزو. بينما يوضح Antulio أن الفهم الأفضل للاختلافات بين هذه الغزوات يمكن أن يوجه الاستراتيجية نحو هدف أفضل، فإن Echevarria يخلص إلى أهمية الأحداث المادية -سواءً كان مخططًا لوقوعها أو حدثت عرضيًا- هي أحيانًا أكثر أهمية لمسار ونتائج الغزو من الأفكار نفسها.

من المهم أن نلاحظ، مثلًا، وبما أنه يجري تفسير الأفكار بتفاسير مختلفة، فهذا لا يعني أن الانتصار سيكون لطرف من الأطراف من طريق حملة فكرية فقط. بالنظر إلى أن الأحداث المادية، سواءً كانت مقصودة أو عرضية، تلعب في معظم الأحيان أدوارًا معينة تُكشف بها الغزوات الفكرية، وكيفيتها ونهايتها. رغم أن عملية التواصل الاستراتيجي تظل جزءًا حيويًا من أي غزو، فإننا بحاجة إلى إدارة توقعاتنا بأبعد ما يمكن.

Antulio Joseph Echevarria, 2008— 

الفرق بين الغزو الفكري والغزو العسكري عدل

الغزو الفكري أخطر من الغزو العسكري، ويتجلى ذلك فيما يلي:[1]

  • الغزو العسكري بغيض إلى النفوس؛ لأنه مرتبط بسفك الدماء وإزهاق الأرواح، ويهدف إلى القهر والسيطرة والغلبة على الشعوب المستعمرة بالإكراه والقوة المسلحة، ومن أجل ذلك فإنه يُقَابَل بالكراهية الشديدة، ويلقى المقاومة المستمرة والمستميتة بكل أنواع الكفاح المسلح. أما الغزو الفكري فهو موجه لتصفية العقول والأفهام لتكون تابعة للغازي، ويتسلل إليهم في صمتٍ ونعومة، فيقبلون عليه عن طواعية ورضا وحب واقتناع، دون أن تظهر منهم مقاومة أو تمرد على الغزاة.
  • الغزو العسكري قد يكلف كثيراً من الأنفس والأموال، وقد ينتهي أثره بعد أن تضع الحرب أوزارها، أما الغزو الفكري فإنه بالرغم من أنه قليل التكلفة إلا أن أثره أعمق وأشمل، ويمتد تأثيره إلى عشرات أو مئات السنين في كثير من الأحيان، حيث يتميز بالشمول والامتداد، فهي حرب دائمة دائبة لا يحصرها ميدان، بل تمتد إلى شعوب الحياة الإنسانية جميعاً.
  • يتميز الغزو الفكري بالخداع والتمويه والتخدير، فإذا كان العدو في الغزو العسكري يعتمد على المواجهة في الميدان وتكشف أسلحته عن نفسها سواء كانت بالسيوف أو القنابل، فإن العدو في الغزو الفكري يأتيك متخفياً من وراء حجاب، ويداهمك بدون شعور منك، فقد يأتيك في صورة مقال جذاب أو بكتاب بغلاف براق أو برنامج إذاعي أو تلفزيوني أو فيلم أو مسلسل أو مسرحية.

مظاهر الغزو الفكري عدل

من مظاهر الغزو الفكري عدل

تمرير الأفكار عبر فيلم أو مسلسل أو مسرحية، أو السلاح الإعلامي (التلفاز، ومواقع التواصل الاجتماعي)، أو الكتب، أو المقالات، أو البرامج الإذاعية، وغيرها.

أسلحة الغزو الفكري عدل

ويستخدم الغزاة أسلحة تعتمد على الفكرة والكلمة والرأي والحيلة، والنظريات والشبهات والمنطق الخلّاب وبراعة العرض، وشدة الجدل، ولدادة الخصومة، وتحريف الكلم عن مواضعه، وغير ذلك مما يقوم مقام السيف والصاروخ في أيدي الجنود، والفارق بينهما هو نفس الفارق بين وسائل وأساليب الغزو الفكري قديماً وحديثاً.[2]

انظر أيضًا عدل

المصادر عدل

  1. ^ "موقع الألوكة، الفرق بين الغزو الفكري والعسكري". موقع الألوكة. 25 أبريل 2024. مؤرشف من الأصل في 2022-08-18.
  2. ^ "موقع الألوكة، مظاهر الغزو الفكري". موقع الألوكة. 24 أبريل 2024. مؤرشف من الأصل في 2022-08-18.