علم التعرض هو دراسة الاتصال بين البشر (والكائنات الحية الأخرى) مع العوامل الضارة داخل بيئتهم -سواء كانت عوامل كيميائية أو فيزيائية أو بيولوجية أو سلوكية أو ضغوطات عقلية–  لأجل تحديد أسبابها والوقاية من الآثار الصحية الضارة التي تنتج عنها.[1][2]  يمكن أن يشمل التعرض داخل المنزل أو مكان العمل أو في الهواء الطلق أو أي بيئة أخرى قد تواجه الفرد.[3] التعرض: هو المصطلح الشامل للعديد من الأنواع المختلفة، بدءاً من التعرض للأشعة فوق البنفسجية[4] وللمواد الكيميائية في الطعام الذي نأكله[5] ولساعات العمل الطويلة والتي تعد العامل المهني الأكثر عزوًا إلى عبء المرض.[6] تنشأ الحاجة إلى هذا المجال من النطاق الواسع للتعرض الذي أدى إلى نتائج صحية سلبية على البشر والكائنات الحية الأخرى، والتركيز بشكل أساسي على العلاقة بين التعرض الخارجي والتعرض الداخلي وكميته.[2] بواسطة الدمج المحكم لمجالات علم الأوبئة وعلم السموم والكيمياء الحيوية والعلوم البيئية وتقييم المخاطر، جرى تحقيق الفهم الشامل للتعرض لحماية صحة الإنسان والنظام الإيكولوجي على المستويات الفردية والمجتمعية والعالمية.[1] مع أن تاريخ علم التعرض كان له بداية بطيئة في البداية، فقد تسارعت التطورات بشكل كبير في العقود الثلاثة الماضية،[7] بما في ذلك بدايات تشكيل (الإكسبوسوم).[8] ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من المجهول والبحوث في هذا المجال تتوسع فقط لتغطية الكمية المتزايدة من التعرضات المحددة.

أهميته عدل

تمتد أهمية البحث العلمي للتعرض من مجموعة واسعة من النتائج الصحية الضارة التي تثقل كاهل السكان. تتوقع منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب 24٪ إلى 40٪ من عبء المرض العالمي هو نتيجة لعوامل بيئية، ويكون العبء الصحي الرئيسي في البلدان المتقدمة حيث يتسبب الدخان الداخلي الناتج عن وقود الطهي في وفاة 3.8 مليون شخص كل عام.[9] تشمل الأمراض والوفيات الأخرى الناتجة عن التعرض أيضًا السرطانات (على سبيل المثال، سرطان الجلد الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية)، والتوحد (المرتبط بمستويات عالية من تلوث الهواء)، ومرض باركنسون (مرتبط بالتعرض لأكسيد النيتريك)، وتلف الخلايا الذي يسبب مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الرئة.[10] كان هناك العديد من الاختراقات التي حسنت وحمت صحة الأفراد منذ بدء البحث. مثال على ذلك هو العلاقة بين التعرض للأشعة فوق البنفسجية والتطور لجميع الأشكال الرئيسية الثلاثة لسرطان الجلد،[11] مما أدى في النهاية إلى تطوير الوقاية مثل الوعي بواقي الشمس. وربط التعرض لعدوى ما قبل الولادة (على سبيل المثال، الأنفلونزا والحصبة الألمانية) بزيادة مخاطر الإصابة بالتوحد والفصام.[12] أدى تطوير الملابس والمواد التي تحمي العاملين في مجال الرعاية الصحية من التعرض للعدوى، ورجال الإطفاء من التعرض للحرارة، إلى زيادة الحماية داخل هذه المهن.[13] ومع ذلك، لا يهدف علم التعرض إلى الفهم والحماية فقط، فهناك العديد من الحالات الموثقة التي يضر فيها التعرض للنشاط البشري بالبيئة. في عام 2003، اكتشف أن تلف الكبد في الأسماك في بوجيه ساوند (ولاية في واشنطن) كان مرتبطاً بتلوث المياه بالهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات الموجودة في الفحم والبنزين.[14] بشكل رئيسي، كان هناك أيضًا اكتشاف استنفاد طبقة الأوزون نتيجة لمركبات الكربون الكلورو فلورية والهالونات الموجودة في الثلاجات ومكيفات الهواء وهالون الطائرات وعلب الهباء الجوي.[15][16] وارتبط إنتاج غازات الدفيئة من مصادر مثل النقل والزراعة ارتباطًا وثيقًا بالاحترار العالمي،[17] مما تسبب لاحقًا في ارتفاع مستويات سطح البحر وإلحاق الضرر بالبيئات التي تعيش فيها العديد من الأنواع.[18]

تاريخ عدل

أجرى أبقراط واحدة من أقدم الروايات عن أبحاث التعرض في عام 400 قبل الميلاد، عندما نشر «الهواء والماء والأماكن» واصفًا أن الهواء والماء والغذاء ونوعية المعيشة أثرت على انتشار الأمراض البشرية.[19] بعد أواخر القرن التاسع عشر، أصبح هناك المزيد والمزيد من الدراسات المنشورة، مثل العلاقة بين تلوث المياه والكوليرا في لندن في عام 1855.[20] ومع ذلك، فإن أحد المنشورات الجديرة بالملاحظة التي أرست الأسس لتوسيع علم التعرض إلى ما أصبح عليه اليوم كانت «تقييمات التعرض البشري للملوثات المحمولة جوًا: التقدم والفرص» من قبل المجلس الوطني للبحوث.[7][21] الذي كان أول من «حدد المبادئ الأساسية لتقييم التعرض»،[2] وأدى إلى زيادة الاستثمارات في تقنيات الإكسبوسوم، وتزايد برامج علوم التعرض مثل هيليكس[22] والمختبر الوطني لأبحاث التعرض.[23] أحدث تطور في علم التعرض هو تحول  على تطوير «الإكسبوسوم» لمطابقة البناء الجاري بالفعل لـ «الجينوم» الكامل.[8][24]

مصدر مسار المرض عدل

يوفر فهم مصدر مسار المرض للتعرض صورة شاملة عن المكان الذي ينشأ فيه التعرض ويؤدي إلى ضرر على الكائن الحي، اقتبسه بول ليوي وكيرك سميث (2021) على أنه «يرتبط علم التعرض مباشرة بالمصادر التي يمكن التحكم فيها والبيئة الداخلية للكائنات المرتبطة بها».[2][7] يمكن تصنيف مصدر التعرض على أنه مصادر خارجية أو داخلية. تشير المصادر الخارجية إلى الإشعاع وملوثات الهواء والغذاء والتفاعلات الاجتماعية وغير ذلك من المصادر. تشير المصادر الداخلية إلى البكتيريا المعوية والإجهاد التأكسدي والإجهاد العاطفي وغير ذلك من المصادر.[10][25]

المراجع عدل

  1. ^ أ ب Council, National Research (2012). Exposure Science in the 21st Century: A Vision and a Strategy (بالإنجليزية). DOI:10.17226/13507. ISBN:978-0-309-26468-6. PMID:24901193. Archived from the original on 2022-12-31.
  2. ^ أ ب ت ث R.، Lioy, Paul J. Smith, Kirk (31 يناير 2013). "A Discussion of Exposure Science in the 21st Century: A Vision and a Strategy". Environmental Health Perspectives. National Institute of Environmental Health Sciences. ج. 121 ع. 4: 405–409. DOI:10.1289/ehp.1206170. OCLC:841828808. PMC:3620766. PMID:23380895. مؤرشف من الأصل في 2023-01-09.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  3. ^ Dionisio، Kathie L.؛ Frame، Alicia M.؛ Goldsmith، Michael-Rock؛ Wambaugh، John F.؛ Liddell، Alan؛ Cathey، Tommy؛ Smith، Doris؛ Vail، James؛ Ernstoff، Alexi S.؛ Fantke، Peter؛ Jolliet، Olivier (2015). "Exploring consumer exposure pathways and patterns of use for chemicals in the environment". Toxicology Reports. ج. 2: 228–237. DOI:10.1016/j.toxrep.2014.12.009. ISSN:2214-7500. PMC:5598258. PMID:28962356. مؤرشف من الأصل في 2022-12-31.
  4. ^ Lucas، Robyn M (2011). "An Epidemiological Perspective of Ultraviolet Exposure—Public Health Concerns". Eye & Contact Lens: Science & Clinical Practice. ج. 37 ع. 4: 168–175. DOI:10.1097/icl.0b013e31821cb0cf. ISSN:1542-2321. PMID:21670693. مؤرشف من الأصل في 2022-12-31.
  5. ^ Landecker، Hannah (2011). "Food as exposure: Nutritional epigenetics and the new metabolism". BioSocieties. ج. 6 ع. 2: 167–194. DOI:10.1057/biosoc.2011.1. ISSN:1745-8552. PMC:3500842. PMID:23227106. مؤرشف من الأصل في 2022-12-31.
  6. ^ Pega، Frank؛ Náfrádi، Bálint؛ Momen، Natalie C.؛ Ujita، Yuka؛ Streicher، Kai N.؛ Prüss-Üstün، Annette M.؛ Descatha، Alexis؛ Driscoll، Tim؛ Fischer، Frida M.؛ Godderis، Lode؛ Kiiver، Hannah M. (2021). "Global, regional, and national burdens of ischemic heart disease and stroke attributable to exposure to long working hours for 194 countries, 2000–2016: A systematic analysis from the WHO/ILO Joint Estimates of the Work-related Burden of Disease and Injury". Environment International. ج. 154: 106595. DOI:10.1016/j.envint.2021.106595. ISSN:0160-4120. PMC:8204267. PMID:34011457. S2CID:234793890. مؤرشف من الأصل في 2023-01-18.
  7. ^ أ ب ت Lioy، Paul J. (2010). "Exposure Science: A View of the Past and Milestones for the Future". Environmental Health Perspectives. ج. 118 ع. 8: 1081–1090. DOI:10.1289/ehp.0901634. PMC:2920079. PMID:20308034.
  8. ^ أ ب Wild، Christopher Paul (2005). "Complementing the Genome with an "Exposome": The Outstanding Challenge of Environmental Exposure Measurement in Molecular Epidemiology". Cancer Epidemiology, Biomarkers & Prevention. ج. 14 ع. 8: 1847–1850. DOI:10.1158/1055-9965.EPI-05-0456. ISSN:1055-9965. PMID:16103423. S2CID:6446979. مؤرشف من الأصل في 2023-03-22.
  9. ^ "Public health and environment". www.who.int (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-03-15. Retrieved 2022-05-13.
  10. ^ أ ب "Exposure Science". National Institute of Environmental Health Sciences (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-01-16. Retrieved 2022-05-13.
  11. ^ Moan, Johan; Grigalavicius, Mantas; Baturaite, Zivile; Dahlback, Arne; Juzeniene, Asta (2015). "The relationship between UV exposure and incidence of skin cancer: UV radiation and skin cancer". Photodermatology, Photoimmunology & Photomedicine (بالإنجليزية). 31 (1): 26–35. DOI:10.1111/phpp.12139. PMID:25213656. S2CID:20010160. Archived from the original on 2022-12-31.
  12. ^ Brown, Alan S. (2012). "Epidemiologic studies of exposure to prenatal infection and risk of schizophrenia and autism". Developmental Neurobiology (بالإنجليزية). 72 (10): 1272–1276. DOI:10.1002/dneu.22024. PMC:3435457. PMID:22488761.
  13. ^ Dolez، Patricia I.؛ Vu-Khanh، Toan (2009). "Recent Developments and Needs in Materials Used for Personal Protective Equipment and Their Testing". International Journal of Occupational Safety and Ergonomics. ج. 15 ع. 4: 347–362. DOI:10.1080/10803548.2009.11076815. ISSN:1080-3548. PMID:20003769. S2CID:26150582. مؤرشف من الأصل في 2022-12-31.
  14. ^ Myers، Mark S.؛ Johnson، Lyndal L.؛ Collier، Tracy K. (2003). "Establishing the Causal Relationship between Polycyclic Aromatic Hydrocarbon (PAH) Exposure and Hepatic Neoplasms and Neoplasia-Related Liver Lesions in English Sole (Pleuronectes vetulus)". Human and Ecological Risk Assessment. ج. 9 ع. 1: 67–94. DOI:10.1080/713609853. ISSN:1080-7039. S2CID:84511463. مؤرشف من الأصل في 2023-01-15.
  15. ^ Farman, J. C.; Gardiner, B. G.; Shanklin, J. D. (1985). "Large losses of total ozone in Antarctica reveal seasonal ClOx/NOx interaction". Nature (بالإنجليزية). 315 (6016): 207–210. DOI:10.1038/315207a0. ISSN:1476-4687. S2CID:4346468. Archived from the original on 2023-03-18.
  16. ^ "What Are the Sources of CFCs?". Sciencing (بالإنجليزية). Archived from the original on 2022-12-31. Retrieved 2022-05-27.
  17. ^ Arrhenius، Svante (1896). "On the Influence of Carbonic Acid in the Air upon the Temperature of the Ground" (PDF). Journal of Science. ج. 41: 237–276. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-12-22. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط غير المعروف |بواسطة= تم تجاهله يقترح استخدام |عبر= (مساعدة)
  18. ^ "Is sea level rising?". oceanservice.noaa.gov (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-01-09. Retrieved 2022-05-27.
  19. ^ Burnett، C. S. F. (1984). "Abraham Wasserstein: Galen's Commentary on the Hippocratic Treatise Airs, Waters, Places in the Hebrew Translation of Solomon ha-Me'ati. (Proceedings of the Israel Academy of Sciences and Humanities, 6. 3.) Pp. 119. Jerusalem: Israel Academy of Sciences and Humanities, 1982. Paper". The Classical Review. ج. 34 ع. 2: 315. DOI:10.1017/S0009840X00104081. ISSN:1464-3561. S2CID:162267457. مؤرشف من الأصل في 2022-12-31.
  20. ^ Snow, John (1855). On the Mode of Communication of Cholera (بالإنجليزية). John Churchill. Archived from the original on 2022-12-31.
  21. ^ Council, National Research; Studies, Division on Earth and Life; Sciences, Commission on Life; Pollutants, Committee on Advances in Assessing Human Exposure to Airborne (1 Feb 1991). Human Exposure Assessment for Airborne Pollutants: Advances and Opportunities (بالإنجليزية). National Academies Press. ISBN:978-0-309-04284-0. Archived from the original on 2022-12-31.
  22. ^ "Home - HELIX | Building the early life exposome". www.projecthelix.eu. مؤرشف من الأصل في 2023-03-11. اطلع عليه بتاريخ 2022-05-27.
  23. ^ National Academies of Sciences, Engineering; Studies, Division on Earth and Life; Toxicology, Board on Environmental Studies and; Evaluations, Committee on Incorporating 21st Century Science into Risk-Based (5 Jan 2017). Advances in Exposure Science (بالإنجليزية). National Academies Press (US). Archived from the original on 2022-12-31.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link)
  24. ^ Wild، Christopher Paul (2012). "The exposome: from concept to utility". International Journal of Epidemiology. ج. 41 ع. 1: 24–32. DOI:10.1093/ije/dyr236. ISSN:0300-5771. PMID:22296988. مؤرشف من الأصل في 2023-03-22.
  25. ^ Rappaport, Stephen M. (2011). "Implications of the exposome for exposure science". Journal of Exposure Science & Environmental Epidemiology (بالإنجليزية). 21 (1): 5–9. DOI:10.1038/jes.2010.50. ISSN:1559-064X. PMID:21081972. S2CID:858966. Archived from the original on 2023-03-20.