الجزائر في عهد الشاذلي: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
JarBot (نقاش | مساهمات)
JarBot (نقاش | مساهمات)
سطر 46:
== أزمة النظام الإنتاجي ==
رغم انجازات السياسة الاقتصادية التي زودت الجزائر بنظام إنتاجي على نسق البلدان شبه الصناعية (نسب نمو سنوية 5ر 7% وسطياً، زيادة 1980 )، فإن - الإنتاج الصناعي بنسبة 1ر 8% سنوياً ما بين 1970 الصعوبات الملازمة لانجاز، ثم لتسيير الوحدات الصناعية (فوائض، ضعف نسب استخدام القدرات الإنتاجية، عدم التحكم بالتقانات المستوردة)، أثارت مشكلات خطيرة. واعتباراً من نهاية السبعينيات، ظهرت العيوب الفاغرة لخطط التنمية المتتالية بإزاحة النقاب عن ثغرات الإستراتيجية المتبناة، ولاسيما تلك التي تعطي الأولوية للصناعة الثقيلة على حساب الزراعة وإنتاج المواد الغذائية. وجعلت نفقات واردات المواد الغذائية ( 2ر 2 مليارملياري دولار سنوياً في عام 1980 ) من الجزائر بلداً تابعاُ بنسبة 60 % من حاجاتهاالغذائية. وقاد هذا الوضع المأزوم إلى نوع من "الاستراحة". ففي شهر حزيران/1984 ) معالجة - يونيو 1980، حاولت الخطة الخمسية الجديدة ( 1980 الاختلالات المتولدة عن الإستراتيجية "التصنيعية".
أذعنت الإستراتيجية الجديدة المعدة في عهد شاذلي بن جديد إلى الاعتراف بالدور الذي لعبه القطاع الخاص. ففي 10 كانون الأول/ ديسمبر1979، أوصى مؤتمر حول استغلال البترول بمشاركة الشركات والبلدان الأجنبية مشاركة متزايدة في جهود البحث. وفي نهاية اجتماع اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني في 2 كانون الثاني/ يناير 1980، صدر ميثاق بخصوص السكن، يشجع على حصول العائلات على الملكية الخاصة. وفي 6 كانون الثاني/ يناير، نُشرت التوجيهات المتبناة بخصوص التنمية. وبما أنها، فقد أوصت - يجب أن تستخدم قاعدة للخطة الخمسية 1980 1984 بخاصة بمراجعة السياسة النفطية وتباطؤ متحرك لسيرورة التصنيع. وبموجب قرار صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 7 أيار/ مايو 1980، فُرط عقد الشركة الوطنية للبحث عن البترول والغاز ونقلهما وتحويلهما وتسويقهما1983، اتخذت عدة - (سوناتراش) إلى أربع منشآت. وفي عام 1982 إجراءات لإنعاش القروض الممنوحة لأصحاب المشروعات الصناعية
والخدمية، كما بالنسبة لمستثمري القطاع الزراعي الخاص، والسماح لأصحاب المنشآت الخاصة باستيراد قطع التبديل بحرية. وسعى المخططون لتنمية بعض القطاعات المهملة حتى ذلك الوقت (السكن أو الصناعات الخفيفة). وشُجعت خصخصة الزراعة. ونجم عن تحرير المعاملات العقارية
سطر 65:
جعل انخفاض الإيرادات الناجمة عن البترول والغاز- 97 % من دخول العملات الصعبة - مع هبوط سعر برميل البترول إلى نحو 15 دولاراً، جعل مشكلات
التمويل عصية على الحل. فقد توجب على الجزائر تسديد ديونها، واستيراد المنتجات الغذائية والصيدلانية، وشراء قطع التبديل وتجهيزات الصناعة.
سادساً - السياسة الخارجية والعلاقات مع فرنسا في مستوى السياسة الخارجية، حافظ شاذلي بن جديد على المحور التقليدي لهذه السياسة الجزائرية في تنقلاته الخارجية: زيارة عدة دول عربية أولاً، ثم رحلة أفريقية طويلة (آذار/ مارس- أيار/ مايو 1981 )، أتاحت له زيارة 11 بلداً أفريقياً من مالي حتى الكونغو. واستمرت الجزائر في جعل قدراتها التنظيمية و"جديتها" مقبولة على المسرح الدولي. ذلك أن "مساعيها الحميدة" في المفاوضات الحساسة ،الحساسة، ما بين شهر تشرين الأول/ أكتوبر1980 - كانون الثاني/ يناير 1981 ، من أجل تحرير الأسرى الأمريكيين الذين تعتقلهم طهران، ومحاولاتها للتوسط في الحرب العراقية الإيرانية، التي توقفت فجأة على إثر الاختفاء المأساوي، لوزير خارجيتها محمد صديق بن يحيى و13 من رفاقه (منهم عدة مدراء من وزارته) نتيجة حادث طائرة، برهنت على سلطان الجزائر في المستوى الدبلوماسي. وبعد وفاة بن يحيى حل محله وزير للشؤون الخارجية أحمد طالب الابراهيمي. لكن في بداية الثمانينيات، بدت الجزائر مترددة بين النهوض بإرثها الجيوسياسي الطموح أو الانسحاب من اللعبة في إطار الفوضى الاقتصادية العالمية. ومع احتفاظها بمفرداتها في المشروع العالم ثالثي، انتقلت الجزائر إلى سياسة "واقعية" حين سمعت بأولى تصدعات الإمبراطورية السوفييتية (المعتبرة حليفة "طبيعية" للعالم العربي). فحاولت إقامة علاقات اقتصادية وتقانية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان غربية أخرى. وتشير تجربة التفاوضمع فرنسا إلى إرادة الانتقال إلى سياسة أكثر واقعية. ففي بداية الثمانينات، تركزت النزاعات بين الجزائر وفرنسا حول ثلاث نقاط. الهجرة أولاً. فقد رأت الجزائر أنه لا يمكن إعادة 820 ألف جزائري (منهم 360 ألف عامل) مهاجر في فرنسا إلى بلادهم "مثل الحزم". ثم مشكلة المهاجرين الجزائريين من الجيل الثاني). فوفقاً للقانون ) "les beurs "البور الفرنسي يعد أبناء الجزائريين المولودين في فرنسا فرنسيين. لكن هل هم كذلك حقا. تقول السلطات الجزائرية التي تعتبرهم "جزائريين"؟ حينئذ يتعلق الأمر ب 160 ألف شاب، أخيراً، ملف الضمان الاجتماعي. فمنذ عام1965 ، طالبت الجزائر فرنسا، في هذا الموضوع، بمليار فرنك فرنسي. ورفضت فرنسا الاعتراف بهذا الرقم. وتحسنت العلاقات بين البلدين بعد وصول [[فرنسوا ميتران|فرانسوا ميتران]] إلى رئاسة الجمهورية في فرنسا. ففي 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1981 ، خلال زيارته للجزائر، اقترح ميتران أن تكون العلاقات الفرنسية الجزائرية" مثالاً للعلاقات الجديدة بين الشمال والجنوب". وفي 3 شباط/ فبراير 1982 ، جاء توقيع اتفاقية الغاز. وحصل وزير الطاقة بلقاسم نابي على "ربط سعر الغاز الجزائري بسعر البترول الخام".
بالنسبة لفرنسا، الجزائر هي الدولة الجزائرية، وفيها بعض المحاورين المتميزين. وتبقى البلد "مستودعاً" مهماً، شريكاً اقتصادياً، مع الغاز والبترول.
قاد هذا الارتباط البدهي بالدولة، المستندة إلى جيش وحزب وحيد، إلى رفض امتحان قوى أخرى: حركات اجتماعية أو سياسية أخرى. وقد ظهر هذا الموقف الفرنسي بخاصة لدى اغتيال، المعارض الجزائري، عضو جبهة. القوى الاشتراكية، على ميسيلي، في باريس بتاريخ 7 نيسان/ أبريل 1987 فقد سلمت السلطات الفرنسية القاتل المفترض اميلو إلى الجزائر، تعبيراً عن إرادتها دفن "قضية ميسيلي" لكي لا تعرض العلاقات بين الدولتين للخطر.
سطر 85:
 
== حراكات مجتمعية وجموديات نظام ==
بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على الاستقلال، تغير المشهد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الجزائر تغيراً جذرياً. فقد ظهرت عدة مجمعات صناعية كبرى حديثة في [[سكيكدة]]، و[[عنابة|عنابه]] و[[أرزيو|ارزيو]]. وأصبحت الجزائر تمتلك مجمع حديد في الحجار، ومصافي بترول، ومصانع أسمدة وإسالة الغاز الطبيعي. وارتفع عدد الوظائف بأجر من 700 ألف في عام. 1963 حتى 3ر 2 مليونمليوني وظيفة في عام 1981 وانتقل مركز الجاذبية في الجزائر من الأرياف إلى المدن. فعدد السكان الذي تضاعف، تحضر بقوة ( 30 % في بداية الستينيات، ارتفعت نسبة الحضر.( حتى نحو 50 % من السكان في عام 1988 وتشهد مواصلة الهجرة نحو أوروبا، وانتقال السكان إلى المدينة، وحركة شباب الأرياف نحو العمل بأجر، تشهد على حركية المجتمع الجزائري الفائقة للعادة. ليس هذا الانقلاب جغرافياً فحسب، بل هو أيضاً اجتماعي وثقافي، فسرعان ما تعّلم ملايين الجزائريين حياة الحضر، واكتشفوا أنماطاً استهلاكية. وأثار التحضر المفاجئ "أزمة مدن". ففي عام 1982 ، كان الوضع في مستوى السكن وضعاً مأساوياً، لأنه قد يجب بناء مليون شقة سكنية في عشر سنوات لتقليص الفاقة إلى مستواها في عام 1973 . وأصبحت صارخة عدم كفاية التجهيزات المائية، وترجمت بترشيد الماء في معظم التجمعات السكنية الكبرى. وكبحت أزمة السكن سيرورة استقلال العائلة
النووية، في الوقت الذي تتفكك فيه الأسرة الواسعة. من الآن فصاعداً، أصبح الأُجراء الجدد يجندون من بين جمهور الشباب الواسع، ومعظمهم من أبناء المدن. ومع أنهم أكثر تعليماً من آبائهم، فليست لديهم ذاكرة اجتماعية وسياسية. ولم يعرفوا شروط العمل القاسية للعصر الاستعماري وسنوات الاستقلال الأولى. فقد شبوا في مجتمع حيث الخطاب المسيطر هو خطاب التزام الدولة بتوفير متطلبات العيش الرغيد. لكن في عقد الثمانينيات/ التسعينيات، أصبحت الدولة عاجزة أكثر من أي وقت مضى عن الوفاء بوعودها بالوصول إلى أكبر عدد من الموادالاستهلاكية، وأوقات الفراغ والتعليم والعمل المستقر والأجر الجيد. والحالة هذه، كما كتب عالم الاجتماع عبد القادر جيغلول: إن قوة شعبوية السلطة السياسية الجزائرية ، حتى بداية الثمانينيات، تكمن بلا منازع في واقع أنها لم تكن أيديولوجية، خطاب شرعنة ذاتية فحسب، بل أيضاً مجموعة ممارسات واقعية لدمج أغلبية الشعب الجزائري في دوائر العمل بأجر في المدينة".
وفي نهاية السبعينيات، زاد عدد العاطلين عن العمل بسرعة أكبر وبخاصة بين الشباب. ففي عام 1985 ، أصبح نحو 72 % من الناشطين اقتصادياً الباحثين عن العمل تقل أعمارهم عن 25 سنة. ومع بروز أزمة البطالة والسكن والتعليم ازداد نوع من خيبة الأمل بالنموذج الأيديولوجي، ولاسيما التصنيعي، الذي كان أساس شرعنة السلطة والإجماع الوطني في المرحلة السابقة. واصطدمت رغبة الاستهلاك بالتقشف. وأخذت الجزائر تبحث عن نفسها بين الهياكل القديمة التي تنفجر (نموذج عائلي، اجتماعي)، والجديدة التي لم تقنن بعد. ونما "تدبر الأمور" والفردية. ولم تعد تعبئة الريع القادم من البترول والغاز تكفي لتمويل برامج استثمارات عامة ضخمة في الصناعة والخدمات. يضاف إلى ذلك الجموديات المؤسساتية والسياسية. فنظام الحزب الوحيد، القائم على الزبائنية يكبح كل طيف لاستقلال العاملين، ويحول دون تبديل الأجيال السياسية.