تاريخ اليهود في الحرب العالمية الثانية

يرادف تاريخ اليهود في الحرب العالمية الثانية جرائم اضطهاد وإبادة اليهود التي جرت على نطاق غير مسبوق في أوروبا وشمال أفريقيا الأوروبية (شمال أفريقيا الفاشية النازية وليبيا الإيطالية). أثرت الهولوكوست التي حدثت خلال الحرب العالمية الثانية كثيرًا على الشعب اليهودي والرأي العام العالمي الذي لم يفهم أبعاد «الحل الأخير» المتمثل بقتل جميع اليهود إلا بعد انتهاء الحرب. هدفت الإبادة الجماعية، التي سميت أيضًا «HaShoah هشواه» في اللغة العبرية، إلى إنهاء الوجود اليهودي في القارة الأوروبية.

نظمت ألمانيا النازية عملية الهولوكوست على نطاق واسع، ليُقتل فيها ما يقارب 6 ملايين يهودي بشكل ممنهج وقسوة مرعبة. رغم أن المستويات العليا من حكومة ألمانيا النازية أشرفت على الهولوكوست، كانت الأغلبية العظمى من اليهود المقتولين غير ألمانيين، بل مقيمين في بلدان احتلها النازيون بعد عام 1938، إذ من بين نحو 6 ملايين يهودي قتله النازيون، كان 160,000 إلى 180,000 فقط ألمانيين.[1]

خلال محرقة الهولوكوست في بولندا المحتلة، قُتل أكثر من مليون يهودي في غرف الغاز في معسكر أوشفيتز بيركينو وحده. أثر قتل اليهود في أوروبا على المجتمعات اليهودية في ألبانيا والنمسا وبيلاروسيا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وجزر القنال وكرواتيا والتشيك وإستونيا وفرنسا وألمانيا واليونان والمجر وإيطاليا ولاتفيا وليبيا وليتوانيا ولوكسمبورغ ومقدونيا ومولدوفا وهولندا والنرويج وبولندا ورومانيا وروسيا وصربيا وسلوفاكيا وأوكرانيا.[2]

بحلول الحرب العالمية الثانية، تدهورت أغلب أعمال اليهود التجارية في ألمانيا النازية تحت الضغط المالي، وتقلصت أرباحها أو أُجبرت على البيع للحكومة النازية تطبيقًا لسياسة التفوق العرقي (الآرية) التي بدأت عام 1937. مع بدء الحرب، حدثت مذبحة اليهود في سياق عملية تانينبرغ ضد الأمة البولندية. بدأ القتل اليهودي الجماعي الممنهج الأكبر مع بداية عملية بارباروسا عام 1941. قاد الأينزاتسغروبن وكتائب شرطة النظام عملية تدمير اليهود الأوروبيين مع مساهمة فعالة من فرق الحراسة التي تشمل الشرطة المساعدة البيلاروسية والإستونية والليتوانية والأوكرانية.[2]

تاريخ عدل

يظهر الجدول التالي من الوكالة الفيدرالية للتربية المدنية (ألمانيا) النسب المئوية لإبادة الشعب اليهودي في أوروبا (قبل الحرب) وفق البلد:[3]
البلد تعداد اليهود

المقدر قبل الحرب

عدد القتلى

المقدر

النسبة المئوية

المقتولة

بولندا 3,400,000 3,000,000 88.25%
الاتحاد السوفيتي (عدا دول البلطيق) 3,000,000 1,000,000 33.3%
رومانيا 757,000 287,000 38%
المجر 445,000 270,000 60.7%
تشيكوسلوفاكيا 357,000 260,000 73%
ألمانيا 500,000 165,000 33%
ليتوانيا 150,000 145,000 96.7%
هولندا 140,000 102,000 72.9%
فرنسا 300,000 76,000 25.33%
لاتفيا 93,500 70,000 74.9%
النمسا 206,000 65,000 31.5%
يوغوسلافيا 68,500 60,000 87.6%
اليونان 70,000 58,800 84%
بلجيكا 90,000 25,000 27.8%
إيطاليا 46,000 7,500 16.3%
لوكسمبورغ 3,600 1,200 33.3%
إستونيا 4,300 1,000 23%
النرويج 1,800 758 42.1%
بلغاريا 48,400 142 0.3%
الدنمارك 7,800 116 1.49%
ألبانيا 200 100 50%
فنلندا 2,200 7 0.32%
المجموع 9,689,500 5,594,623 57.74%

بدأت المذبحة الأولى (البوغروم) في ألمانيا النازية قبل انطلاق الحرب العالمية الثانية تحت اسم ليلة البلور Kristallnacht، التي يُطلق عليها غالبًا ليلة المذبحة، أو ليلة الزجاج المكسور، «إذ نُهبت منازل اليهود في مدن ألمانية عديدة مع أكثر من 11,000 متجر وبلدة وقرية يهودية،[4] ودمر المدنيون وكتيبة العاصفة الأبنية بالمرازب لتمتلئ الشوارع بحطام النوافذ، وهذا أصل تسميتها ليلة الزجاج المكسور». حدثت أعمال الشغب الأساسية في 9 و 10 نوفمبر عام 1938. ضُرب اليهود حتى الموت، وأُخذ 30,000 رجل يهودي إلى معسكرات الاعتقال، ونُهب 1,668 كنيس يهودي وحُرق 267 منها. بعد انطلاق عملية بارباروسا في 22 يونيو عام 1941 في مدينة لفيف في المقاطعة المحتلة التابعة للحكومة العامة، نظم القوميون الأوكرانيون مذابح ضخمة في يوليو 1941 قُتل فيها نحو 6,000 يهودي.[5][6]

في ليتوانيا، انخرطت جماعات متشددة محلية في مذابح اليهود في 25 و26 يوليو عام 1941 حول مدينة كاوناس حتى قبل وصول القوى النازية، إذ قتلوا 3,800 يهودي وأحرقوا متاجر اليهود وكنسهم.[7] ربما تكون مذبحة ياش في رومانيا الحادثة الأكثر دموية خلال حقبة الهولوكوست، إذ قتل فيها مواطنون ورجال شرطة ومسؤولون عسكريون رومانيون عددًا ضخمًا يقارب 14,000 يهودي.

بحلول ديسمبر 1941، قرر أدولف هتلر إبادة جميع اليهود الأوروبيين،[8] وخلال مؤتمر وانسيي في يناير من عام 1942 ناقش قادة نازيون تفاصيل «الحل الأخير لمسألة اليهود» (Endlösung der Judenfrage). حث الدكتور يوزف بوهلر راينهارد هايدريش على دعم مشروع «الحل الأخير» في الحكومة العامة. بدأ النازيون بالطرد الممنهج للسكان اليهود من الأحياء اليهودية وجميع الأراضي المحتلة إلى سبع معسكرات صممت لتكون معسكرات إبادة Vernichtungslager، وهي معسكر أوشفيتز بيركينو وبيلزك وخيلمنو ومايدانيك وسوبيبور وتريبلينكا. نشر سباستيان هافنر تحليلًا عام 1978 يقول فيه إن هتلر تقبل فشله في تحقيق مسعاه في الهيمنة على أوروبا للأبد بعد إعلان الحرب ضد الولايات المتحدة في ديسمبر 1941، لكن انسحابه وهدوءه الظاهري كان بسبب وصوله إلى هدفه الثاني، وهو إبادة اليهود.

رغم تعثر آلة الحرب النازية الألمانية في السنوات الأخيرة من الحرب، استمرت ألمانيا النازية في تحويل الموارد العسكرية الثمينة مثل الوقود ووسائل النقل والذخائر والجنود والموارد الصناعية بعيدًا عن مواقع الحرب إلى معسكرات الموت. مع نهاية الحرب، قُتل ما يزيد عن نصف السكان اليهود في أوروبا في محرقة الهولوكوست. في بولندا مقر أكبر مجتمع يهودي في أوروبا قبل الحرب، أُبادت النازية ما يزيد عن 90% من اليهود، أي أكثر من 3,000,000 يهودي. خسرت اليونان ويوغوسلافيا وليتوانيا وتشيكوسلوفاكيا وهولندا ولاتفيا أكثر من 70% من سكانها اليهود.[2]

خسرت المجر وألبانيا نحو نصف سكانها اليهود، وخسر الاتحاد السوفييتي وألمانيا وأستريا أكثر من ثلثهم، وشهدت بلجيكا وفرنسا مقتل ربع شعبهم اليهودي.

أصبحت إسبانيا خلال الحرب ملاذًا غير متوقع لآلاف اليهود الذين ينتمي أغلبهم إلى غرب أوروبا وحاولوا النجاة من الترحيل إلى معسكرات الاعتقال من فرنسا المحتلة، لكن انضم إليهم يهود سفارديم أيضًا من شرق أوروبا وخاصةً المجر. يشير ترودي أليكسي إلى «لا منطقية» و «مفارقة هرب اللاجئين من الحل الأخير للنازية لطلب اللجوء في بلاد لم يُسمح لليهود فيها بالعيش بانفتاح لأكثر من أربعة قرون».[9]

اليهود في قوات التحالف عدل

خدم 1.5 مليون يهودي تقريبًا في قوات التحالف النظامية خلال الحرب العالمية الثانية.[10]

خدم 550,000 يهودي في فصائل متنوعة من القوات المسلحة الأمريكية، وتلقى ما يقارب 52,000 منهم جوائز عسكرية.[11] خدم 500,000 آخرون في الجيش الأحمر، أُشيد بأكثر من 160,000 منهم، وحصل أكثر من 150 على وسام بطل الاتحاد السوفيتي. خدم نحو 100,000 يهودي في الجيش البولندي خلال الاحتلال الألماني، وانضم آلاف إلى القوات المسلحة البولندية الحرة (القوات المسلحة البولندية في الغرب)، منهم 10,000 في جيش ولاديسالو أندرس (القوات المسلحة البولندية في الشرق). خدم أكثر من 60,000 يهودي في القوات المسلحة البريطانية (باستثناء الكوادر السيادية أو الاستعمارية) منهم 14,000 في سلاح الجو الملكي و15,000 في البحرية الملكية.

خدم نحو 30,000 يهودي من الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت الانتداب البريطاني في الجيش البريطاني، منهم 5,500 انضموا إلى اللواء اليهودي، وهو تشكيل عسكري يتألف من الجنود اليهود القادمين من فلسطين بقيادة ضباط يهود بريطانيين.[12][13][14] خدم نحو 17,000 يهودي كندي في القوت المسلحة الكندية.[15]

قاتل أنصار الشعب اليهودي في أنحاء أوروبا المحتلة وانتظموا في مجموعات مثل مجموعة أنصار بيلسكي ومنظمة الأنصار المتحدة وأنصار باركزو. شارك مقاتلو المقاومة اليهودية في انتفاضة غيتو وارسو.

انظر أيضًا عدل

مراجع عدل

  1. ^ "GERMAN JEWS DURING THE HOLOCAUST". Holocaust Encyclopedia. مؤرشف من الأصل في 2021-01-26.
  2. ^ أ ب ت Lucy S. Dawidowicz (1976). A Holocaust Reader. Behrman House. p. 381 (table), 92–94. ISBN:0874412366. مؤرشف من الأصل في 2021-03-02.
  3. ^ "Unter der NS-Herrschaft ermordete Juden nach Land." / "Jews by country murdered under Nazi rule." Bundeszentrale für politische Bildung / Federal Agency for Civic Education (Germany), April 29th 2018 نسخة محفوظة 2 فبراير 2021 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ Gilbert, Martin. Kristallnacht: Prelude to Destruction. Harper Collins, 2006, p. 30.
  5. ^ Longerich، Peter (2010). Holocaust: The Nazi Persecution and Murder of the Jews. Oxford; New York: Oxford University Press. ص. 194. ISBN:978-0-19-280436-5. مؤرشف من الأصل في 2020-08-05.
  6. ^ USHMM. "Lwów". Holocaust Encyclopedia. United States Holocaust Memorial Museum. مؤرشف من الأصل في 2012-03-07. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-04.{{استشهاد بموسوعة}}: صيانة الاستشهاد: مسار غير صالح (link)
  7. ^ MacQueen، Michael (1998). "Nazi Policy towards the Jews in the Reichskommissariat Ostland, June–December 1941: From White Terror to Holocaust in Lithuania". في Gitelman، Zvi (المحرر). Bitter Legacy: Confronting the Holocaust in the USSR. Indiana University Press. ص. 97. ISBN:0-253-33359-8.
  8. ^ Bauer، Yehuda (2000). Rethinking the Holocaust. Yale University Press. ص. 5. ISBN:0300093004. مؤرشف من الأصل في 2021-03-02.
  9. ^ Trudy Alexy, The Mezuzah in the Madonna's Foot, Simon & Schuster, 1993. (ردمك 0-671-77816-1). p. 74.
  10. ^ "Jewish Soldiers in the Allied Armies". Yad Vashem. نسخة محفوظة 2017-09-23 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ Hartwick، Sharon (24 ديسمبر 2003) [Dec 24–30]. "Ours to Fight For: American Jews in the Second World War". The Villager. ج. 73 ع. 34. مؤرشف من الأصل في 2016-10-07. اطلع عليه بتاريخ 2010-11-28.
  12. ^ The Hebrew Impact on Western Civilization, Dagobert D. Runes
  13. ^ Noah Klieger (11 September 2006), Army was Polish, soldiers were Jews. Exhibition set to open next week salutes anonymous Jewish fighters who fought with Poland’s armies. نسخة محفوظة 2021-02-11 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ Yad Vashem, The Holocaust: Combat and Resistance. Jewish Soldiers in the Allied Armies. نسخة محفوظة 26 يناير 2021 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ Jewish Canadian service in the Second World War نسخة محفوظة 8 فبراير 2021 على موقع واي باك مشين.