النفايات الإلكترونية في الصين

تعد النفايات الإلكترونية مشكلةً بيئية خطيرة في الصين. الصين هي أكبر مستورد للنفايات الإلكترونية وهي موطن لمعظم أكبر مكبات النفايات في العالم.[1] أدى النمو الاقتصادي السريع، إلى جانب الطلب العالمي المتزايد على الإلكترونيات إلى زيادة كبيرة في كمية النفايات الإلكترونية التي يجري التخلص منها. ينتهي المطاف بما يقارب 70% من هذه النفايات الإلكترونية العالمية في الصين.[2]

تسبب قطاع التخلص من النفايات الإلكترونية في مخاطر بيئية وصحية من خلال إطلاق الملوثات السامة،[3] على الرغم من كونه المسؤول عن العديد من الوظائف في المناطق الريفية في جنوب شرق الصين. تنشأ معظم هذه المخاطر من حقيقة أن 60% من النفايات الإلكترونية تُعالج في مراكز إعادة التدوير غير الرسمية، عن طريق العمالة اليدوية غير الماهرة وغير المجهزة.[4]

تُعالج هذه النفايات الإلكترونية غالبًا من خلال ممارسات بسيطة غير رسمية، ما يتسبب بأضرارٍ بيئية خطيرة ومخاطر صحية دائمة في المناطق المحيطة بمواقع التخلص.[4] في حين اتخذت الحكومة الصينية والمجتمع الدولي إجراءات لتنظيم إدارة النفايات الإلكترونية، كان التطبيق غير الفعال عقبة أمام تخفيف عواقب النفايات الإلكترونية.

معالجة النفايات الإلكترونية عدل

المصادر عدل

تتلقى الصين التلوث من طرفي سلسلة التوريد: أثناء عملية الإنتاج ومن خلال السماح بإعادة تدوير النفايات الإلكترونية وإلقائها في البلاد.[5] استوردت الصين كميات كبيرة من النفايات الإلكترونية الأجنبية، ومعظمها من العالم الغربي المتقدم، منذ سبعينيات القرن العشرين. اجتذبت العمالة الرخيصة والمعايير البيئية المتساهلة النفايات الإلكترونية من البلدان المتقدمة والتي يمكن أن توفر الكثير من تكلفة معالجة النفايات محليًا.[1] كانت الصين بحلول عام 2000 أكبر مستوردٍ للنفايات الإلكترونية في العالم. يستمر تهريب الكثير من النفايات الإلكترونية في العالم عبر قنواتٍ غير قانونية، غالبًا عبر هونغ كونغ أو جنوب شرق آسيا، على الرغم من قيام الحكومة الصينية بفرض حظر على استيراد النفايات في عام 2002.[6]

أظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) عام 2013 لفحص تجارة النفايات الإلكترونية، ارتباط معظم النفايات الإلكترونية الناشئة في البلدان المتقدمة، مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا وبلدان مختلفة في الاتحاد الأوروبي، بشكل غير قانوني بالدول النامية، بما في ذلك الصين.[7] ضبطت السلطات الصينية وفقًا للدراسة 976500 طن من النفايات غير القانونية، بما في ذلك النفايات الإلكترونية، في عام 2013، وأوقفت السلطات الصينية في العام نفسه 211 حالة تهريب نفايات.

تعتبر مساهمة الصين المحلية من النفايات الإلكترونية كبيرة أيضًا. كانت الصين في عام 2012 ثاني أكبر منتج للنفايات الإلكترونية في العالم، حيث أنتجت 229.66 مليون مجموعة، مقارنة بالتي أُنتجت في عام 2001 والتي بلغت 32.99 مليون مجموعة.[8] تعد الصين الآن ثاني أكبر منتج للنفايات الإلكترونية في العالم بعد الولايات المتحدة، إذ تنتج ما يصل إلى 6.1 مليون طن سنويًا.[1] من المتوقع أن يستمر ازدياد هذه الكمية مع التطور الاقتصادي، والابتكار التقني، والتحضر في الصين، إذ يُنتج المزيد من الإلكترونيات التي تُستهلك ويجري التخلص منها.[9]

المصادر الرئيسية للنفايات الإلكترونية التي تُعالج في الصين هي المنازل والمؤسسات المحلية، مثل المدارس والمستشفيات والوكالات والشركات الحكومية والشركات المصنعة للمعدات.[8]

تُوّجه هذه النفايات الإلكترونية من خلال: أسواق البضائع المستعملة حيث يمكن إعادة بيع الأجهزة القابلة لإعادة الاستخدام بأسعارٍ معقولة، وأنظمة التبرع (غير القانونية) التي ترسل الأجهزة المنزلية المستعملة إلى المناطق الريفية الأكثر فقراً في غرب الصين، أو من خلال الباعة المتجولين الذين يعيدون بيع النفايات الإلكترونية للتجار.[8] القناة الثالثة هي الشكل الأكثر شيوعًا لإدارة النفايات الإلكترونية في الصين، ما يخلق قطاعًا غير رسمي هائل.

المعالجة عدل

تُرسل معظم هذه النفايات الإلكترونية إلى مواقع إعادة التدوير من أجل استخراج المعادن الثمينة والمواد العضوية، ليُعاد بيعها مقابل قيمة اقتصادية. الشكل الأكثر شيوعًا لمعالجة النفايات الإلكترونية المستخدمة في الصين هو «الطريقة الفيزيائية/ الميكانيكية» التي تفصل بين العناصر المختلفة في كل جهاز إلكتروني من خلال التفكيك اليدوي والفصل الكيميائي.

ينطوي ذلك على ممارسات أولية غالبًا، مثل تسخين لوحات الدوائر، وقطع الكابلات والأسلاك، وتقطيع البلاستيك وصهره، واستخراج المعادن الثمينة من خلال الغسل الحمضي والترميد.[8] تؤدي هذه العمليات، مثل الغسل الحمضي القوي والحرق المفتوح للمواد الثقيلة، إلى إطلاق معادن سامة وملوثات.[9]

القطاع غير الرسمي عدل

يُعاد تدوير النفايات الإلكترونية في الصين بشكل غير قانوني ضمن القطاع غير الرسمي. أُنشئ القطاع غير الرسمي من نظام من ورشات العمل صغيرة الحجم التي غالبًا ما تديرها الأُسر وقطاعات إعادة التدوير «الخلفية».[10] يُدار بشكل عام من قبل الباعة المتجولين الذين يسافرون من منزل إلى آخر مقدمين رسومًا هامشية للتخلص من الأجهزة المتقادمة. يقوم هؤلاء الباعة المتجولون بإعادة بيع هذه الأجهزة إلى تجار النفايات الإلكترونية. تتكون طريقة إعادة التدوير غير الرسمية بشكل رئيسي من العمالة اليدوية غير الماهرة وهي نقّالة بطبيعتها. تحدث عمليات إعادة التدوير غير الرسمية بشكل شائع أيضًا في مناطق الضواحي حيث يُفتقر إلى التطبيق والمراقبة الفعالين.[8]

أحد الشواغل الرئيسية حول القطاع غير الرسمي هو أن معظم الباعة المتجولين والتجار يفتقرون إلى المعرفة والوصول إلى المعدات والتقنيات المناسبة، من أجل تخلص آمن من النفايات الإلكترونية.[8] قاست الدراسات مخاطر صحية محتملة من المعادن الثقيلة بنسبةٍ أعلى في مواقع إعادة تدوير النفايات الإلكترونية غير الرسمية، مقارنةً بمواقع إعادة التدوير الرسمية، مثل تلك التي تعمل في جيانغسو وشنغهاي،[9] وهي مع ذلك سوق مربحة للغاية في الصين بفضل انخفاض الأجور، وارتفاع الطلب على الإلكترونيات المستعملة، وقطع الغيار والمواد المستخدمة.[11]

ما يزال القطاع غير الرسمي يهيمن على نظام جمع النفايات الإلكترونية، على الرغم من الجهود المركزية للتخفيف من هذه المخاطر من خلال إضفاء الطابع الرسمي على قطاع إدارة النفايات الإلكترونية.

الآثار الصحية والبيئية عدل

تفتقر معظم مواقع إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في الصين إلى التسهيلات المناسبة لحماية البيئة والصحة البشرية،[12] وينتج عن ذلك تسرب كميات هائلة من المواد الكيميائية السامة، مثل الزئبق والرصاص والكادميوم.[9] تكون المخلفات الإلكترونية دون الأساليب المناسبة واحتياطات السلامة الضرورية، مسؤولة بشكل مباشر عن تدهور الصحة والبيئة في نقاط المخلفات الإلكترونية الساخنة في الصين.[13]

يواجه السكان في مواقع إعادة تدوير النفايات الإلكترونية الرئيسية امتصاصًا يوميًا محتملًا أعلى من المعادن الثقيلة. يتعرض السكان لمخلفات النفايات الإلكترونية الخطرة من خلال الاستنشاق من الهواء، والمدخول الغذائي، وابتلاع التربة/ الغبار، وملامسة الجلد.[9] أدى ذلك إلى مخاطر صحية خطيرة للناس في هذه المناطق. وجدت الدراسات أيضًا وجود تلوث أكبر في التربة والمياه الجوفية في مواقع معالجة النفايات الإلكترونية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الإصابة بالسرطان.[8] تزايد الاهتمام الخاص بالأطفال، إذ قيست المخاطر الصحية المحتملة لديهم وكانت ثمانية أضعاف تلك التي يتعرض لها عمّال النفايات الإلكترونية الكبار بسبب صغر حجمهم ومعدل امتصاصهم الأعلى.[9]

انظر أيضًا عدل

مراجع عدل

  1. ^ أ ب ت Siu، Tyrone (6 يوليو 2015). "World's largest electronics waste dump in China". news.trust.org. Thomson Reuters Foundation. مؤرشف من الأصل في 2018-02-12.
  2. ^ "70% of annual global e-waste dumped in China". CRI. 24 مايو 2012. مؤرشف من الأصل في 2018-09-06.
  3. ^ Moxley، Mitch (21 يوليو 2011). "E-Waste Hits China | Inter Press Service". www.ipsnews.net. مؤرشف من الأصل في 2018-09-17.
  4. ^ أ ب Martin، Eugster؛ Hongjun، Fu (18 أغسطس 2004). e-Waste Assessment in P.R. China (PDF). Swiss Federal Laboratories for Materials Science and Technology. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2013-06-11.[بحاجة لرقم الصفحة]
  5. ^ "Dirty Secrets". ABC News. 26 أكتوبر 2010. مؤرشف من الأصل في 2017-09-13.
  6. ^ Ni، Hong-Gang؛ Zeng، Eddy Y. (1 يونيو 2009). "Law Enforcement and Global Collaboration are the Keys to Containing E-Waste Tsunami in China". Environmental Science & Technology. ج. 43 ع. 11: 3991–3994. Bibcode:2009EnST...43.3991N. DOI:10.1021/es802725m. ISSN:0013-936X. PMID:19569320.
  7. ^ "Waste Crime - Waste Risks | OECD READ edition". OECD iLibrary (بالإنجليزية). Archived from the original on 2017-12-11. Retrieved 2017-12-05.
  8. ^ أ ب ت ث ج ح خ Lu, Chenyu; Zhang, Lin; Zhong, Yongguang; Ren, Wanxia; Tobias, Mario; Mu, Zhilin; Ma, Zhixiao; Geng, Yong; Xue, Bing (29 Apr 2014). "An overview of e-waste management in China". Journal of Material Cycles and Waste Management (بالإنجليزية). 17 (1): 1–12. DOI:10.1007/s10163-014-0256-8. ISSN:1438-4957.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح Song، Qingbin؛ Li، Jinhui (1 يناير 2015). "A review on human health consequences of metals exposure to e-waste in China". Environmental Pollution. ج. 196: 450–461. DOI:10.1016/j.envpol.2014.11.004. PMID:25468213.
  10. ^ Cao، Jian؛ Lu، Bo؛ Chen، Yangyang؛ Zhang، Xuemei؛ Zhai، Guangshu؛ Zhou، Gengui؛ Jiang، Boxin؛ Schnoor، Jerald L. (1 سبتمبر 2016). "Extended producer responsibility system in China improves e-waste recycling: Government policies, enterprise, and public awareness". Renewable and Sustainable Energy Reviews. ج. 62: 882–894. DOI:10.1016/j.rser.2016.04.078.
  11. ^ Yu، Jinglei؛ Williams، Eric؛ Ju، Meiting؛ Shao، Chaofeng (2010). "Managing e-waste in China: Policies, pilot projects and alternative approaches". Resources, Conservation and Recycling. ج. 54 ع. 11: 991–9. DOI:10.1016/j.resconrec.2010.02.006.
  12. ^ Greenpeace (مارس 2004). "Key findings from Taizhou Field Investigation" (PDF). Basel Action Network. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2015-09-10.
  13. ^ Chi، Xinwen؛ Streicher-Porte، Martin؛ Wang، Mark Y.L.؛ Reuter، Markus A. (2011). "Informal electronic waste recycling: A sector review with special focus on China". Waste Management. ج. 31 ع. 4: 731–42. DOI:10.1016/j.wasman.2010.11.006. PMID:21147524.