تفلسف

(بالتحويل من التفلسف)

التفلسف هو فعل قد يعتبره البعض غامضا : لكن عند الفحص و التدقيق ، يمكن القول أنه يشير الى التفكر في الاسباب من خلال مفاهيم عامة  حول العالم ، و هو نتاج   لحب المعرفة بالمعنى الاشتقاقي للكلمة  ، كما يمكن أن يطلق على فن العيش بشكل أفضل ، و من ثم فهو تمثل من نوع تأملي   (معرفة خالصة) أو  ممارسة أكثر التزاما : تهدف إلى حياة أكثر إنسانية ، و من هنا فممارسة التفلسف تربط بالفعل الأخلاقي والسياسي ، و أيضا بوسائلنا  من أجل  المعرفة   .

كيف يمكن أن يكون هذا خاصا بالممارسة الفلسفية ؟ و هل يمكن أن نعتبر أن تمثل الفيلسوف للعالم من خلال فعل التأمل مغاير لتمثلات الاخرين ؟ من هنا ينبثق سؤالان  فلسفيان يمكن اعتبارهما بمثابة موجه و محدد :

  • لماذا تتفلسف؟
  • كيف تتفلسف؟

تحليل التعابير الشائعة

الفيلسوف لرامبرانت

الكلمات "فلسفة»،«فيلسوف»،«و تفلسف» لديها معانٍ عدة، و هذه المعاني تفهم من خلال السياق ،و هذا السياق يعرف من خلال ما يقوم به الشخص المتكلم أو المتكلم عنه ،أو من خلال موضوع حديثنا ، أو العمل الذي نلتزم به ،و على سيبل المثال :

  • يقال شخص عاش تجربة بنفس فلسفي ، كما يقال شخص فيسلوف ، ينبغي أخذ الأمور بمنظور فلسفي إلخ هنا المفهوم مرادف لنوع من التروي و التحكم في الذات ، و الثبات عموما .
  • لكن من جهة أخرى نقول عن شخص : أنه فيلسوف : عندما تكون له آراء يطبعها نوع من التفكير النقدي ، و من خلال القدرة على التفكير الذاتي ؛
  • يعبر عن معنى : عمل من انجاز فلسفة معينة ، أو رؤية ( أخلاقية ، علمية ، تاريخية ، .إلخ ) للعالم ؛
  • فلسفة فيلسوف : مثلا من خلال : مذهبه و نظام تفكيره المتماسك .؛
  • درس الفلسفة : يعني  الفلسفة من حيث كونها : مادة للتدريس ، و التي يتحدد مقررها من خلال برنامج تعليمي محدد

دراسة المفاهيم و أقسام الفلسفة عدل

هل نتعلم الفلسفة أم نتفلسف؟ عدل

ماهي الممارسة الفلسفية ؟ربما لا تتماشى التعابير الشائعة دائما مع المعنى الصحيح لفعل التفلسف ، لكن يمكن التوصل الى المعنى الصحيح على سبيل المثال من خلال : موضوع من المواضيع التي تعالجها مادة "الفلسفة " ، و هذه المواضيع متعددة مثل الانسان والعالم ووسائل المعرفة ،و الفعل الأخلاقي و السياسي ،  هذه المواضيع التي تمثل مجالا للتفكير تشترك في أنها تقتضي معالجة العديد من الأفكار و التصورات  و المفاهيم معالجة ليست اعتباطية ، و من المتوقع إذن أن الفلسفة يمكن عدها نحوا من فن التفكير و التمحيص و الجمع و الفهم إلخ ، الذي يدور حول المفاهيم ، و ذلك باتباع قواعد صارمة.

و من ثم  فإن النظرية هي مجموعة من المفاهيم المنظمة بشكل عقلاني . و في الفلسفة : هناك عدة احتمالات لتنظيم المفاهيم و تقسيمها ، هذه الاحتمالات من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها في موضوع واحد. فعلى سبيل  المثال  يمكن ترتيب المفاهيم وفق التقسيم اليوناني للفلسفة  : معرفة الطبيعة ، أو الفيزياء ، والأخلاق والمنطق ، وعلم الاستدلال ، أي أسلوب الحكم السديد   للفهم . على هذا النحو ، فإن المنطق يبني معرفة العالم ، و ينظم  جميع مفاهيم الفلسفة الأخلاقية .  هذه الأخيرة يمكن اعتبارها  أيضا : نظرية للمعرفة. و يُنسب هذا التقسيم أحيانًا إلى أفلاطون ، لكنه  لم يتم صياغته بوضوح إلا مع  الفلسفة الرواقية . و تقسيم آخر ، يأخذ بعين  الاعتبار حقيقة أن الفيزياء لم تعد جزءًا من الفلسفة اليوم ، لذا يقتصر على التمييز  بين نظرية المعرفة والأخلاق فقط . ولكن هناك في الواقع العديد من المجالات الأخرى ، مثل علم الجمال والفلسفة السياسية .إلخ   والتي نحت منحى مستقلا نسبيا  خلال تاريخ الفلسفة .

من الناحية النظرية ، تغطي الفلسفة جميع مجالات الواقع ، لأن هدفها هو الواقع نفسه ، سواء كان جسديا  أو عقليا (بهذا المعنى ، تُسمى الفلسفة : الفلسفة الأولى أو الفلسفة الميتافيزيقية ). في الواقع ، لا يوجد سوى عدد محدود من المفاهيم ، ومن الواضح أن قائمة المفاهيم تظل  مفتوحة دائمًا ، وهذه المفاهيم هي التي يجب دراستها للتعرف على الفلسفة. و يمكن دراستها من الشخص نفسه عن طريق  (تعلم التفكير والتحليل والاستدلال بشكل عام) ، أو ربطها بمفاهيم أخرى لتشكل مجالًا معينًا ( الأخلاق ، الجماليات ، إلخ) ، أو حتى وفقًا لتطورها التاريخي ( معرفة مذاهب  الفلاسفة ، تاريخ الفلسفة). و من هنا  ، فإن دراسة المفاهيم من ناحية ، و دراسة المنطق من ناحية أخرى : تشكل بداية شاملة لتعلم  الفلسفة ، والغرض منها هو أن نفكر بأنفسنا . : sapere aude .

إذا كان هذا صحيحًا ، فيمكن للمرء أن يفهم لماذا لا يمكن تعلم الفلسفة : لا يوجد مضمون معين و  معطى يمكن للمرء أن يقوله حول الفلسفة ،  فلا يمكننا أن نقول : هذه هي الفلسفة بأكملها. الفلسفة كعلم مكتمل  لا وجود له. وبالتالي ، فإن دراسة الفلسفة لا يمكن ان تكون  تدريبًا على الذاكرة ، ولكنها تمرين  للعقل : يستند ه إلى أدلة المفاهيم والحاجة إلى البراهين .

لذلك لا يمكن أن تكون طريقة تدريس الفلسفة دوغماتية (أي لا يمكن أن تكون غير قابلة للجدل وترفض كل نقد)؛ يجب أن يكون  " تفكيرا مستبصرا "     zététique   (فن الشك).  و من ثم فنحن لا نتعلم الفلسفة ،  و لكن نتعلم التفلسف. لكن هل يمكننا الاستغناء عن أي تعلم  حول الفلسفة ؟ لقد رأينا أنه لا يمكن ذلك  .