الاستيطان الأنجلوسكسوني في بريطانيا

الاستيطان الأنجلوسكسوني في بريطانيا يُعتبر بمثابة العملية التي غيّرت لغة وثقافة معظم المنطقة التي باتت إنجلترا، مرورًا ببريطانيا الرومانية ووصولًا إلى الجرمانية من بعدها. في نهاية المطاف، طوّر الناطقون باللغة الألمانية في بريطانيا، وهم من أصول متنوعة، هويةً ثقافيةً مشتركةً بصفتهم أنجلوسكسونيين. استمرّت هذه العملية منذ منتصف القرن الخامس وحتى أوائل القرن السابع الميلادي، بعد انتهاء الحكم الروماني في بريطانيا نحو عام 410. تلا الاستيطان قيام الممالك الأنجلوساكسونية في جنوب وشرق بريطانيا، وانتشارها لاحقًا في بقية إنجلترا الحديثة.[1]

تشتمل الأدلة المتوافرة على السجلات المكتوبة المعاصرة الشحيحة وشبه المعاصرة، بالإضافة إلى المعلومات الأثرية والوراثية. توضح المصادر الأدبية المحدودة العداوة بين الوافدين إلى المنطقة وسكانها الأصليين، إذ تصف العنف والدمار والمجازر وفرار السكان الرومانيين البريطانيين. علاوةً على ذلك، لا يوجد سوى القليل من الأدلة الواضحة على تأثير اللغة الكلتية البريطانية أو اللاتينية البريطانية على اللغة الإنجليزية القديمة. اقترحت هذه العوامل حدوث غزو نفذته شعوب جرمانية مختلفة على نطاق شاسع. تبعًا لهذا المنظور، الذي أيده معظم المؤرخين وعلماء الآثار حتى الفترة ما بين منتصف القرن العشرين وآخره، أُخلي جزء كبير مما يعرف الآن بإنجلترا من سكانها السابقين. تشير وجهة النظر التقليدية هذه في حال صحتها، إلى وراثة الشعب الإنجليزي اللاحق غالبية جيناته من المهاجرين الألمان.

على أي حال، يوجد رأي آخر، وهو الأكثر قبولًا بين كثير من علماء القرن الحادي والعشرين، إذ يقترح أن المهاجرين كانوا أقل عددًا، وربما اقتصر وجودهم على نخبة المحاربين. تشير هذه الفرضية إلى شروع الوافدين بعملية تثاقف واسعة النطاق مع السكان الأصليين شملت لغتهم وثقافتهم المادية والتزاوج فيما بينهم، إبان بسط الوافدين هيمنةً سياسيةً واجتماعيةً في المجتمع الأصلي. لم يجد علماء الآثار أي انفصال واضح عن الماضي الروماني البريطاني عند دراستهم أنماط المستوطنات وطرق استخدام الأراضي، رغم وجود تغييرات ملحوظة في الثقافة المادية. تتنبأ وجهة النظر هذه بانحدار أسلاف الأنجلوسكسونيين وإنكلترا الحديثة من الرومانيين البريطانيين الأصليين. تميل النتائج غير المؤكدة للدراسات الوراثية إلى تأييد غلبة الأصل الكلتي للسكان البريطانيين الأصليين، بالإضافة إلى وجود مساهمات قارية ملحوظة ناتجة عن الهجرة الجرمانية.

على أي حال، فإن احتمالية ترسيخ هؤلاء الوافدين أقدامهم بصفتهم نخبةً اجتماعيةً، كان ليسمح لهم بتحقيق نجاح تناسلي مُحسّن (ما يسمى «نظرية الأبارتايد» أو التطهير العرقي). في هذه الحالة، يمكن أن تكون الجينات السائدة في إنجلترا الأنجلوسكسونية لاحقًا مستمدةً إلى حد كبير من أعداد زهيدة من المهاجرين الألمان. أثارت هذه النظرية الصادرة عن دراسة في علم الوراثيات السكانية جدلًا كبيرًا، وكانت موضع نقد من قبل عدد من العلماء.[2][3]

الخلفية عدل

باتت المقاطعات الرومانية في بريطانيا (جميع الأراضي الواقعة جنوب سور هادريان) جزءًا هامشيًا من الإمبراطورية الرومانية، فُقد في عدة مناسبات نتيجة التمرد أو الغزو، مع عودته دائمًا في نهاية المطاف إلى حضن الإمبراطورية الرومانية. استمرت هذه الحالة لحين انهيارها وكسر حلقة الخسارة والاستعادة هذه خلال العقد التالي. انتقلت بريطانيا نحو عام 410، من السيطرة الإمبراطورية المباشرة إلى مرحلة سُميّت عمومًا «شبه رومانية»، على الرغم من بقاء الرومان قوةً لا يُستهان بها لثلاثة أجيال لاحقة على امتداد مناطق شاسعة من بلاد الغال.[4]

تمحورت هذه المرحلة بصورة تقليدية حول الانحدار والانهيار. على أي حال، تشير أدلة من فيرولاميوم إلى استمرار إعادة الإعمار الحضري، الذي تميز بنقل المياه عبر الأنابيب، في أواخر القرن الخامس، وربما بعده. عُثر في سيلتشيستير على علامات احتلال شبه روماني تعود إلى نحو عام 500، واكتُشفت في روكستر حمامات جديدة من النوع الروماني.[5][6][7]

توضح كتابات باتريك وغيلداس نجاة الثقافة اللاتينية والعلم والمعارف والقانون الروماني في المجتمع النخبوي والوسط المسيحي في بريطانيا طوال القرنين الخامس والسادس. يشير غيلداس في أعماله إلى ازدهار الاقتصاد دون فرض الضرائب الرومانية، مع شكواه من الرفاهية والانغماس في الملذات الشخصية. في منتصف القرن الخامس، ظهر الأنجلوسكسونيون في بريطانيا التي حافظت عمليًا على صبغتها الرومانية.[8]

الأدلة التاريخية عدل

تفترض دراسة المصادر التاريخية لعلامات الاستيطان الأنجلوسكسوني وسكانه امتلاك الكلمات «أنجلو» و«سكسوني» و«الأنجلوسكسونية» نفس المعنى في جميع المصادر. يُعتبر إسناد الألقاب العرقية مثل «الأنجلوسكسونية» أمرًا بالغ الصعوبة ولم يبدأ استخدام المصطلح نفسه إلا في القرن الثامن لتمييز المجموعات «الجرمانية» في بريطانيا عن تلك الموجودة في القارة (ساكسونيا القديمة في شمال ألمانيا الحالي).[9]

المصادر المبكرة عدل

تذكر سجلات تاريخ غاليسيا حتى عام 452 في حديثها عن عام 441: «أُجبرت المقاطعات البريطانية، التي عانت حتى اللحظة من هزائم ومصائب مختلفة، على الخضوع لحكم سكسوني». كُتبت هذه السجلات بعيدًا عن بريطانيا. يسود الغموض حول التواريخ الدقيقة لأحداث القرن الخامس وخاصة قبل عام 446. لا تقوّض هذه الشكوك مكانة تاريخ غاليسيا كمصدر معاصر فائق الأهمية، ما يوحي إلى وجود خطأ في التاريخ الذي قدمه بيدا لاحقًا «لوصول السكسونيين». تذكر سجلات غاليسيا ضمّ بريطانيا إلى أربع مناطق رومانية أخرى خضعت للسيطرة «الجرمانية» في نفس الفترة تقريبًا، وتأتي السجلات كتفسير لسقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب. تتقاسم المناطق الأربعة تاريخًا متشابهًا، إذ تنازلت الإمبراطورية الرومانية عنها جميعًا لصالح «سلطة البرابرة»: اُدخلت ثلاث مناطق عمدًا ضمن تسوية مع الاتحادات الجرمانية، وعلى الرغم من سيطرة الوندال على إفريقيا بالقوة، دُعمت هذه السيطرة بموجب معاهدة.[10][11][12]

تحدث بروكوبيوس عن استيطان بريطانيا من قبل ثلاثة أعراق: الأنجلويون، الفريزيون، والبريطونيون، وحكم ملك مختلف كلًّا منهم. تتميّز الأعراق بكثرة النسل إلى حد إرسال كل عرق أعداد كبيرة من الأفراد إلى الفرنجة بصورة سنوية، والتي بدورها وضعتهم في مناطق غير مأهولة بالسكان في أراضيها. ذكر بروكوبيوس في منتصف القرن السادس عشر أنه بعد الإطاحة بقسطنطين الثالث عام 411، «لم ينجح الرومان أبداً في استعادة بريطانيا، لكنها ظلت منذ تلك المرحلة تحت حكم الطغاة».[13]

الأدلة اللغوية عدل

يعد تفسير التغير اللغوي، وخصوصًا نهضة اللغة الإنجليزية القديمة، أمرًا بالغ الأهمية في أي اعتبار عند الحديث عن الاستيطان الأنجلوسكسوني في بريطانيا. يورد الإجماع الحديث إمكانية تفسير انتشار اللغة الإنجليزية من خلال تمكّن أقلية من المهاجرين الناطقين باللغة الألمانية من تحقيق هيمنة سياسية واجتماعية، في سياق فقدت فيه اللغة اللاتينية فائدتها ومكانتها بسبب انهيار الحكم الروماني واقتصاده.

الدليل عدل

تشير جميع الأدلة اللغوية الواردة من بريطانيا الرومانية إلى تكلم معظم السكان باللغة الكلتية البريطانية و/أو اللاتينية البريطانية. على أي حال، توفرت أدلة كثيرة عن حال اللغة في مرحلة ما بعد الرومانية مع وصول القرن الثامن، إذ أظهرت هيمنة اللغة الإنجليزية القديمة فيما يُعرف الآن بشرق وجنوب إنجلترا، مع ذكر حقيقة أن أسلاف هذه اللغة من اللغات الجرمانية الغربية كانت مستخدمةً فيما أصبح الآن هولندا وشمال ألمانيا. استمرت اللغة الإنجليزية القديمة لاحقًا في الانتشار غربًا وشمالًا خلال القرون التالية. يختلف هذا التطور بصورة لافتة عما آلت إليه الأمور في عدة مناطق، مثل بلاد الغال ما بعد الفترة الرومانية وإيبيريا وشمال إفريقيا، حيث تحول الغزاة الناطقون باللغة الألمانية تدريجياً إلى استخدام اللغات المحلية. تُظهر اللغة الإنجليزية القديمة تأثّرًا واضحًا بعض الشيء باللغة الكلتية واللاتينية المحكية: يوجد على سبيل المثال عدد قليل من الكلمات الإنجليزية ذات الأصل البريطوني. علاوةً على ذلك، يتجلّى بعد استثناء كورنوال استنباط الأغلبية العظمى من أسماء الأماكن في إنجلترا من اللغة الإنجليزية القديمة (أو اللغة النوردية القديمة، بسبب تأثير الفايكنغ لاحقًا)، ما يدل على هيمنة اللغة الإنجليزية على إنجلترا بعد الرومانية. أظهرت الأبحاث المكثّفة التي أجريت في العقود الأخيرة ضمن سياق علم أسماء الأماكن الكلتية امتلاك عدد أكبر من الأسماء في إنجلترا وجنوب اسكتلندا أصولًا بريطونية أو لاتينية أحيانًا، أكثر مما اعتُقد سابقًا، ولكن مع ذلك، فمن الواضح أيضًا ندرة أسماء الأماكن ذات الأصل البريطوني أو اللاتيني في النصف الشرقي من إنجلترا، وعلى الرغم من شيوعها بشكل ملحوظ في النصف الغربي، إلا أنها ما تزال أقلية صغيرة -2% في تشيشير.[14][15][16][17][18][19][20][16]

الثقافة المادية عدل

أثارت أصول تقاليد بناء الأخشاب التي شوهدت في وقت مبكر من إنجلترا الأنجلوسكسونية الكثير من الجدل الذي عكس نقاشًا أوسع حول الصلات الثقافية للثقافة المادية الأنجلوسكسونية.[21]

أكد فيليب راتس أن المباني التي شوهدت في ويست ستو وموكينغ لها أصول رومانية متأخرة. لاحظ عالم الآثار فيليب ديكسون التشابه اللافت للنظر بين قاعات الأخشاب الأنجلوسكسونية والمنازل الريفية الرومانية البريطانية. لم يجلب الأنجلوسكسونيون (المنزل الكبير)، المسكن التقليدي للشعوب الجرمانية القارية، إلى بريطانيا. وبدلًا من ذلك، أيدوا تقليدًا محليًا بريطانيًا للبناء يعود تاريخه إلى أواخر القرن الأول.[22][23]

وقد اعتُبر هذا تفسيرًا دقيقًا جدًا لجميع الأدلة. يلخص كل من آن وغاري مارشال الموقف:

كانت إحدى المشكلات الرئيسية في علم الآثار الأنجلوسكسوني هي تفسير الطابع الفريد الواضح للهياكل الخشبية الإنجليزية لتلك الفترة. ويبدو أن هذه الهياكل تشبه إلى حد ما النماذج الرومانية البريطانية السابقة أو النماذج القارية. المشكلة هي أن النمط الأنجلوسكسوني الهجين يبدو وكأنه يبدو كاملًا مع عدم وجود أمثلة على التطور من تقاليد الأجداد المحتملة ... كان الإجماع على أن أسلوب البناء الأنجلوسكسوني كان في الغالب محليًا.[24]

بالنسبة إلى بريان وارد-بيركنز، فإن الإجابة على النقص النسبي في التأثير المحلي على الأشياء اليومية تكمن في نجاح الثقافة الأنجلوسكسونية وتسلط الضوء على التنوع الجزئي والتماسك الأكبر الذي أنتج قوة ديناميكية مقارنة بالثقافة البريتونية. من الخرز إلى الملابس والمنازل، هناك شيء فريد حدث في أوائل فترة الأنجلوسكسونية. تُظهر أدلة الثقافة المادية أن الناس تبنوا أنماطًا بناءً على الأدوار والأساليب المحددة.[25] يعلّق جوليان ريتشاردز على هذا وغيره من الأدلة:

كان [الاستيطان الأنجلوسكسوني في بريطانيا] أكثر تعقيدًا من الغزو الجماعي الذي أتى بأساليب حياة ومعتقدات مكتملة التكوين. ربما كان الأنجلوسكسونيون الأوائل، تمامًا مثل مهاجري اليوم، يركبون هويات ثقافية مختلفة. لقد جلبوا من أوطانهم تقاليد أسلافهم. لكنهم كانوا سيحاولون ليس فقط معرفة من هم، ولكن من يريدون أن يكونوا ... وصياغة هوية جديدة.[26]

بالنظر إلى ما هو أبعد من سيناريوهات الوطن المبسطة، وشرح الملاحظات التي تفيد بأن المنازل الأنجلوسكسونية والجوانب الأخرى للثقافة المادية لا تجد تطابقًا تامًا في الأوطان الجرمانية في أوروبا، بما في ذلك الأراضي المنخفضة في إنجلترا وشمال بلاد الغال وشمال ألمانيا. شهدت المناطق الثلاثة تغيرات في البنية الاجتماعية وأنماط الاستيطان وطرق التعبير عن الهويات في أعقاب الانهيار الروماني، بالإضافة إلى التوترات التي خلقت عوامل دفع وجذب للهجرات في اتجاهات متعددة.

كانت دراسة الممارسات الدينية الوثنية في الفترة الأنجلوسكسونية المبكرة صعبة، إذ أن معظم النصوص التي قد تحتوي على معلومات ذات صلة ليست معاصرة، وقد كتبها لاحقًا كتاب مسيحيون يميلون إلى اتخاذ موقف معاد لمعتقدات ما قبل المسيحية، والذين ربما شوهوا تصويرهم لها. تأتي الكثير من المعلومات المستخدمة لإعادة بناء الوثنية الأنجلوسكسونية من النصوص الإسكندنافية والأيسلندية اللاحقة، وهناك نقاش حول مدى أهميتها. غالبًا ما تم التعامل مع دراسة المعتقدات الأنجلوسكسونية الوثنية بالإشارة إلى التصنيفات والفئات الرومانية أو حتى اليونانية. لذلك استخدم علماء الآثار مصطلحات مثل الآلهة والأساطير والمعابد والمقدسات والكهنة والسحر والعبادات.[27]

استخدم بيتر براون طريقة جديدة للنظر في أنظمة المعتقدات في القرنين الخامس والسابع، من خلال الدفاع عن نموذج للدين صُنّف من خلال نهج الاختيار. كانت الفترة استثنائية بسبب عدم وجود أرثوذكسية أو مؤسسات للسيطرة على الشعب أو إعاقته. تظهر حرية الثقافة هذه أيضًا في المجتمع الروماني البريطاني وهي واضحة جدًا في شكاوى غيلداس.[28]

إحدى الممارسات الثقافية الأنجلوسكسونية التي بدأ فهمها بشكل أفضل هي عادات الدفن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحفريات الأثرية في مواقع مختلفة، ووجود نحو 1200 مدفن. لم يكن هناك شكل محدد للدفن، مع تفضيل حرق الجثث في الشمال والدفن في الجنوب، على الرغم من العثور على كلا الشكلين في جميع أنحاء إنجلترا، وأحيانًا في نفس المقابر. عندما تحرق الجثة، يوضع الرماد عادة داخل جرة ثم يُدفن، أحيانًا مع المقتنيات الجنائزية. وفقًا لعالم الآثار ديف ويلسون، كانت الاتجاهات المعتاد للدفن في المقبرة الأنجلوسكسونية وثنية هي الغرب والشرق، والرأس إلى الغرب، على الرغم من وجود استثناءات في كثير من الأحيان. كانت المقتنيات الجنائزية شائعة بين المدافن وكذلك عمليات حرق الجثث؛ دُفن الرجال الأنجلوسكسونيون الأحرار مع سلاح واحد على الأقل حسب التقاليد، غالبًا ما يكون حربة أو سيف أو درع. هناك أيضًا عدد من الحالات المسجلة لأجزاء من الحيوانات مدفونة داخل هذه المقابر. كان الأكثر شيوعًا من بين هذه الأجزاء هي أجزاء الجسم التي تنتمي إلى الماعز أو الأغنام، على الرغم من أن أجزاء من الثيران كانت شائعة نسبيًا أيضًا، وأحيانًا الإوز وبيض البط والبندق. ولذلك يُعتقد على نطاق واسع أن هذه العناصر كانت تشكل مصدرًا غذاءً للمتوفى. في بعض الحالات، دُفنت جماجم الحيوانات، خاصة الثيران وكذلك الخنازير، في قبور بشرية، وهي ممارسة وُجدت أيضًا في وقت سابق في بريطانيا الرومانية.[29]

هناك أيضًا أدلة على استمرار المسيحية في جنوب وشرق بريطانيا. بقي الضريح المسيحي في سانت ألبانز طوال هذه الفترة. هناك مراجع في الشعر الأنجلوسكسوني، بياولف مثلًا، تظهر بعض التفاعل بين الممارسات والقيم الوثنية والمسيحية. في حين أن هناك القليل من التركيز الأكاديمي على هذا الموضوع، هناك أدلة كافية من غيلداس وأماكن أخرى على أنه من الآمن افتراض بقاء بعض أشكال المسيحية المستمرة. يقول ريتشارد ويندر: إن خصائص الكنيسة قبل أوغسطينوس تضعها في استمرارية مع بقية الكنيسة المسيحية في أوروبا في ذلك الوقت، وفي الواقع، استمرارًا للإيمان الكاثوليكي اليوم.

اللغة والأدب عدل

لم يُعرف سوى القليل عن اللغة المحكية اليومية للأشخاص الذين عاشوا خلال فترة الهجرة. كانت اللغة الإنجليزية القديمة هي لغة التواصل، ومن الصعب إعادة بناء اللغة المستخدمة في تلك الفترة من اللغة المكتوبة الموجودة في أدب غرب ساكسون بعد نحو 400 عام. اقتُرحت نظريتين عامتين بشأن سبب تغيير الناس لغتهم إلى اللغة الإنجليزية القديمة؛ تغير إما شخص أو أسرة لخدمة النخبة، أو تغير الفرد أو الأسرة من خلال الاختيار لأنه يوفر بعض المزايا اقتصاديًا أو قانونيًا.[30]

وفقًا لنيك هيغام، فإن تبني اللغة - فضلًا عن الثقافة المادية والتقاليد - للنخبة الأنجلوسكسونية من قبل أعداد كبيرة من السكان المحليين الذين يسعون إلى تحسين وضعهم داخل الهيكل الاجتماعي، ويتعهدون بهذا الغرض، هو المفتاح لفهم الانتقال من اللغة الرومانية البريطانية إلى الأنجلوسكسونية. أدت الطبيعة التقدمية لاكتساب اللغة، وإعادة العمل لعلاقات القرابة مع المجموعة المهيمنة، في النهاية، إلى الأساطير التي ربطت المجتمع بأكمله بالهجرة تفسيرًا لأصولها في بريطانيا.[31]

قدم نيك هيغام هذا الملخص:

كانت اللغة مؤشرًا رئيسيًا للعرق في إنجلترا. في الظروف التي تكون فيها الحرية القانونية، والقبول مع الأقارب، والحصول على الأسلحة أو حيازتها، كلها حصرية لأولئك الذين يمكن أن يدعوا أنهم من أصل جرماني، ثم التحدث بالإنجليزية القديمة بدون تأثير لاتيني أو بريتوني كان له قيمة كبيرة.[32]

المراجع عدل

  1. ^ The area of لوثيان in modern Scotland was also anglicised in this period, following the conquest of the British 'kingdom' of Manau Gododdin. It formed part of the Anglian kingdoms of برنيسيا and نورثمبريا, only becoming a part of Scotland as late as 1018, when a recent Scottish annexation was recognised by the English. See: Fry, P.S. and Mitchison, R. (1985) The History of Scotland, Routledge, p. 48
  2. ^ Brugmann, B. Migration and Endogenous Change in The Oxford Handbook of Anglo-Saxon Archaeology (2011), Hamerow, H., Hinton, D.A. and Crawford, S. (eds.), OUP Oxford, pp. 30–45
  3. ^ Heinrich Härke, 'Anglo-Saxon Immigration and Ethnogenesis', Medieval Archaeology, 55 (2011), 1–28. نسخة محفوظة 11 ديسمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ P. Salway, Roman Britain (Oxford, Oxford University Press, 1981), pp. 295–311, 318, 322, 349, 356, 380, 401–5
  5. ^ S. S. Frere, Verulamium Excavations, II (London, Society of Antiquaries, 1983).
  6. ^ M. G. Fulford, 'Excavations on the sites of the amphitheatre and forum-basilica at Silchester, Hampshire: an interim report', Antiquaries Journal, 65, 1985, pp. 39–81; Fulford, Guide to the Silchester excavations: the Forum basilica 1982–4 (Reading, Department of Archaeology, University of Reading, 1985); Fulford, The Silchester amphitheatre: excavations of 1979–85 (London, Society for the Promotion of Roman Studies, 1989).
  7. ^ P. Barker et al., The Baths Basilica, Wroxeter: Excavations 1966–90 (London, English Heritage Archaeological Reports 8, 1997). The general point of urban decline is made by A. Woolf, 'The Britons', in Regna and Gentes: The Relationship between Late Antique and Early Medieval Peoples and Kingdoms in the Transformation of the Roman World, eds H.-W. Goetz, J. Jarnut and W. Pohl (Leiden, Brill, 2003), pp. 362–3
  8. ^ A. B. E. Hood (ed. and trans.), St. Patrick: His Writings and Muirchu's Life (Chichester, Phillimore, 1978); M. Winterbottom (ed. and trans.), Gildas: The Ruin of Britain and other works (Chichester, Phillimore, 1978). Neither text is securely dated, but both are clearly post-Roman and Patrick at least is generally assumed to be a fifth-century author. For the dating of Gildas, see variously D. N. Dumville The Chronology of De Excidio Britanniae, Book I, in Gildas: New Approaches, eds M. Lapidge and D. N. Dumville (Woodbridge, Boydell and Brewer, 1984), pp. 61–84; N. J. Higham, The English Conquest: Gildas and Britain in the Fifth Century (Manchester, Manchester University Press, 1994), pp. 118–45.
  9. ^ Higham & Ryan 2013:7"The Anglo-Saxon World"
  10. ^ Jones & Casey 1988:367–98 "The Gallic Chronicle Restored: a Chronology for the Anglo-Saxon Invasions and the End of Roman Britain"
  11. ^ Miller, Molly (1978): The Last British Entry in the 'Gallic Chronicles', in: Britannia 9, pp. 315–318.
  12. ^ Ian Wood, 'The end of Roman Britain: Continental evidence and parallels', p19, In: Lapidge, M. and Dumville, D. (eds.). Gildas: New Approaches. Woodbridge, Boydell. 1984
  13. ^ Dewing، H B (1962). Procopius: History of the Wars Books VII and VIII with an English Translation (PDF). Harvard University Press. ص. 252–255. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-03-03. اطلع عليه بتاريخ 2020-03-01.
  14. ^ Cf. Hans Frede Nielsen, The Continental Backgrounds of English and its Insular Development until 1154 (Odense, 1998), pp. 77–9; Peter Trudgill, New-Dialect Formation: The Inevitability of Colonial Englishes (Edinburgh, 2004), p. 11.
  15. ^ Ward-Perkins, 'Why did the Anglo-Saxons', 258, suggested that the successful native resistance of local, militarised tribal societies to the invaders may perhaps account for the fact of the slow progress of Anglo-Saxonisation as opposed to the sweeping conquest of Gaul by the Franks.
  16. ^ أ ب Chris Wickham, Framing the Early Middle Ages: Europe and the Mediterranean 400–800 (Oxford: Oxford University Press, 2005), p. 311-12.
  17. ^ Kastovsky, Dieter, ‘Semantics and Vocabulary’, in The Cambridge History of the English Language, Volume 1: The Beginnings to 1066, ed. by Richard M. Hogg (Cambridge: Cambridge University Press, 1992), pp. 290–408 (pp. 301–20).
  18. ^ E.g. Richard Coates and Andrew Breeze, Celtic Voices, English Places: Studies of the Celtic impact on place-names in Britain(Stamford: Tyas, 2000).
  19. ^ Nicholas J. Higham and Martin J. Ryan, The Anglo-Saxon World (New Haven: Yale University Press, 2013), pp. 99–101.
  20. ^ Nicholas J. Higham and Martin J. Ryan, The Anglo-Saxon World (New Haven: Yale University Press, 2013), pp. 98–101.
  21. ^ Rahtz, Philip. "Buildings and rural settlement." The Archaeology of Anglo-Saxon England 44 (1976): p 56
  22. ^ Hodges, R. (1989) The Anglo-Saxon Achievement' Duckworth, London. (ردمك 0-7156-2130-0), pp. 34–36
  23. ^ Dixon, Philip. "How Saxon is the Saxon house?" Structural reconstruction. Oxford (1982).
  24. ^ Marshall, Anne, and Garry Marshall. "A survey and analysis of the buildings of Early and Middle Anglo-Saxon England." Medieval Archaeology 35 (1991): 29
  25. ^ John Hines: "Stories from the Dark Earth: Meet the Ancestors Revisited" Episode 4 BBC 2013
  26. ^ Ward-Perkins, Bryan. "Why did the Anglo-Saxons not become more British?." The English Historical Review 115.462 (2000): 513–533.
  27. ^ Halsall (2011, p. 35)
  28. ^ Behr, Charlotte. Review "Signals of Belief in Early England: Anglo-Saxon Paganism Revisited, edited by Martin Carver, Alex Sanmark & Sarah Semple, 2010. Oxford: Oxbow Books; (ردمك 978-1-84217-395-4)". in Cambridge Archaeological Journal 21.02 (2011): 315–316.
  29. ^ Brown, Peter. The Rise of Western Christendom. Oxford, 2003.
  30. ^ Killie, Kristin. "Old English–Late British language contact and the English progressive." Language Contact and Development Around the North Sea 321 (2012): p119
  31. ^ Higham, N. 1992. Rome, Britain and the Anglo-Saxons. Guildford: Seaby p 229–230
  32. ^ "Old-English poem The Battle of Brunanburh along with translations and background information". مؤرشف من الأصل في 2021-08-18.