آراء أبراهام لينكولن الدينية

نشأ أبراهام لينكولن في عائلة معمدانية شديدة التدين. لم ينضم مطلقًا إلى أي كنيسة، وكان في شبابه شكوكيًا سخر أحيانًا من الإحيائيين. كان يذكر الله بشكل متكرر ولديه معرفة عميقة بالإنجيل، وغالبًا ما يقتبس منه. حضر لينكولن قداس الكنيسة البروتستانتية مع زوجته وعائلته. «تخلى لينكولن عن شكوكه الدينية السابقة، خاصة بعد وفاة أخيه الصغير ويلي في عام 1862».[1] يجادل البعض بأن لينكولن لم يكن مؤمنًا مسيحيًا أو مفكرًا حرًا علمانيًا».[2]

على الرغم من أن لينكولن لم يعلن بشكل واضح وعام عن إيمانه المسيحي، غير أن بعض الأشخاص الذين عرفوه شخصيًا مثل كاهن مجلس الشيوخ فيناس غورلي وماري تود لينكولن، قالوا إنه كان يؤمن بالمسيح بالمعنى الديني.[3][4][5] من ناحية ثانية، آخرون عرفوا لينكولن لسنوات، مثل وارد هيل لامون وويليام هيرندون، رفضوا فكرة أنه كان مسيحيًا مؤمنًا.[6] خلال ترشحه لمجلس النواب في عام 1846، ومن أجل تبديد الاتهامات المتعلقة بمعتقداته الدينية، أصدر لينكولن بيانًا بأنه «لم ينكر في حياته صحة الكتاب المقدس».[7] بدا أنه كان يؤمن بإله كلّي القدرة هو الذي خلق الأكوان، وأصبح بحلول عام 1865 يعبر عن هذه المعتقدات في خطاباته الرئيسية.[8]

قبل الرئاسة عدل

كان والدا لينكولن من معمدانيي «هارد شيل»، وانضما إلى كنيسة ليتل بيجون المعمدانية بالقرب من مدينة لينكولن، إنديانا، في عام 1823 عندما أصبح عمر لينكولن 14 عامًا.[9] اكتشف بعض الكتاب وجود تأثير كاثوليكي مبكر على لينكولن الشاب، وكان منسوبًا إلى معلمه الأول في المدرسة زكريا ريني.[10]

في عام 1831، انتقل لينكولن إلى نيو سالم، التي لم يكن فيها أي كنائس.[11] قال المؤرخ مارك نول إن «لينكولن لم ينضم أبدًا إلى كنيسة أو يعلن بوضوح عن معتقدات مسيحية اعتيادية».[12] نقل نول عن صديق لينكولن جيسي فيل:

إن الرئيس «نادرًا ما كان يتحدث مع أحد عن آرائه» المتعلقة بالدين، وتابع ليقول إن هذه الآراء لم تكن تقليدية: «حول فساد الإنسان الفطري، وشخصية ووظيفة رئيس الكنيسة الأكبر، والكفارة، وعصمة الوحي المكتوب، وفعالية المعجزات، وطبيعة وتصميم المكافآت والعقوبات المستقبلية.. والعديد من المواضيع الأخرى، كان لديه آراء تتعارض تمامًا مع ما يجري تعليمه عادة في الكنيسة».[13]

يجادل نول أن لنكولن انقلب على المسيحية المنظمة بسبب تجاربه عندما كان شابًا وشهد كيف برزت الانفعالات المفرطة والخلافات الطائفية المريرة في الاجتماعات الدينية السنوية ودعوات الواعظين المتنقلين. استمتع لينكولن في شبابه بقراءة أعمال توماس بين، وقد صاغ كتيبًا يتضمن أفكارًا مشابهة له، لكنه لم ينشره. بعد أن كاد أن يكلفه اتهامه بمعاداة المسيحية دعوة إلى الكونغرس، أبقى معتقداته غير التقليدية سرية. المفهوم الوحيد الذي تبناه لينكولن على ما يبدو من دين والديه الكاليفيني بكل إخلاص خلال حياته هو «مذهب الضرورة»، المعروف أيضًا باسم القدر، أو الحتمية، أو القدرية. كان لينكولن يقدر دائمًا من خلال هذا المنظور معنى الحرب الأهلية.[14]

صنف جيمس آدمز (1783-1843) لينكولن على أنه ربوبي.[15] ذكرت تقارير أنه في عام 1843، كتب لينكولن مخطوطة مقال تحدى فيها المسيحية التقليدية وصممها على نموذج كتاب بين الذي كان بعنوان «عصر المنطق». على ما يبدو أن أحد الأصدقاء أحرق المخطوطة ليحمي لينكولن من الازدراء. يقول كاتب السير الذاتية ريف ويليام بارتون إنه على الأرجح أن لينكولن كتب مقالًا بشيء من هذا الأسلوب، لكن من غير المرجح أنه أحرق بهذه الطريقة. وكان مينتور غراهام المعلم في مدرسة نيو سالم قد ذكر في عام 1874 أن المخطوطة كانت «دفاعًا عن الخلاص الكوني».[16]

نشر ويليام جي هيرندون لأول مرة روايته عن المخطوطة المستوحاة من بين في السيرة الذاتية التي كتبها عن لينكولن عام 1889.[17] اعتبر هارفي ليس روس، ساعي البريد الذي عاش في نيو سالم مع لينكولن في عام 1834، أن رواية هيرندون هي قصة من محض الخيال. ووضح وجود المشاكل التالية في رواية هيرندون: كان عمر هيرندون 16 عامًا في عام 1834 وكان يعيش على بعد 20 ميل في سبرينغفيلد، ولم يكن لديه أي تواصل مع لينكولن. لم يكن هناك أي مدفأة في متجر سامويل هيل في عام 1834 حيث زُعم أنه تم إحراق المخطوطة. لم يكن هناك نسخة من كتاب عصر المنطق على رف الكتب في الحانة حيث قال هيرندون أن لينكولن قرأه.[18] أخيرًا، قال روس إنه كان على معرفة جيدة مع الجميع في مجتمع نيو سالم وكان سيعرف أي محادثات متعلقة بوثيقة من هذا النوع. من المنطقي استنتاج أنه لم يكن هناك أي مخطوطة مكتوبة وأن بين لم يكن عاملًا مشاركًا بأفكار لينكولن حول الدين.

سجل ويليام جي جونسون تعليقًا جاء فيه:

أنا أذكر نقاشه جيدًا. ذكر المقطع من الإنجيل الذي يقول «لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع»، وأتبع ذلك بالافتراض القائل إنه أيا كان الخرق أو الأذى الذي سببه انتهاك آدم للجنس البشري، والذي كان كبيرًا جدًا بلا شك، فقد أصبح عادلًا وصائبًا من خلال كفارة المسيح.[19]

كتب نول: «على الأقل في البداية، كان لينكولن على الأرجح كونيًا يؤمن بالخلاص النهائي لجميع الناس». كان لينكولن على الأغلب في حيرة من أمره حول الهجوم على شخصيته من خلال خياراته الدينية. كتب لينكولن، في رسالته إلى مارتن إم موريس في عام 1843:

كان للكنيسة المزيج الأغرب من التأثيرات ضدي. إن إدوارد ديكنسون بيكر يعد كامبيليًا؛ ولذلك، كما أفترض مع وجود استثناءات قليلة، حصل على تأييد تلك الكنيسة. كان لدى زوجتي بعض العلاقات في الكنائس المشيخية، وبعضها الآخر في الكنائس الأسقفية؛ ولذلك، أينما اتجهت سيبدو أنه تم تصنيفي كواحد منهما، في حين أنه تم الدعوة في كل مكان إلى ألا يصوت لي أي مسيحي لأنني لا أنتمي إلى أي كنيسة، وكان يشتبه بأنني ربوبي وتحدثت عن النزاع بينهما.[20]

المراجع عدل

  1. ^ Foner, Eric, The Fiery Trial: Abraham Lincoln and American Slavery, New York and London: W. W. Norton and Company, 2010, p. 327.
  2. ^ Gilgoff، Dan (12 فبراير 2009). "Abraham Lincoln's Religious Uncertainty". يو إس نيوز آند وورد ريبورت. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2019-07-13. Since his assassination the following month, Christian believers and secular freethinkers have tried to claim him as one of their own. But Lincoln was neither.
  3. ^ Mary T. Lincoln to James Smith, June 8, 1870, in Robert J. Havlik, "Abraham Lincoln and the Reverend Dr. James Smith: Lincoln's Presbyterian experience of Springfield", Journal of the Illinois State Historical Society (Autumn, 1999) online. نسخة محفوظة 2015-10-16 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ Reed، James A. (يوليو 1873). "The Later Life and Religious Sentiments of Abraham Lincoln". Scribner's Monthly. ج. 6 ع. 3: 339. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-02-20. Quoting Phineas Gurley.
  5. ^ Reed، James A. (يوليو 1873). "The Later Life and Religious Sentiments of Abraham Lincoln". Scribner's Monthly. ج. 6 ع. 3: 340. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-02-20. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة) Noah Brooks to J.A. Reed, December 31, 1872.
  6. ^ Steiner، Franklin (1936). "Abraham Lincoln, Deist, and Admirer of Thomas Paine". Religious Beliefs of Our Presidents. مؤرشف من الأصل في 2010-06-13. اطلع عليه بتاريخ 2010-05-31.
  7. ^ "Abraham Lincoln Online". مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-05-31.
  8. ^ Mark A. Noll (1992). A History of Christianity in the United States and Canada. Wm. B. Eerdmans. ص. 321–322. ISBN:9780802806512. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06.
  9. ^ "Says Record Shows Lincoln A Baptist" (PDF). New York Times. 31 أكتوبر 1921. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-12-07. اطلع عليه بتاريخ 2010-02-20.
  10. ^ Murr، J. Edward (2022). "Kentucky Childhood". في Claybourn، Joshua (المحرر). Abraham Lincoln's Wilderness Years: Collected Works of J. Edward Murr. Bloomington: Indiana University Press. ص. 64. ISBN:9780253062697. مؤرشف من الأصل في 2022-10-12. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-09. The purpose and aim of [certain writers] was to show that Catholic teaching and Catholic influence early in Lincoln's life made for certain later attitudes.
  11. ^ Donald، David Herbert (1995). Lincoln. New York: Touchstone. ص. 48. مؤرشف من الأصل في 2022-04-08.
  12. ^ Noll، Mark A. (1992). "The Ambiguous Religion of President Abraham Lincoln". مؤرشف من الأصل في 2010-05-05. اطلع عليه بتاريخ 2010-04-11.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: مسار غير صالح (link)
  13. ^ Radicals in Their Own Time Michael Anthony Lawrence - 2010 p. 69 نسخة محفوظة 2023-02-06 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ Guelzo، Allen C. (1997). "Abraham Lincoln and the Doctrine of Necessity". Journal of the Abraham Lincoln Association. ج. 18 ع. 1. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-02-20. 29 pars.
  15. ^ Donald، David Herbert (1995). Lincoln. New York: Touchstone. ص. 74. مؤرشف من الأصل في 2022-04-08.
  16. ^ Barton، William Eleazar (1920). "XII". The Soul of Abraham Lincoln. ص. 150. ISBN:9780252072918. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06. اطلع عليه بتاريخ 2010-02-20.
  17. ^ Herndon، William H.؛ Weik، Jesse W. (1 يناير 2009) [1889]. "XIV". Herndon's Lincoln: A True Story of a Great Life. New York: Cosimo, Inc. ص. 439-440. ISBN:9781605207285. مؤرشف من الأصل في 2022-10-09. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-09.
  18. ^ Rufus Rockwell Wilson (1946). Lincoln's First Years In Illinois, The Primavera Press, Inc, NY. pp.51-53.
  19. ^ Noll، Mark A. (1992). "The Puzzling Faith of Abraham Lincoln". مؤرشف من الأصل في 2023-02-20. اطلع عليه بتاريخ 2013-06-23.
  20. ^ James Lander (2010). Lincoln and Darwin: Shared Visions of Race, Science, and Religion. Southern Illinois University Press. ص. 53. ISBN:9780809329908. مؤرشف من الأصل في 2023-02-06.